هوية بصرية؟ ولا تمويه بصري؟!
يا جماعة... عن جد... شو عم يصير؟
فجأة وبدون مُقدمات لقينا حالنا غرقانين بحملة «الهوية البصرية الجديدة...» وانتشرت الشعارات واللافتات والألوان والزينة بكل المحافظات... وكأنو فجأة صرنا ببلد تانية!
الميديا اشتغلت ٢٤/٢٤... أغاني وأناشيد... فيديوهات إخراج عالمي... والمذيعين عم يحكوا عن «سورية الجديدة المتجددة... البصرية»
طب حلو... بس خلونا نحكي بصراحة شوي!
يعني معقول نحنا شعب لازم ينبهر بلون الشعار ويفرح بنقشة الجدارية... بينما حياتنا اليومية عم تصرخ وجع؟
من وين نجيب قدرة ننبسط «بهوية بصرية» ولسا ريحة الزبالة بالشوارع معبقة الجو... ولسا الناس عم توقف طوابير عالرغيف... بإذلال وهدر كرامة؟
لسا الصرافات عطلانة... والناس بالباصات فوق بعضها... والتسوّل صار عادي أكتر من السلام عليكم... ولسا التجار عاملين بالناس حفلة استغلال مستمرة وما بتنتهي!
عم تحكوا عن تجميل المشهد العام والهوية البصرية؟
طب ماشي... بس المشهد الحقيقي اللي عم يعيشه المواطن مو هوية ولا تجميل... هو كابوس مزمن!
كل هالإنفاق والبهرجة... وهاد الكم الهائل من الترويج الإعلامي... على شو؟
ع شعار؟
طيب... ماشي مهم الشعار والهوية... بس ليش ما شفنا هالهمة نفسها بتنظيف شارع... بتنظيم سوق... بتأهيل مستشفى؟
ليش ما كانت الهوية الأولى هية كرامة المواطن؟
ليش الهوية الجديدة ما بدأت من الخبز والمواصلات والرواتب والأسواق؟
الهوية البصرية يا سادة ما بتتعلق على جدار أو ع ترويسة الكتب الرسمية وبس... المفروض والأولى انو تنزرع بعين المواطن وقت يشوف حقه راجع... وقت يمشي بشارع نظيف... وقت يوقف عالصراف بكرامة... وقت يشتري خضرة وما يضطر يختار بين البطاطا والبندورة لأنه معاشه ما بيكفي!
في محاولات لتلميع الصورة؟ إيه... واضح...
بس بهيك ظروف... هالمحاولة ما اسمها تجميل... اسمها تجهيل وتأجيل للاستحقاقات!
المواطن مو غشيم... ومو طفل ينضحك عليه ببالون ولون...
المواطن صار عنده مناعة ضد التمويه... وبيشم ريحة الفبركة من أول شريط دعائي!
وإذا كان الهدف من كل هالبهرجة هو «خلق لحظة فرح»؟
منحب نخبركم: لحظة الفرح ما بتصنع هوية... بتصنع نسيان مؤقت مو أكتر...
بس وجع المواطن ما بينتسى... بيفيق معه... وبينام معه... وبيرجع بيلاقيه ثاني يوم واقف ع نفس الدور... وعم يعيد نفس القصة...
ما حدا ضد الفرح... بس الفرح الحقيقي ما بيجي بطلاء حيط... ولا بإنفوغرافيك مهما كان حلو وجميل...
الفرح الحقيقي بيجي وقت المواطن يحس إنو الدولة شايفته... مو عم تحاول تلهيه...
فيا جماعة... الهوية البصرية ما رح تنجح تغطي عالعتمة... ولا رح تغيّر الواقع بمجرد كم لون وخط جديد...
إذا فعلاً بدكن تبنوا «سورية الجديدة» ابدؤوا من الناس... من شوارعهم... من حاجاتهم... من كرامتهم... مو من جدران المباني ومؤثرات المونتاج...
وخلينا نقولها بصوت عالي:
نحنا ما بدنا نحلم... نحنا بدنا نعيش...
بدنا هوية إلها طعمة الكرامة الحقيقية بكل لحظة... مو بس شكل!
بدنا نشوف تغيير فعلي... مو حملة مؤقتة بتنسينا المصيبة... بس لتجيب صورة حلوة للعالم برّا!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1233