بلوكة المصاري ولا بلوكة القهر؟
«ليس من المعقول أن يصطحب المواطن معه بلوكة– أي كمية كبيرة من النقود– إذا أراد الذهاب إلى المطعم»
هيك نُقل عن حاكم مصرف سورية المركزي... وكأنو همّ المواطن السوري اليوم كيف بده يشيل مصاري ويفوت عالمطعم!
وبغض النظر عن مصداقية العبارة المنقولة والمتداولة... وبدون الشخصنة بالموضوع بس يمكن الفكرة منها بتحتاج ينحكى عنها شوي... لأن المواطن المفقر من الغالبية صار سنين ما عاد يشوف مطعم إلا إذا كان عامل فيه.
اليوم سندويشة فلافل صارت بدها ميزانية... وكاسة شاي بمقهى صارت «ترف».. مو لأنو الناس بطّلت تحب تاكل أو تغيّر جو... لأ… لأنو جيبتها فاضية متل البلد.
القصة مو قصة ورق ولا أصفار... القصة إنو الليرة كانت انعكاس لقوة بلدها... والإنتاج هو اللي بيحميها.
اليوم وين الإنتاج؟ وين المصانع؟ وين الزراعة اللي كانت تطعم المنطقة كلها؟
اليوم الفلاح عم يترك أرضه لأنو ما عم يغطي تكاليفه... والمعامل إما مسكّرة أو شغّالة بنص طاقتها... يعني العملة ما إلها ظهر تسند عليه.
وغير الإنتاج... في البطالة... شوارع مليانة شباب قاعدين بلا شغل... عم يدوروا على أي فتات فرصة.
ناس عم تتخرج من الجامعات لتلاقي حالها صف عاطلين... وبدل ما الدولة تخلق فرص وتستثمر بقدرات الناس... عم تتركهن يهاجروا أو يضيعوا بالفراغ.
كيف بدك عملة قوية... إذا اقتصادك نايم وشعبك بلا شغل؟
هون بقى بيجي السؤال: وين الدولة؟ وينها من حماية العملة وقيمة المعيشة؟
الدولة اللي مفروض تزرع وتنتج وتشغّل وتحمي المواطن... اختفت... ما عاد إلها حضور غير بقرارات ورقية... وكل مرة نفس السيناريو: يطبعوا عملة جديدة... يلمعوا الحكي... والنتيجة تضخم جديد وغلا أكبر.. والفقير هو اللي بيدفع التمن.
فيا سادة اللي بتناسبكم هيك عبارة... وبتعبر عن جزء من معاناتكم كنخب ثرية... بتعرفوا المثل اللي بيقول: «الجمل ما بشوف عوجة رقبتو»!
إنتو عم تحكوا عن بلوكات مصاري ومهمومين فيها... بينما الحقيقة إنو المواطن ما عاد عندو مصاري ليشيلها... عم تحكوا عن مطاعم... بينما المواطن مطعمو الحقيقي هو ربطة خبز إذا لقاها.
البلوك اللي شايفينو بعيونكن «مصاري كتيرة» صار بالنسبة للناس بلوك قهر... بلوك بطالة... بلوك انعدام أمل.
وإذا العملة انعكاس لقوة الدولة... فغياب الدولة هو اللي خلّاها تنهار.
المواطن اليوم ما ناقصو ورقة جديدة ولا شكل جديد لليرة... ناقصو دولة حقيقية توقف معه... ناقصو شغل يطعميه من تعبه... إنتاج يخلق قيمة حقيقية... وعدل يحميه من الجوع والذل.
وإذا بتفكروا إنو «الأصفار» هي المشكلة... الحقيقة إنو الأصفار مو عالورق... الأصفار صارت بالسياسات اللي عم تحكم الناس... وبالوعود الفارغة اللي صارت أثقل من أي بلوكة مصاري.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1240