شراكة سورية - سعودية لتحلية مياه البحر... الآفاق والتحديات
سارة جمال سارة جمال

شراكة سورية - سعودية لتحلية مياه البحر... الآفاق والتحديات

يتكرر الحديث منذ عقود حول إمكانية تحلية مياه البحر، كأحد الحلول لأزمة المياه المزمنة، إلا أن المشروع لم يرَ النور وبقي حبيس الأدراج. ولكن في 23 من آب أعيد إحياء الفكرة خلال اجتماع وزير الطاقة محمد البشير مع رئيس مجلس إدارة شركة «أكوا باور» السعودية.

ورغم أن الحديث عن المشروع لا يزال شفهياً بين الطرفين، إلا أن التعاون مع الشركة السعودية، أمام الشح المائي والجفاف الذي تعاني منه سورية، قد يشكل فرصة نحو الدفع بمشروع قديم إلى التنفيذ باعتباره من المشاريع الاستراتيجية.

ولكن كغيره من المشاريع والمقترحات التي تطرحها الحكومة الانتقالية تبرز في مقابله تساؤلات ومخاوف مشروعة.

أهمية المشروع

يقدم المشروع العديد من الإيجابيات التي تجعله حلاً معقولاً على المدى الطويل لمواجهة التحديات المائية، ويمكن تلخيصها بالنقاط الآتية:

  • توفير مصدر للمياه، يقلل الاعتماد على المياه الجوفية ويحدّ من حفر الآبار التي تستنزف مصادر المياه.
  • تتيح التقنيات الحديثة في مجال تحلية المياه من إنتاج مياه صالحة للشرب والزراعة والصناعة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
  • خلق فرص عمل في مجالات عدة من ضمنها الإنشاء والتشغيل والصيانة.
  • المساهمة في جذب الاستثمارات؛ ففي ظل التقدم التكنولوجي المستمر، أصبحت تكاليف تحلية المياه تنافسية، ما يجعلها خياراً اقتصادياً مجدياً.

التحديات

يواجه مشروع بهذه الضخامة تحديات جوهرية، حالَ بعضها دون تنفيذ المشروع في سنوات سابقة. إذ تتطلب مشاريع تحلية المياه استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتقنيات المتطورة. كما أن عمليات الضّخ والمعالجة والنقل تحتاج إلى كميات استهلاك كبيرة من الطاقة، ما قد ينعكس على التكاليف التشغيلية للمحطات.

تتطلب هذه التحديات إيجاد آليات تمويل مبتكرة، ومن هنا يمكن الاستفادة من هذه الشراكة لتغطية العجز الداخلي في تنفيذ مشاريع استراتيجية عالية الكلفة.

السيادة... أولوية وضرورة

تحتاج إدارة مشاريع استراتيجية إلى حنكة ودراية فائقتين لضمان ألّا تتحول هذه الشراكات إلى قيود على السيادة، فالتعاون مع شركة «أكوا» أو غيرها، يتطلب تبني مقاربة شاملة، من ضمنها:

  • الحفاظ على الملكية الكاملة للمنشآت الحيوية المرتبطة بمشروع تحلية المياه، والسيطرة على موارد المياه، لضمان تحكم الدولة في الإنتاج والتوزيع.
  • إبرام عقد وطني لا يضع الدولة في موقف تبعية تقنية أو مالية، وتحديد جداول زمنية للتنفيذ ملزمة.
  • أن تفرض العقود التزاماً واضحاً بنقل المعرفة والتقنيات المتطورة إلى الكوادر الوطنية، على ألّا يقتصر على الجوانب التقنية والفنية، بل يشمل الجوانب الإدارية والتشغيلية والصيانة.
  • الشفافية المطلقة في جميع مراحل التفاوض وتعزيز ذلك برقابة تمثيلية شعبية مستقلة.

التحلية غير كافية

رغم أن تحلية مياه البحر قد تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الأمن المائي، إلا أنها تبقى غير كافية لسد الحاجات المستقبلية، ما يتطلب خطة وطنية مستدامة وشاملة لإدارة الموارد المائية، ورؤية تضع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات ضيّقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1241