متاهة طلابية مستجدة.. ومزيد من الفرز الطبقي!
يبدو أن متاهة جديدة ستكون ماثلة أمام طلاب الثانوية العامة الراغبين بالتقدم للمفاضلة العامة للقبول الجامعي للعام الدراسي 2023-2024!
فالمفاضلة لهذا العام ستكون شاملة للعام والموازي، والجامعات الخاصة للاختصاصات الطبية، ومنح الجامعات الخاصة للكليات الطبية!
والتسجيل مع تسديد رسوم التسجيل سيكون متاحاً عن بعد للطلاب، مع مروحة رغبات واسعة ومسقوفة بـ120 رغبة لكل طالب!
فكيف من المتوقع أن تكون النتيجة؟!
بعض التفصيلات الرسمية!
أقامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 7/9/2023 ورشة عمل خاصة بمفاضلة القبول الجامعي بحضور نواب رؤساء الجامعات ومدراء شؤون الطلاب والمعلوماتية والمدراء المركزيين في الوزارة.
وبحسب وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال الورشة إن «ما يميز المفاضلة العامة لهذا العام 2023-2024 هو إدخال آليات جديدة تتضمن التسجيل الإلكتروني للطلاب عن بعد، بالإضافة إلى التقدم عبر بطاقة واحدة لمفاضلة التعليم العام والموازي، ومفاضلة الجامعات الخاصة للاختصاصات الطبية ومفاضلة منح الجامعات الخاصة للكليات الطبية، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار الاستفادة من كافة المقاعد المتاحة للطلاب وعدم إهدار أي مقعد دراسي، وتوفير الجهد وتبسيط الإجراءات لأبنائنا الطلاب في الظروف الحالية».
كما قدم مدير المعلوماتية عرضاً عن آلية التقدم للمفاضلات وإجراءاتها من الجانب الفني وإمكانية الدخول إلى التطبيق وتسجيل الرغبات التي وصل عددها إلى 120 رغبة متاحة للطالب، مشيراً إلى أنه سيتم تسديد الرسوم عبر آلية الدفع الإلكتروني من خلال الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية.
وكان قد سبق الورشة أعلاه اجتماعان بتاريخ 6/9/2023، لمجلس التعليم العالي والمجلس الأعلى للتعليم التقاني، لمناقشة الطاقة الاستيعابية للجامعات والمعاهد التقانية للعام الدراسي 2023-2024، وتم التركيز على زيادة الأعداد في الكليات والمعاهد التي يحتاجها سوق العمل وتأمين مقعد (تعليم عام) لكل طالب نجح في الشهادة الثانوية.
إيجابيات وسلبيات!
لا شك أن التسجيل الإلكتروني وتسديد الرسوم عن بعد يسهل على الطالب بعض المشقة، ويوفر عليه عامل الزمن، لكن التقدم ببطاقة واحدة للمفاضلة، مع سقف رغبات يصل إلى 120 رغبة متاحة لكل طالب، ولجميع المفاضلات المذكورة التي تم دمجها أعلاه، فإن ذلك يعني مروحة واسعة جداً من الخيارات التي عليه أن يختار منها بسقف 120 رغبة!
فمفاضلات القبول الجامعي كانت خلال الأعوام السابقة مجزأة، بحيث يتم التقدم إلى كل منها بشكل منفرد، ولكل منها درجات قبول ومقاعد محددة بحسب كل جامعة وكل كلية وكل معهد، وكانت تبدأ بالتقدم للمفاضلة الخاصة بالتعليم العام، ثم بالتقدم للمفاضلة الخاصة بالتعليم الموازي، بحيث يكون الطالب على دراية مسبقة، وإن كانت نسبية، بخياراته بين العام والموازي، وبين الكليات والمعاهد!
أما مع المفاضلة الشاملة المزمع تطبيقها فإن الطالب لم يعد يملك تلك الخيارات النسبية، بل وربما مع كثرة الخيارات المفتوحة أمامه للتسجيل بسقف 120 رغبة سيكون بالنتيجة أمام خيارات مفروضة عليه، أو أنه سلفاً سيقلص من خياراته كي لا يفرض عليه ما لا يرغب فيه من خيارات!
