أزمة الكهرباء في سورية بين الرهانات المؤقتة والحاجة الملحّة للاعتماد على الذات
يشهد قطاع الكهرباء في سورية تراجعاً حاداً في الإنتاج مع توقف تدفق الغاز القطري عبر الأراضي الأردنية، والذي كان يُعد رافداً مؤقتاً ومهماً لرفع قدرة التوليد الكهربائي في البلاد، الأمر الذي انعكس مباشرة على كمية الكهرباء المنتجة يومياً.
وكشف مصدر في وزارة الطاقة لصحيفة «الوطن» أن «إنتاج الكهرباء انخفض إلى حدود 1600 ميغاواط يومياً بعد انتهاء المنحة القطرية التي استمرت ثلاثة أشهر فقط»، موضحاً أن تلك الكمية كانت قد ساهمت برفع حجم التوليد بأكثر من 400 ميغاواط يومياً خلال الفترة الماضية، ليصل إلى ما يقارب 2200 ميغاواط، ما أعاد الأمل بتحقيق استقرار نسبي في قطاع الطاقة. غير أن توقفه المفاجئ أعاد الأمور إلى المربع الأول، حيث تواجه البلاد حالياً فجوة طاقويّة في انتظار البدائل.
وتزامناً مع هذا التراجع، تتجه الأنظار إلى اتفاق جديد مع الجانب التركي لتزويد سورية بكميات من الغاز الطبيعي تصل إلى 6 ملايين متر مكعب يومياً، عبر خط أنابيب «كلّس– حلب».
وأوضح وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير، عبر تغريدة على منصة ««X، أن «هذا الاتفاق سيسهم في زيادة ساعات تشغيل الكهرباء وتحسين واقع الطاقة في سورية»، مشيراً إلى أن العمل جارٍ حالياً على استكمال تجهيز خط الأنابيب.
من جهته، صرح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان في وقت سابق أن «تدفق الغاز من تركيا إلى سورية من المتوقع أن يبدأ خلال ثلاثة أشهر، عبر ولاية كلّس»، مؤكداً أن خط الأنابيب وصل فعلياً إلى الحدود السورية. ما يعني أن البلاد ستبقى خلال هذا الربع من العام دون أي دعم غازي فعلي، ما يهدد بمزيد من التقنين وانقطاعات الكهرباء.
وبينما تُبذل جهود لتأمين شحنات من مادة الفيول، منها باخرتان يُتوقع أن ترفدا الشبكة بما يقارب 800 ميغاواط يومياً، فإن هذه الحلول تبقى محدودة ومؤقتة، ولا تشكل ركيزة حقيقية لمعالجة الأزمة.
رهان غير مستدام
تسود حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية والخدمية من استمرار الاعتماد على مصادر طاقة خارجية أو منح مؤقتة لا تكفل استقراراً طويل الأمد. ويُنظر إلى الرهان المتكرر على الإمدادات الخارجية على أنه خيار غير مستدام في ظل غياب استراتيجية وطنية متكاملة.
فالرهان المستمر على حلول مؤقتة أو منح مشروطة من الخارج يظل غير مستدام، بل ويزيد من هشاشة المنظومة الطاقوية.
وفي هذا الإطار، يشدد خبراء في الطاقة على أهمية التحول نحو الاعتماد على الذات، عبر الإسراع في إعادة تأهيل محطات التوليد ورفع كفاءتها الإنتاجية، إلى جانب عقود توريد مستقرة للمشتقات النفطية والغازية تضمن استمرارية العمل دون انقطاعات مفاجئة.
كما تبرز الطاقة المتجددة كخيار استراتيجي يجب تسريع الاستثمار فيه، لما توفره من استقلالية وتخفيف للعبء على الشبكة العامة، ولما تمثله من حل مستدام طويل الأمد.
الكهرباء شريان الحياة والإنتاج
لا شك أن الكهرباء تُعد شرياناً حيوياً للحياة اليومية، وقاعدة أساسية لأي عملية إنتاج أو تنمية اقتصادية. ولا يمكن لأي بلد أن ينهض أو يصمد اقتصادياً دون بنية طاقوية مستقلة ومستقرة.
ومع استمرار الانقطاعات والتقنين، تتأثر القطاعات كافة، من الصناعة والخدمات إلى التعليم والصحة، ما يُبرز الحاجة إلى سياسة طاقوية تخرج من دائرة الطوارئ والتجريب، نحو رؤية وطنية استراتيجية تُعلي من قيمة الاستقلال الطاقوي بوصفه أساساً للأمن والاستقرار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1226