من حق الشعب السوري أن يقرر نظامه الضريبي العادل
لا شك أن إعادة هيكلة النظام الضريبي بات حاجة ضرورية وملحة وطنياً، وذلك نتيجة لتخلف المنظومة الضريبية في عهد السلطة الساقطة وتعقد نظامها الضريبي المعمول به، والذي فقد دوره الوظيفي المفترض، سواء من ناحية جباية الأموال لخزينة الدولة أولاً، أو لتحقيقه مبدأ العدالة الضريبية بين المكلفين وإعادة توزيع الثروة بين مختلف شرائح المجتمع ثانياً.
صرح وزير المالية بحكومة تسيير الأعمال محمد أبا زيد بتاريخ 5/1/2024 أنه «خلال الفترة القادمة، لعله على فترة 3 أشهر أو 4 أشهر كحد أقصى، يبصر النور نظام ضريبي جديد يحقق العدالة الضريبية للمكلفين بشكل عام». وقال: «هناك جملة قرارات ضريبية يتم العمل على إعدادها لرفع الأعباء المالية عن كاهل المكلفين وخاصة فيما يتعلق بضريبة الأرباح الحقيقية والدخل المقطوع، ونطمئن أصحاب الفعاليات التجارية والاقتصادية والصناعيين والتجار بأنهم سيلاحظون في الفترة القادمة تحسناً ملموساً في نظام الضرائب مقارنة بما كان معمولاً به أيام النظام البائد».
من المعلوم أن النظام الضريبي المطبق من قبل السلطة الساقطة وضع لمحاباة كبار أصحاب الأرباح، وبالضد من مصالح الغالبية العظمى من السوريين، وبالضد حتى من دور الدولة الوظيفي، حيث استخدم بوصفه أداة أساسية من أدوات الفساد والنهب التي وضعت لضرب وتفريغ جيوب السوريين من الغالبية المفقرة بانحيازه لكبار أصحاب الأرباح والثروة.
ويبدو من حديث وزير المالية أعلاه عن التعديلات الضريبية المرتقبة أنها لن تختلف من حيث الجوهر (المزيد من محاباة كبار أصحاب الأرباح على حساب البقية الباقية من السوريين المفقرين)، فالتطمينات موجهة إليهم فقط، وهذا يتوافق طبعاً مع سياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي التي تتبناها وتسير عليها حكومة تسيير الأعمال الحالية، استكمالاً لنهج السلطة الساقطة بهذا المجال تماماً!
فحكومة تسيير الأعمال الحالية يبدو أنها تستبق الأمور بمهامها وصلاحياتها بما يخص النظام الضريبي والتعديلات المطلوبة والضرورية لإعادته إلى دوره ومهامه المفترضة. فبدلاً من كونه أداة رئيسية تعتمد عليها الدولة كمورد أساسي للمال العام، ومن أجل إعادة توظيف هذه الأموال بما يخدم الصالح العام، وإعادة توزيع الثروة لتخفيف ومواجهة الفوارق الطبقية وتحسين مستويات معيشة الناس، يبدو أنها تسعى لتكريس المحاباة لأصحاب الأرباح مجدداً!
واختصاراً نقول إن التعديلات على النظام الضريبي المطبق من قبل السلطة الساقطة يجب أن تقرها حكومة شرعية تمثل مصالح عموم السوريين والمصلحة الوطنية.
فمن حق السوريين أن يستعيدوا دورهم وحقهم باختيار النظام الضريبي العادل الذي يضمن حقوقهم وحقوق الخزينة العامة بآن معاً، عبر إعادة صياغة القوانين الضريبية واعتماد نظام ضريبي جديد يلبي تطلعات الشعب السوري وقطاعاته وفعالياته الاقتصادية ومصالحه الوطنية، باقتصاد متين وبموارد مالية تُجبى وتوزع بعدالة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1209