فضيحة غير مفاجئة... الحكومة غير معنية بمكافحة الفساد!

فضيحة غير مفاجئة... الحكومة غير معنية بمكافحة الفساد!

يتكرر بين الحين والآخر الحديث الرسمي عن الفساد ومكافحته، ليبقى عبارة عن حديث فارغ وأجوف، وبلا أية إجراءات ملموسة تحد من هذه الظاهرة الخطِرة، التي تفشت واتسعت وتعمقت عملياً بدلاً من تقلصها!

أما الجديد، غير المفاجئ، فهو تصويت الحكومة ضد إطلاق مشروع هيئة مكافحة الفساد!

تفاصيل الفضيحة!

تحت عنوان: «بإجماع حكومي... تعثر ولادة هيئة لمكافحة الفساد في سورية»، نقل موقع «هاشتاغ» بتاريخ 6/3/2024 ما يأتي: «تعثر إطلاق مشروع هيئة مكافحة الفساد بعد أن صوّت مجلس الوزراء بغالبية مطلقة ضد المشروع الذي كان يعول عليه إعطاء دفعة قوية لمكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية».
وبحسب الموقع: «أحيل طرح مشروع إحداث هيئة لمكافحة الفساد إلى طاولة مجلس الوزراء، ناتجة عن دمج الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش مع هيئة الرقابة المالية، ليتم التصويت على المشروع خلال جلسة مجلس الوزراء».
ويضيف الموقع: «مصادر حكومية كانت حاضرة في الاجتماع أكدت تعثّر الموافقة على إحداث الجهاز المذكور بسبب تصويت كل الوزراء (باستثناء وزيرين) ضد المشروع، ليتم طي صفحة إحداث هيئة مكافحة الفساد».

تأريخ غير مُبشر!

التوثيق أعلاه هو أحد مخرجات جلسة الحكومة بتاريخ 20/2/2024!
فخلال الجلسة بالتاريخ أعلاه ورد في الموقع الحكومي الرسمي ما يأتي: «ناقش مجلس الوزراء توصيات اللجنة المشكلة لمراجعة الصكوك التشريعية الناظمة لعمل كل من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، وطلب إعادة صياغة النصوص القانونية الناظمة لعملهما بما يضمن الفصل الواضح بين مهام واختصاصات كل من الهيئة والجهاز، وتعديل التشريعات النافذة على النحو الذي يضمن تكامل الجهود وتوحيدها دون أي تداخل، لتتم مناقشتها في مجلس الوزراء واتخاذ ما يلزم بشأنها».
فهل من تناقض فيما ورد خلال الجلسة مع ما ورد في موقع «هاشتاغ»؟
فالموقع بحسب ما ورد أعلاه أشار إلى مشروع هيئة محدثة من دمج الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والجهاز المركزي للرقابة المالية، تحت عنوان «هيئة مكافحة الفساد»، بينما تؤكد الحكومة في جلستها الفصلَ بينهما، بحسب مهام كل منهما!
ومع ذلك فإن مسيرة الدمج بين الجهات العامة التي تنتهجها الحكومة في ممارستها العملية تؤكد فكرة إحداث هيئة مدمجة ولا تنفيها، لكن ربما الخلاف الذي حال دون الموافقة على هذا الإحداث كان حول المهام والمسؤوليات التي من المفترض أن تناط بهذه الهيئة تحت العنوان العريض «مكافحة الفساد»، ولعل الأهم يكمن في تبعيتها!

دفن المشروع ومكافحة الفساد معاً!

بمطلق الأحوال فإن المشروع قد دفن، استكمالاً لدفن مكافحة الفساد!
فالحكومة سبق أن أقرت ما يسمى «وثيقة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد» بتاريخ 2/6/2019، وتتابع بين الحين والآخر الحديث العائم والفضفاض عنها خلال جلساتها، مع انعدام أية نتائج عملية ملموسة إيجابية لهذه الاستراتيجية على أرض الواقع بما يخص مكافحة الفساد!
بل على العكس تماماً، فكل ما يظهر من نتائج عملية للممارسات الحكومية، تنفيذاً لسياساتها والاستمرار بها، يصب باتجاه تعزيز وتوسيع وتعميق الفساد بدلاً من تقليصه!
وللتذكير، فقد سبق لقاسيون بتاريخ 21/8/2022 بمادة تحت عنوان: «مكافحة الفساد الخلبية»، أن أوردت تحت عنوان فرعي «عجز السياسات الفاسدة» ما يأتي: «دون الخوض بالكثير من التفاصيل الإضافية، فمن المفروغ منه، بداية ونهاية، أن سياسات الأجور المجحفة وحدها كمثال، كانت كفيلة بتوسيع وتعميق ظاهرة الفساد، بعلم ودراية وإدارة حكومية تامة، وبالتوازي مع بقية السياسات وموبقاتها، فإن أي حديث جدي عن مكافحة الفساد سيتم تأريضه، بل ووأده في مهده!».
وللتذكير أيضاً فقد سبق أن دفنت الحكومة «مشروع قانون الكشف عن الذمة المالية» في عام 2019 أيضاً!
على ذلك فإن الفضيحة الحكومية أعلاه ليست غريبة، بل هي غير مفاجئة على الإطلاق!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1166
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 23:28