استباحة الحرم الجامعي.. غضبٌ ونداءٌ للاستيقاظ الوطني
صدمتنا جامعة دمشق- وليس فقط لأن ثلاثة مسلحين اقتحموا مكتب عميد كلية الآداب الدكتور علي اللحام يوم الأحد 12 تشرين الأول، بل لأن داخل الحرم الجامعي صار السلاح حلّاً للخلافات الأكاديمية، والقنبلة التي لم تنفجر قد تكون إنذاراً بأن انفجاراً قادماً لا يقتصر على زخرفة الخبر.
دخلوا من أبواب الجامعة، اقتحموا المكتب بحضور رئيسة قسم اللغة الإنكليزية الدكتورة أماني فاخرة، وهددوا بالسلاح ورموا قنبلة- كل ذلك نتيجة خلاف بين طالبة مرشحة للدكتوراه ومشرفها حول تعديل رسالة، بحسب ما قيل، هل هذا مشهد من بلدة منكوبة أم من مؤسسة مسؤولة عن تربية العقول؟!
لا يمكن للمرء أن يقرأ الحادثة إلا كدليلٍ دامغٍ على انهيار منظومة القيم وحالة العجز الأمني: أبواب الجامعة بلا حراسة، عناصر أمن غائبون أو غافلون، وحياة آلاف الطلاب والكادر في مهبِّ الإهمال. وكلّما حاولت الجهات الرسمية الاكتفاء بالتصريحات والاستنكار، يتعمق اليأس: استنكار لا يلمع، لا يحمي، ولا يعيد لساحات العلم هيبتها.
هذه ليست مجرّد جريمة جنائية- إنها إدانة اجتماعية: مجتمع يلجأ إلى السلاح لحل خلاف علمي فقد أدواته الأخلاقية.
إنها دعوة للقلق الخالص عندما تصبح الجامعات مَيداناً للصراعات، بدلاً من أن تكون ملاذاً للحوار والتفكير النقدي.
النتائج؟ طلاب خائفون، كادر منهك، ثقة مهزوزة، وهجرة أكاديمية جديدة قد تبدأ غداً.
والمأساة أكبر: الأسوار التي يفترض أن تحمي الجامعات صارت سوقاً شعبية، وأحداث مشابهة- من استهداف كوادر في حلب إلى اشتباكات داخل السكن الجامعي- تؤكد أن المشكلة بنيوية وليست حادثة عابرة.
نطالب بما يلي بصوتٍ عالٍ وغاضبٍ ولكن سلمي ومحِقٍ:
- محاسبة فورية لكل ثغرة أمنية.
- إعادة نظام الحراسة والتفتيش داخل الجامعات فوراً.
- إجراءات صارمة لمنع حمل السلاح.
- برنامج وطني لإعادة هيبة الحرم الجامعي يستعيد مكانته كمقدمة لأي مستقبل ممكن.
- هذه ليست رفاهية؛ هي ضرورة وطنية.
فإذا بقي الصمت الرسمي والنفسي مستمِراً، فسنشهد مزيداً من الانهيار- ليس فقط للمؤسسات، بل لمستقبل بلد يحتاج إلى علمه وحرماته. الجامعات خط أحمر؛ من يعبث به لا يخون العلم وحسب، بل يخون الوطن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1248