خطة المركزي بين النظرية والواقع... السوق الموازية تهدد استقرار الليرة
استناداً إلى تصريحات حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية لصحيفة الشرق الأوسط، فقد أعلن عن خطة تهدف إلى استقرار الأسعار والحفاظ على قيمة الليرة، بالتوازي مع خلق بيئة مالية تدعم النمو الاقتصادي. لكن التصريحات، رغم طموحها، تتجاهل واقع الاقتصاد السوري الذي تهيمن عليه السوق الموازية والاقتصاد غير الرسمي، مما يجعل أي سياسات نقدية تقليدية غير فعالة ومؤهلة للفشل.
السوق الموازية والاقتصاد غير الرسمي
الواقع أن سعر الصرف يُحدد أساساً خارج سيطرة المركزي، في السوق الموازية.
فحجم الاقتصاد غير الرسمي وتداول النقد خارج النظام المصرفي يجعل أدوات البنك المركزي مثل معدلات الفائدة وإدارة النقد أدوات نظرية أكثر من كونها عملية.
فقدان الثقة ونقص السيولة
القيود على السحب وحجب السيولة، بدلاً من حل المشكلة، تعمّق أزمة الثقة بالقطاع المصرفي وتزيد الاعتماد على السوق الموازية، بينما التمويل الإنتاجي متوقف تقريباً.
وأي محاولة لضبط التضخم أو استقرار الأسعار ستظل محدودة التأثير ما لم يُعاد الثقة بالقطاع المصرفي بشكل عاجل.
التضخم وأدوات المواجهة
جهود المركزي لمواجهة التضخم عبر إدارة النقد والسياسات الرقابية للأسواق لا تتعامل مع الأسباب الحقيقية، مثل الطلب على الدولار والتجارة غير الرسمية، مما يجعل التضخم مستمراً ومتعاظماً.
الإصلاحات المستقبلية... حلول بعيدة المدى
الحديث عن طباعة العملة الجديدة، تحديث الأطر التشريعية، وتطوير الدفع الإلكتروني خطوات إيجابية، لكنها لن تؤثر على الأزمة الحالية في غياب سيولة وثقة فعلية في النظام المصرفي.
الإنتاج الحقيقي... الركيزة الحقيقية لقيمة النقد
استقرار العملة لا يتحقق عبر ضبط السياسات المالية فقط، أو التنسيق مع وزارة المالية، بل يعتمد أساساً على الإنتاج الحقيقي والقدرة الإنتاجية للاقتصاد.
إعادة النظر الكامل في السياسات الاقتصادية ضرورة، لدعم القطاعات الإنتاجية، وتحسين القدرة التصديرية، وتشجيع الاستثمار في مشاريع تنتج سلعة أو خدمة حقيقية، وهذا هو السبيل الوحيد لتعزيز الليرة وتقليل التضخم.
متطلبات الاستقرار الحقيقي
تصريحات المركزي تمثل رؤية استراتيجية على الورق، لكنها تتجاهل العوامل الواقعية التي تتحكم في سعر الليرة.
الاستقرار الحقيقي يتطلب إعادة الثقة بالقطاع المصرفي، وتنشيط التمويل الإنتاجي، والتعامل الجاد مع السوق الموازية، والتركيز على الإنتاج الحقيقي كحامل لقيمة النقد.
إن الاستمرار في الاقتصار على التنسيق المالي التقليدي مع وزارة المالية دون إصلاح شامل سيبقي السياسة النقدية السورية محكومة بالفشل والليرة رهينة السوق الموازية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1245