الكهرباء في اللاذقية... وعود حكومية متكررة ومعاناة متزايدة مع الأمبيرات
في ظل التدهور المستمر في قطاع الكهرباء في سورية، تتكرر الوعود الحكومية بتحسين ساعات التغذية دون أي انعكاس فعلي على أرض الواقع. فمع اقتراب شهر رمضان الفائت، جددت حكومة المرحلة الانتقالية وعودها بزيادة ساعات الكهرباء اليومية لتتراوح بين 6 إلى 8 ساعات، لكن الواقع في محافظة اللاذقية، كما في غيرها، بقي على حاله، بل ازداد سوءاً، لتبقى هذه الوعود حبيسة التصريحات، تُطلق كل شهرين دون تطبيق يُذكر.
في ظل هذا الواقع، تواصل معاناة المواطنين من الاعتماد القسري على الأمبيرات، التي باتت تشكّل عبئاً ثقيلاً على كاهل العائلات السورية، خاصة مع استمرار ارتفاع أسعار الاشتراك دون أي رقابة تُذكر.
ورغم أن محافظة اللاذقية كانت من آخر المحافظات التي طُبّقت فيها سياسة الأمبيرات، إلا أن معاناة سكانها لا تقل عن باقي المناطق.
فمع تفاقم أزمة الكهرباء وغياب جدول تقنين واضح، بات السكان يعيشون في حالة من عدم الاستقرار، حيث لا توجد ساعات تغذية منتظمة ولا تغطية كافية للاحتياجات الأساسية.
تميزت اللاذقية سابقاً بتنظيم نسبي لعمل الأمبيرات، حيث كانت تخضع لساعات تشغيل شبه موحدة وأجور ثابتة، نتيجة احتكار السوق من قبل شركة واحدة وعدد محدود من المتعهدين. لكن هذا التنظيم سرعان ما انهار مع سقوط السلطة البائدة، لتضع مديرية الكهرباء يدها على معظم الأمبيرات، ما أوحى للشارع بأن الخدمة أصبحت تحت إشراف الدولة، وبالتالي ستكون أكثر عدلاً وأقل تكلفة. إلا أن الواقع كان مغايراً، فتكلفة الأمبيرات بقيت مرتفعة، وأحياناً تماثل أو تتجاوز الأسعار السابقة، رغم غياب المنافسة وغياب الدعم الحكومي الفعلي.
بحسب مستثمري المولدات فإن عدة عوامل أسهمت في ارتفاع الأسعار مجدداً:
- عودة ارتفاع سعر المازوت: فبعد أن انخفض لفترة وجيزة إلى نحو 4000 ليرة سورية، عاد المازوت إلى الارتفاع ليصل إلى أكثر من 12,000 ليرة في السوق الحرة، بعد رفع الحكومة دعمها عن المادة المخصصة لتشغيل الأمبيرات.
- ارتفاع تكلفة الترخيص: فقد باتت تكلفة رخصة تشغيل المولدات مرتفعة جداً، حيث يُطلب من صاحب المولدة دفع 700,000 ليرة لكل متر مربع من المساحة التي تشغلها المولدة، ولمدة ثلاثة أشهر فقط.
- الصيانة الدورية: تتراوح تكاليف صيانة المولدات شهرياً بين مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة، ما يزيد من الأعباء التشغيلية على أصحاب الأمبيرات.
كل هذه التكاليف انعكست مباشرة على المشتركين، ليصل سعر الاشتراك الأسبوعي إلى ما بين 85,000 و100,000 ليرة، وهو مبلغ لا يستطيع كثيرون تحمّله، خاصة مع استمرار البطالة وغلاء المعيشة، ما دفع نسبة كبيرة من السكان إلى التخلي عن اشتراكهم رغم حاجتهم للكهرباء.
ومع انخفاض عدد المشتركين إلى النصف في بعض الأحياء، لجأ أصحاب المولدات إلى رفع الأسعار مجدداً، مبررين الأمر بأنه «لم يعد مجدياً تشغيل المولدات دون تعويض التكاليف». وبحسب أحدهم، فإن الأسعار مرشحة للارتفاع أكثر في ظل غياب الدعم والحلول.
يطالب أصحاب المولدات الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة، تشمل:
- توفير المازوت بالسعر المدعوم أسوة بالأفران.
- تأمين قطع الغيار بأسعار مدروسة.
- إصدار نشرات دورية توضح أسعار وجودة المازوت المتوفر.
- فرض ساعات تشغيل موحدة ومحددة.
من جهتهم، يرى المواطنون أن استمرار الوضع على ما هو عليه يكرّس سياسة «الشرّ الذي لا بد منه»، حيث لا يجدون بديلاً عن الاشتراك في الأمبيرات رغم كلفتها المرتفعة، في ظل تغذية كهربائية لا تتجاوز الأربع ساعات يومياً، مقسّمة على فترات متقطعة تصل إلى 6 ساعات قطع مقابل ساعة واحدة فقط من التغذية.
في النهاية، تبقى مصداقية الحكومة على المحك، ما لم تبادر إلى اتخاذ خطوات فعلية لتحسين الواقع الكهربائي وتخفيف عبء الأمبيرات عن المواطنين، الذين سئموا الانتظار والتصريحات التي لا تتجاوز حد الوعود.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1236