زيت الزيتون مابين القيل والقال...الحكومة تصرّح واتحاد الفلاحين يكذّب
وافق مجلس الوزراء خلاله جلسته الدورية بتاريخ 2023-08-23 على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تكليف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بإصدار القرار اللازم لإيقاف تصدير مادة زيت الزيتون اعتباراً من 1/ 9/ 2023.
في سياق الإجراءات المتخذة لتلبية احتياجات السوق المحلية من مادة زيت الزيتون بأسعار مناسبة، ونتيجة دراسة واقع الإنتاج والكميات المتوقع إنتاجها مقارنة مع الاحتياج الفعلي.
رغم مرور أكثر من شهرين على وقف تصدير زيت الزيتون ما زالت أسعاره تحافظ على وتيرتها التصاعدية، حيث تجاوز سعر تنكة الزيت سعة 16 كيلو 1.5 مليون ليرة، في حين كانت تباع الموسم الماضي بسعر يتراوح بين 300 و600 ألف ليرة أي أن سعرها ازداد ثلاثة أضعاف.
وكثرت التصاريح والأقاويل حول جدوى وقف التصدير وأثرها وأسباب ارتفاع زيت الزيتون بهذه الوتيرة الجنونية رغم أنه منتج محلي.
فما سبب ارتفاع الأسعار؟ هل القرارات الحكومية باتت اعتباطية وغير مجدية؟ أم هناك جهات تتقصد تفشيل المساعي الهادفة لتخفيف الأعباء عن المواطن؟ وهل يُعقل أن إيقاف التصدير لم يكن ذا أثر ولو بسيط على سوق العرض والطلب؟.
السنة المعاومة.. هل الطبيعة هي عدو الفلاح الوحيد!
يعاني إنتاج الزيتون هذا العام انخفاضاً بنحو 28%، مقارنة مع العام الماضي نتيجة ظاهرة المعاومة أي التبدل بين المواسم، بين موسم وفير يليه آخر أقل وفرة.
كما هو متعارف فإن ظاهرة المعاومة تتعلق بعدة عوامل منها العوامل البيئية كالبرد والحرارة والرطوبة والرياح، إضافة إلى صفات التربة السيئة المتمثلة بسوء التهوية والصرف والملوحة.
الجدير بالذكر هنا هو وجود بعض الإجراءات التي تحد من انتشار ظاهرة المعاومة وتقلل من آثارها السلبية حسب ما أكده لنا العديد من المهندسين الزراعيين كالتقليم الذي يعد ضرورة خاصة عند إجرائه في سنة الحمل الغزير إضافة إلى اتباع برنامج تسميد مناسب للحد من ظاهرة المعاومة من خلال كميات منتظمة من الأسمدة المعدنية خاصة الأسمدة النتروجينية والفسفورية، كما أن الجني المبكر للثمار يؤدي إلى ضمان بعض الحاصل للسنة المقبلة وبالتالي التقليل من ظاهرة المعاومة.
والسؤال هنا هل تقوم الجهات المسؤولة عن دعم الفلاحين بممارسة دورها بالشكل الكامل؟ هل يلاقي الفلاح الدعم المادي والمعنوي والتوجيه اللازم للتعامل مع ظواهر الطبيعة؟ أم الأمر متروك على ليلاه؟.
تكاليف الإنتاج هل هي السبب أم تبرئة للتجار
في الجانب الآخر تعددت أسباب انخفاض الإنتاج، كالجفاف وقلة الحصص المائية التي يحصل عليها الفلاح والتي لا تسعفه بعمله، فضلاً عن قلة الخدمات وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير مثل القطاف والعصر والتعبئة والسماد وغيرها، فحراثة دونم واحد لا تقلّ عن 100 ألف ليرة، والتسميد أيضاً لا يقلّ عن 800 ألف للدونم وقس على ذلك.
كل هذا انعكس سلباً على إنتاج الزيتون هذا العام، والذي بلغ نحو 380 ألف طن وينتج عنها 49 ألف طن من مادة زيت الزيتون للاستهلاك المحلي، بحسب ماورد في صحيفة البعث
حيث أكد الخبير الاقتصادي محمد القاسمي لـ«البعث» «أن الإنتاج هذا الموسم من زيت الزيتون لن يكون كالموسم السابق. موضحاً أنه رغم الإنتاج الجيد، إلا أن كيلو الزيت لم يهبط، بل ازداد ارتفاعاً، ما يدلّ على أن هذا الموسم ستكون الأسعار مرتفعة كون ظاهرة المعاومة على موسم الزيتون في أغلب المناطق هذا العام أكثر مما سبق، ليشكل ذلك تراجعاً في إنتاج المحصول بشكل ملاحظ».
