من يحاسب الحكومة على مخالفة مرسوم زيادة الرواتب؟
خيبة أمل جديدة عاشها موظفو القطاع العام والمتقاعدون في سورية مع صدور رواتب شهر آب 2025. فبعد أسابيع من انتظارهم الطويل، كانوا يظنون أن الحكومة ستصرف لهم زيادة شهر تموز المتأخرة مع رواتب شهر آب، تطبيقاً للمرسوم التشريعي الصادر بتاريخ 19 حزيران 2025 والقاضي بزيادة الرواتب بنسبة 200% اعتباراً من 1 تموز.
لكن المفاجأة كانت صادمة، فالزيادة صُرفت عن شهر آب فقط، وتم تجاهل حق شهر تموز بالكامل!
مخالفة صريحة للمرسوم وخيبة أمل شعبية
الموظفون انتظروا بصبر أن تعوضهم الحكومة عن التأخير، على أمل أن تُصرف زيادتا تموز وآب معاً. لكن حين قبضوا رواتبهم الجديدة، اكتشفوا أن زيادة تموز تبخرت بلا أثر، ما اعتبره كثيرون ابتلاعاً رسمياً لحق مكتسب نص عليه المرسوم.
فالمادة السابعة من المرسوم كانت واضحة: تطبيق الزيادة اعتباراً من الشهر الذي يلي صدور المرسوم، أي اعتباراً من شهر تموز.
لكن ما جرى على الأرض خالف هذا النص صراحة بالنقاط الآتية:
- الزيادة صُرفت لشهر آب فقط.
- الحق بزيادة شهر تموز ضاع على أصحاب الأجور بلا تعويض ولا تفسير رسمي.
- الأمل بتدارك الخلل خاب تماماً بعد البدء بصرف رواتب شهر آب.
التعليمات التنفيذية ليست مبرراً لهضم الحقوق
وزارة المالية لم تُصدر أي بيان يوضح سبب هذا الانحراف عن المرسوم. كل ما تردد كان مجرد ذرائع تقنية وإدارية حول تحديث الجداول وتأخر التعليمات التنفيذية.
لكن هذه الأعذار والذرائع لا يمكن أن تُلغي الحقوق.
فالمرسوم أعلى من أية تعليمات تنفيذية، وأي تأخير يجب أن تتحمله الحكومة لا المواطن، والسكوت عن عدم صرف زيادة شهر تموز يعني هضم حق أصحاب الأجور.
هذا الواقع يعني ببساطة أن الحكومة خالفت المرسوم عملياً، وألقت بكلفة التأخير على أصحاب الأجور بدلاً من أن تتحمل هي مسؤولية أي خلل إداري أو تقني.
غضب يتصاعد وصمت رسمي يضاعف الاحتقان
في الشارع، يزداد الشعور بالظلم. فالموظفون والمتقاعدون الذين ينتظرون رواتبهم بالكاد لتغطية أبسط احتياجاتهم، يرون أن ما جرى إجحاف فاضح، حيث خسروا زيادة شهر كامل كانوا يعولون عليها وسط موجة غلاء خانقة، بل إن بعضهم كان قد استلف مقدار الزيادة على أمل تسديدها عن استلامها.
وكذلك تراجعت الثقة بمؤسسات الدولة مع الإخلال بتطبيق المرسوم، وما زاد الطين بلّة أن الصمت الرسمي ضاعف الغضب وأكد الانطباع بأن المواطن دائماً الحلقة الأضعف.
إن تجاهل صرف زيادة شهر تموز لا يمكن اعتباره خللاً فنياً بسيطاً، بل مساساً مباشراً بحقوق نص عليها المرسوم.
والمطلوب اليوم واضح وبسيط:
- توضيح رسمي وفوري لأسباب المخالفة.
- صرف التعويض العاجل بمقدار زيادة شهر تموز.
- توجيه الإدارات المالية لاستدراك الخلل وضمان عدم تكراره.
تموز ليس شهراً يمكن شطبه من دفاتر الرواتب أو من الروزنامة المالية للحكومة. وما لم تُعالج هذه المخالفة سريعاً، فإن الرسالة التي تصل إلى الموظفين والمتقاعدين هي أن حقوقهم قابلة للتجاهل، والمراسيم يمكن تجاوزها، والمواطن وحده من يدفع الثمن.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1237