حرائق سهل الغاب واللاذقية... خسائر زراعية وبيانات متفرّقة
التهمت الحرائق خلال شهر آب 4,000 هكتار جديد في سهل الغاب، بالإضافة إلى 1,500 هكتار نتيجة حرائق سابقة هذا العام.
وقد كشف عبد العزيز القاسم، المدير العام للهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، أن إجمالي عدد الأشجار المتضررة في مناطق سلحب وعين الكروم وشطحة في سهل الغاب، بلغ 74,195 شجرة مثمرة.
أما في الساحل فكانت البيانات معكوسة، إذ ذكرت وزارة الزراعة أن الحرائق طالت 2,152 هكتاراً من الأراضي الزراعية، من مجمل 16,000 هكتار بحسب تصريحات وزارة الطوارئ، ولم تقدم بيانات حول عدد الأشجار المثمرة المتضررة.
غياب الإحصاءات الدقيقة
إذا افترضنا أن الكثافة الزراعية متقاربة بين المنطقتين، حيث متوسط كثافة الأشجار في سهل الغاب تصل عادة إلى 200 شجرة مثمرة في الهكتار، يمكننا احتساب عدد الأشجار المثمرة المتضررة في الساحل، وفق المساحة التي ذكرتها وزارة الزراعة، أي 2,152 × 200 = 430,400 شجرة.
وهذا الرقم تقديري، وقد يكون أعلى بكثير، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الكثافة الزراعية لأشجار الزيتون قد تصل إلى 1,600 شجرة للهكتار، وعندها يصبح الحديث عن خسائر بملايين الأشجار المثمرة!
أعباء فترة التعافي
مضى أكثر من خمسين يوماً منذ اندلاع موجة الحرائق التي ضربت الساحل ومناطق في ريف حماة، وأحد أبرز التحديات يتمثل في الزمن اللازم للتعافي. فعلى سبيل المثال، تحتاج أشجار الزيتون، التي تعد محصولاً استراتيجياً، إلى فترة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات كي تعود إلى طاقتها الإنتاجية الكاملة. أما الحمضيات والتفاح، فتحتاج إلى فترة أقصر نسبياً.
هذه الفترة الزمنية الطويلة تعني حرمان المزارعين من مصدر دخل رئيسي لمدة عقد أو أكثر، مما يضع أعباء اقتصادية كبيرة عليهم وعلى عائلاتهم، وبالتالي على السوق المحلي.
تراكم الخسائر
تبدأ أشجار الحمضيات بالإثمار من السنة الثالثة إلى الخامسة بعد الزراعة، وتصل مرحلة النضج الكامل في 10 سنوات، حيث تنتج الشجرة الواحدة نحو 150 كيلوغراماً سنوياً. وإذا افترضنا أن إنتاج الشجرة بشكل مستقر هو 100 كيلوغرام، فالإجمالي المتوقع خسارته من الإنتاج المستقبلي 500 كيلوغرام.
وتشير المعطيات إلى أن تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الحمضيات تصل إلى 3000 ليرة، في حين يتراوح سعر بيعها في أسواق الهال ما بين 4000 إلى 6000 ليرة وفقاً للنوع. يُضاف إلى ذلك عمولة 10%، وغيرها من تكاليف تعبئة ونقل وسماد. وبالتالي تقدر قيمة خسارة المزارعين حتى معاودة الأشجار عجلة الإنتاج بشكل مستقر عن كل شجرة حمضيات واحدة ما يقارب 1,500,000 ليرة، فكيف على مستوى هكتار واحد؛ أي ستفوق الخسارة 300 مليون، على مدار السنوات الخمس التي تمثل الفترة الوسطية لإعادة الإنتاج.
ورغم ضيق الهامش بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع الذي يشكل ضغطاً كبيراً على المزارعين، فاليوم وبعد الحرائق التي طالت أراضيهم، يشكل غياب الدعم الحكومي، على الأقل في تغطية تكاليف النقل أو السماد، وتوفير شتلات مجانية أو بأسعار مدعومة، أزمة مضاعفة.
كارثة متعددة الأبعاد
فقد أكثر من 14,000 شخص مصدر رزقهم في الساحل بحسب الأمم المتحدة، وتضرر في سهل الغاب 1,590 مزارعاً؛ هذه الأرقام تحمل في طيّاتها قصصاً مأساوية وعواقب تتجاوز الخسائر المادية لتطال النسيج الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على حد سواء.
وسيمتد هذا التأثير على الأمن الغذائي الذي يعد اليوم في أسوأ حالاته، ويهدد أكثر من 16 مليون شخص وفق الأمم المتحدة.
فلم تعد الحرائق اليوم مجرد كوارث طبيعية، بل نتيجة لتراجع النظام الوقائي، وغياب الإرادة السياسية في وضع خطط للطوارئ، والاستجابة السريعة، والتي هي من حق السوريين وليست منّة من أحد. في حين لا تزال الدولة غائبة في إطار دعم وتعويض المتضررين من الحرائق بشكل مباشر، مما يشير إلى قصور السياسات الحالية في التعامل مع تداعيات الكارثة على المستويين الفردي والمجتمعي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1241