وحسب مانشرته جريدة الوطن على لسان رئيس مكتب الشؤون الزراعية بالاتحاد العام للفلاحين محمد خليف الذي أكد «أن ارتفاع التكاليف وأجور الأيدي العاملة بقطف الثمار وأجور المحروقات في النقل والشحن وعصر الزيتون، قد أدى إلى غلاء الزيتون وزيته، مشيراً إلى أن التصدير لا يعتبر سبباً رئيسياً في ارتفاع أسعار مادة زيت الزيتون، مبيناً أن القرار الأخير بعدم التصدير أتى لمنع ارتفاع أسعار الزيت أكثر بسبب عدم وجود فائض بالمادة خلال الموسم حسب التقديرات”.
بدوره أوضح الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة لـ«الوطن» أن هناك عوامل عدة أدت إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون بشكل كبير منها ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وعلى رأسها المازوت وأجور النقل، أجور عصر الزيتون، اليد العاملة، ولفت إلى أن هناك تكاليف عالية جداً تدفع هذا الموسم عند إنتاج زيت الزيتون واصفاً هذا السعر بالمنطقي في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، مضيفاً «لو أنه لم يصدر قرار بمنع تصدير زيت الزيتون خلال الموسم الحالي لكان سعر مبيع العبوة سعة 16 كيلو وصل لحدود 4 ملايين ليرة».
لكن بالنسبة للمواطن السوري ومع انخفاض قدرته الشرائية، هذه العوامل جميعها لا تبرر الارتفاعات الشديدة التي شهدها هذا المنتج المحلي.
وغير المنطقي أكثر هو إنكار دور التجار الذين ساهموا باحتكار زيت الزيتون خلال موسم إنتاجه عبر شرائه بكميات كبيرة وأسعار قليلة من الفلاح أو المعاصر مباشرة وتخزينه بكميات كبيرة بغية تصديره وتحقيق المزيد من الأرباح لكن القرار الحكومي جاء بمثابة الضربة القاضية وهذا ما لم يسمح به حيتان السوق.
ولعل هذا مايبرر كثرة الآراء حول فشل قرار منع التصدير بالحد من الارتفاع الجنوني لزيت الزيتون.
ويبرر أيضاً ما تم تناقله مؤخراً وبكثرة سواء رسمياً أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول وجود مقترح قدّمه الاتحاد العام للفلاحين إلى وزارة الاقتصاد لفتح باب تصدير زيت الزيتون، هذه الأخبار التي لاقت استهجاناً كبيراً من المواطنين خاصة مع غلاء المادة، فسعر تنكة زيت يعادل راتب موظف على مدار سبعة أشهر.
اتحاد الفلاحين Vs وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية
وفي هذا السياق، أكد رئيس اتحاد الفلاحين في سورية أحمد صالح إبراهيم بأنه لم يتم رفع أي مقترح على الإطلاق سواء للجنة الاقتصادية أم لوزارة الاقتصاد لفتح باب تصدير زيت الزيتون، وأن ما يتم تداوله حول هذا الموضوع مجرد أحاديث وإشاعات تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال إبراهيم في تصريح خاص لـموقع «غلوبال» في التاسع من الشهر الحالي «موسم الزيتون هذا العام معاوم، وتالياً إنتاج الزيت سيكون منخفضاً، ونأمل أن يكفي حاجة السوق المحلية»، مؤكداً بأن الاتحاد العام للفلاحين «ضد أي قرار بفتح باب التصدير لزيت الزيتون في ظل انخفاض كمية إنتاج الموسم لهذا العام، ولاسيما أن فتح باب التصدير سيسهم برفع سعر مادة الزيت”.
كما ونشر الموقع ذاته نقلاً عن مصدر مطلع في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية «أكد ورود أكثر من طلب حول إعادة فتح باب تصدير زيت الزيتون من أكثر من جهة معنية بالزراعة، مشيراً إلى أن المعنيين بين نارين، الأول أن زيت الزيتون السوري حجز مكانة مرموقة في السوق العالمية خلال السنوات الماضية، كما أن ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية يعود أصلاً إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الزيت”.
اللافت هنا أن أقاويل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تصب في مصلحة التاجر المحتكر والمصدر دون مصلحة الفلاح أو المواطن المفقر
فهل أصبحت الوزارة لساناً للسماسرة والتجار لتمرير مصالحهم على الفلاح والمواطن؟
أم إن الفاسدين والمحتكرين باتوا أداة ضغط يحسب حسابها والحكومة لاحول لها ولاقوة؟ وكل هذا تحت بند مصلحة الفلاح ولقمة المواطن المعدم؟؟
أسئلة كثيرة واستفسارات تنتظر الجواب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1148