مخلفات معاصر الزيتون والحلول المتأخرة!

مخلفات معاصر الزيتون والحلول المتأخرة!

تعتمد الجهات المعنية في مواجهة المشاكل والأزمات المحلية على نظرية خاصة بها، والتي يمكن تسميتها «بنظرية المفاجأة»، أي إنها دائماً تنصدم بوجود المشاكل، بالرغم من استمرار بعضها وتكرار بعضها الآخر دورياً، إلا أنها وفي كل مرة تُفاجأ بها بدلاً من الاستفادة من التجارب السابقة، والقيام بإجراءات وقائية واستباقية من شأنها مواجهة أي مشكلة قبل وقوعها!

المثال العملي الأخير بهذا الشأن هو ما تواجهه محافظة طرطوس هذا العام، كما كل عام طبعاً، من مشكلة عدم التزام معاصر الزيتون بالشروط والتعليمات النافذة فيما يتعلق بالتخلص من مخلفات معاصر الزيتون، وما ينتج عن هذه المشكلة من كوارث بيئية خطيرة، منها مثلاً خروج العديد من مشاريع مياه الشرب في المحافظة عن الخدمة، والتي تلوثت بمياه الجفت، وبالتالي حرمان العديد من القرى والمواطنين من مصادر المياه!

بعد ما وقع الفأس بالرأس!

بعد أن شارف موسم عصر الزيتون على نهايته، و«وقوع الفأس بالرأس» كما يقال شعبياً، وانتشار مخلفات المعاصر في البيئة وتلوث مياه الشرب، تستفيق محافظة طرطوس لمواجهة هذه المشكلة، ولكن بعد حدوثها وبعد البدء بحصاد نتائجها الكارثية!
حيث كلف محافظ طرطوس عضو المكتب التنفيذي المختص بعد الانتهاء من موسم عصر الزيتون بجرد معاصر الزيتون كافة وعلى مستوى المحافظة، والتأكّد من تصميمها لمحطات معالجة مخلفات العصر بحسب ما تعهدت به أثناء حصولها على الترخيص اللازم، وإلا لن يتم السماح لها بالعمل في الموسم القادم، وستحرم من الحصول على مادة المازوت المخصصة لها.
وأكد مدير البيئة في طرطوس الدكتور محمد صالح أن مديرية البيئة تشارك في الكشف على المعاصر ضمن عمل اللجنة المشكلة برئاسة عضو المكتب التنفيذي المختص، بالإضافة إلى قيامها بدورها بشكل عام، مشيراً إلى أن لجنة من البيئة ستقوم بجرد معاصر الزيتون التي تم إعطاؤها موافقة للترخيص بشرط التقيد بإنشاء محطة معالجة لتصريف مياه الجفت (مياه العصر الناجمة عن عصر الزيتون).
هذه الإجراءات تأتي على خلفية ما سببته هذه المعاصر من تلوث بيئي خطِر كما ذكرنا أعلاه، كان من نتائجه توقف ثلاثة مشاريع لمياه الشرب في المحافظة، وهي مشروع مياه الشماميس، مشروع مياه قرقفتي، مشروع مياه تيشور عن الخدمة بسبب تلوثها بمخلفات المعاصر، وذلك بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام.
علماً أن شروط الحصول على الترخيص لمعاصر الزيتون موجودة وواضحة منذ عدة سنوات، وأهم هذه الشروط كما هو موضح على موقع بوابة الحكومة الإلكترونية السورية ما يلي:
أن يتوفر في المكان المراد إقامة المعصرة فيه إنتاج من الزيتون كافٍ لتشغيل المعصرة لمدة ثلاثين يوماً كحد أقصى وحسب الطاقة الإنتاجية على مستوى المنطقة الإدارية.
إنشاء حوض تجميعي كتيم لتجميع مياه عصر الزيتون يستوعب هذه المياه لمدة أسبوع وترحيلها بشكل دوري إلى أماكن التجميع المحددة من قبل الوحدات الإدارية والبيئية ومديريات الزراعة في المحافظة.
تجميع المواد الصلبة (تفل الزيتون) على أرضيات كتيمة وترحيلها بشكل دوري إلى منشآت الاستخلاص أو إلى وحدات تصنيع أخرى.
وبالتالي بحسب هذه الشروط يتعهد صاحب المعصرة بتنفيذ التعليمات بإجراءات التصريف الآمن بما يضمن عدم تلويث الينابيع ومصادر مياه الشرب والمحافظة على البيئة والسلامة العامة، ما يعني أن هذه الإجراءات الافتراضية كان يجب أن تتم وتكون منجزة قبيل بدء موسم عصر الزيتون، للتأكد من أن المعاصر مستوفية للشروط، وبالتالي معاقبة المعاصر غير الملتزمة، سواء بالإغلاق أو بحرمانها من مخصصات المازوت، وبالتالي مواجهة المشكلة قبل حدوثها بما يضمن السلامة البيئية المنشودة أولاً، واستمرار عملية العصر ثانياً!
والحق يقال فقد تم إغلاق عدد من معاصر الزيتون في منطقة دريكيش بسبب عدم التزامها بالشروط والضوابط، لكن ذلك لم يحُل دون وقوع المشكلة في الكثير من المناطق، بسبب عدم تقيد معاصر الزيتون بها بالشروط والتعليمات الخاصة بمخلفات العصر!
بمطلق الأحوال ربما سننتظر موسم عصر الزيتون في العام القادم، عسى تتخذ إجراءات استباقية لإلزام المعاصر بالضوابط والتعليمات، منعاً لاستمرار التلوث البيئي، وإلا سيتم حصاد المفاجأة بمزيد من التلوث الكارثي على المياه الجوفية والأرض والبيئة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1201