هل سيزيد الموازي على حساب العام؟!
ارتفعت نسبة القبول في التعليم الموازي المأجور خلال العام الماضي، بحيث وصلت إلى نسبة 50%، في تقليص لحصة التعليم العام المجاني عملياً، وقد كان ذلك معلناً بشكل مسبق وقبل التقدم للمفاضلات بحينه!
فهل سنكون هذا العام أمام تقليص جديد غير معلن لحصة التعليم العام المجاني على حساب زيادة حصة التعليم الموازي المأجور بنتيجة هذا النمط المستجد من التقدم للمفاضلة الشاملة، وبحيث يبدو ذلك وكأنه بنتيجة رغبات الطلاب؟!
أما الأهم فهو كيف ستترجم عبارة «التركيز على زيادة الأعداد في الكليات والمعاهد التي يحتاجها سوق العمل وتأمين مقعد (تعليم عام) لكل طالب نجح في الشهادة الثانوية»؟!
فالمفاضلة الشاملة المستجدة ستضمن على ما يبدو تحقيق الزيادة المطلوبة في بعض الكليات والمعاهد (المستهدفة) بذريعة احتياجات سوق العمل، وبغلاف تأمين مقعد تعليم عام لكل طالب ناجح، وما على الطلاب إلا الاستنكاف بحال تعارض رغبتهم الحقيقية مع هذا التوجه!
زيادة في رسوم التسجيل للمستجدين!
بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 7/9/2033 كشف مصدر مسؤول في وزارة التعليم العالي عن وجود دراسة لرفع رسوم التسجيل للمستجدين في الجامعات لهذا العام، بما في ذلك السنة التحضيرية للكليات الطبية وعدد من الاختصاصات بالنسبة للتسجيل الموازي، مع استمرار الرسوم على ما هي عليه بالنسبة للطلبة القدامى المسجلين.
ربما لا غرابة في النوايا المبيتة حول زيادة الرسوم السنوية للتسجيل في الجامعات للطلاب المستجدين!
فكل عام تقريباً تصدر رسوم جديدة للتسجيل تتضمن زيادة عن الرسوم في السنوات التي قبلها، والنسبة الأكبر في الزيادة عادة تكون من نصيب المسجلين في نظام التعليم الموازي!
مزيد من الفرز الطبقي!
مع تزايد نسبة المقبولين في التعليم الموازي المأجور عاماً بعد آخر على حساب تقلص وتراجع أعداد المقبولين في التعليم العام المجاني، تظهر جلياً الغايات الربحية على حساب الطلاب، وتتعمق أكثر فأكثر الفوارق الطبقية في القبول الجامعي عموماً!
فالتعليم العام، المجاني افتراضاً، يتم تقليصه تباعاً مقابل زيادة حصة التعليم بأنظمة الموازي والمفتوح والافتراضي، بالإضافة إلى زيادة حصة التعليم في الجامعات الخاصة، ما يعني أن المفقرين تتراجع فرصهم باستكمال تعليمهم الجامعي عاماً بعد آخر!
فسيناريو الفرز الطبقي يجري على قدم وساق في التعليم الجامعي برعاية حكومية منقطعة النظير، وهذا الفرز الطبقي الجائر لا تغطيه عملياً عبارة «تأمين مقعد تعليم عام لجميع الطلاب الناجحين في الثانوية العامة»!
فسياسات الاستيعاب المعمول بها، وطريقة المفاضة والقبول الجامعي المطبقة، وزيادة حصة المأجور في أنظمة التعليم على حساب المجاني، أصبحت فاقعة في فجاجتها وظلمها الطبقي!
بمطلق الأحوال فإن المتوقع أن تصدر المفاضلات ويتم الإعلان عنها بعد الاجتماع الحكومي المقرر لهذه الغاية، على أن تصدر تفاصيلها خلال الأسبوع الحالي، ولحينها لنا حديث آخر!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1139