أول شحنة نفط خام سوري بعد رفع العقوبات... بداية جديدة أم فرصة ضائعة؟

أول شحنة نفط خام سوري بعد رفع العقوبات... بداية جديدة أم فرصة ضائعة؟

في أواخر آب 2025، غادرت أول شحنة نفط خام سوري مرفأ طرطوس باتجاه مصافي إيطاليا، وذلك بعد أكثر من عقد من توقف الصادرات، رسمياً، بسبب العقوبات الأوروبية والأمريكية. هذه الخطوة اعتُبرت حدثاً اقتصادياً وسياسياً بارزاً، إذ فتحت الباب أمام عودة سورية إلى الأسواق العالمية كمصدر للنفط الخام.

لكن أليس من الأفضل تكرير النفط محلياً، وتصدير بعض منتجاته المكررة، بدلاً من تصديره خاماً، وهل الإمكانية الفنية متاحة لذلك؟

ماذا يعني تصدير النفط الخام؟

تصدير النفط الخام يوفر سيولة سريعة للدولة، ويسمح بالاستفادة المباشرة من ارتفاع أسعار السوق العالمية. ومع ذلك، يبقى النفط الخام منتجاً أولياً منخفض القيمة المضافة مقارنة بالمنتجات المكررة، مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات، والتي تباع عادة بسعر أعلى وتلقى طلباً أكبر، خاصة في الأسواق الأوروبية القريبة.

البديل... تحديث مصفاة بانياس

بدلاً من استمرار الاعتماد على تصدير النفط الخام فقط، يمكن لسورية أن تضيف قيمة أكبر من خلال تحديث مصفاة بانياس، التي تعمل منذ السبعينيات بطاقة 130 ألف برميل يومياً.

حالياً، تنتج المصفاة بشكل أساسي فيول ومازوت عالي الكبريت، وهي منتجات منخفضة القيمة والجودة، مع عدم تمكن المصفاة بوضعها الفني الحالي من تكرير بعض أنواع النفط الخام مرتفع الكبريت.

وبحسب بعض الفنيين يمكن إضافة بعض الوحدات للمصفاة بوضعها الراهن، بكلفة استثمار وسطية ملياري دولار، مع الاستفادة من البنية التحتية المنجزة واللوجستيات المتوفرة، وبهذا تتمكن فنياً من تكرير النفط الخام عالي الكبريت، وهي:

  • وحدات إزالة الكبريت، لتحويل الديزل والبنزين إلى منتجات نظيفة مطابقة للمواصفات الأوروبية.
  • وحدة «هيدروكراكر»، لتحويل الفيول الثقيل منخفض القيمة إلى ديزل وبنزين عالي الجودة.
  • وحدات معالجة الغازات الكبريتية، للحد من الانبعاثات الملوثة.

الفوائد الاقتصادية

يمكن تلخيص الفوائد الاقتصادية، بحال الاستثمار بإنشاء وحدات التكرير والمعالجة أعلاه، بالنقاط الآتية:

  • رفع القيمة المضافة للبرميل السوري بمعدل 5–10 دولارات، حسب متغيرات السعر العالمي.
  • إمكانية استرداد كلفة التحديث (1,5–3 مليارات دولار) خلال مدة 5–8 سنوات كحد أقصى.
  • تلبية جزء كبير من احتياجات السوق المحلية من البنزين والديزل النظيف، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

أهمية الاستثمار بتحديث مصفاة بانياس

تصدير أول شحنة نفط خام سوري بعد رفع العقوبات قد يمثل خطوة مهمة نحو إعادة دمج الاقتصاد السوري في السوق العالمية. لكن الاكتفاء باستمرار بيع النفط الخام سيحرم البلاد من فرص أكبر.

فالاستثمار في تحديث مصفاة بانياس يعتبر من الاستثمارات المربحة (استرداد الكلفة خلال 5 سنوات)، سيتيح إنتاج منتجات عالية الجودة للتصدير والاستهلاك المحلي، ما يعزز العائدات الاقتصادية ويمنح قيمة مضافة أكبر على المدى المتوسط، ويوطن تقانة حديثة مع تشغيل وتطوير الكفاءات والخبرات المحلية، بالإضافة إلى فرص العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1241