مشروع القانون المالي الجديد... تخفيف عن الموازنة وأعباء على المواطن
أعلن وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، بتاريخ 27 آب 2025 عبر حسابه على منصة «لينكد إن»، عن إنجاز إعداد مشروع القانون المالي الأساسي الجديد الذي سيحل محل القانون المالي الأساسي رقم 54 لعام 2006، متضمناً جملة من الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف تعزيز الشفافية- تحسين كفاءة الإنفاق- وضبط الدين العام.
ومن بين أبرز ما ورد في التصريح، منح استقلالية مالية وإدارية للمؤسسات الاقتصادية العامة والوحدات الإدارية والوقفية، بحيث لا تُلزم وزارة المالية بعد الآن بتغطية عجز هذه الجهات، مع الاكتفاء بدور إشرافي من خلال إلزامها بتقديم تقارير دورية.
تفسير هذا التوجه عملياً
هذه الخطوة تعني أن المؤسسات الاقتصادية (مثل شركات الكهرباء والمياه والنقل و ...) والوحدات الإدارية (المحافظات- البلديات) ستصبح مسؤولة عن تأمين إيراداتها وتغطية كامل نفقاتها ذاتياً، دون الاعتماد المباشر على الدعم المالي من الموازنة العامة.
بمعنى آخر، على هذه الجهات أن تبحث عن وسائل تمويل بديلة ومستدامة، إما عبر تحسين إدارة مواردها أو زيادة أسعار الخدمات والرسوم لتعويض أي عجز.
وهذا يعني بالنتيجة تراكم جملة من السلبيات على مستويات متعددة.
الانعكاسات السلبية المتوقعة على مستوى الخدمات العامة
قد تلجأ الوحدات الإدارية إلى تقليص حجم المشاريع الخدمية، أو تأجيلها بسبب نقص التمويل.
تفاوت نوعية الخدمات بين منطقة غنية قادرة على تمويل نفسها وأخرى فقيرة تعتمد على موارد محدودة، ما يخلق فجوة تنموية واضحة.
احتمالية تراجع جودة البنية التحتية (الطرق- الإنارة- الصرف الصحي...) نتيجة ضغط النفقات.
الانعكاسات السلبية على مستوى الأسعار والتكاليف
المؤسسات الاقتصادية العامة ستسعى إلى رفع أسعار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات و ... لتعويض خسائرها.
إلغاء أو تخفيض الدعم الحكومي تدريجياً سيؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة على المواطن، خصوصاً في ظل ضعف القدرة الشرائية.
احتمال فرض رسوم إضافية من قبل الوحدات الإدارية لتأمين مواردها الذاتية، ما يزيد الأعباء المباشرة على الأسر.
الانعكاسات السلبية على مستوى المواطن والمجتمع
المواطن سيكون المتحمل الأول لأعباء هذا التوجه، سواء عبر ارتفاع أسعار الخدمات أو تراجع جودتها.
كذلك فإن هذا التوجه قد يعمق الفجوة الاجتماعية بين الفئات القادرة على تحمل الأعباء والفئات الأضعف، ما يهدد مبدأ العدالة الاجتماعية.
غياب آليات الحماية الاجتماعية مصدر ضغط إضافي
مشروع القانون المالي الجديد قد يكون خطوة إصلاحية على صعيد ضبط الموازنة وتعزيز الاستقلالية المالية كما يروج له، لكنه في الوقت ذاته ينقل عبء العجز من الدولة إلى المؤسسات والوحدات المحلية، وبالتالي إلى المواطن بشكل مباشر.
ومن دون وجود آليات حماية اجتماعية مثل دعم مباشر للفئات الأكثر هشاشة أو سياسات تسعير تراعي القدرة الشرائية، ستتحول هذه الإصلاحات إلى مصدر ضغط إضافي على الحياة المعيشية، بدل أن تكون مدخلاً لتحسين الكفاءة والاستدامة المالية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1241