زيادة سعرية على التبوغ للمزاودة ولتكريس التضحية بالمحصول!
سمير علي سمير علي

زيادة سعرية على التبوغ للمزاودة ولتكريس التضحية بالمحصول!

مرة جديدة يتم وضع المزارعين أمام خسارة مؤكدة بشكل رسمي، وهذه المرة أيضاً بنتيجة الأسعار الرسمية التي أقرت لمحصول التبغ، بعد أن تمت زيادتها!

فقد وافقت الحكومة بتاريخ 20/8/2023 على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة «زيادة أسعار» شراء محصول التبغ من الفلاحين لصالح المؤسسة العامة للتبغ لموسم عام 2023-2024.
فهل كانت الزيادة مجزية، أم للمزاودة ولذر الرماد في العيون؟!

الأسعار بعد الزيادة ارتفعت بنسبة 13% تقريباً!

وفقاً لتوصية اللجنة الاقتصادية تصبح أسعار شراء التبوغ من الفلاحين لكل كغ وفقاً للآتي:
شك البنت درجة الإكسترا 10500 ل.س/كغ، ودرجة أول 8800 ل.س/كغ.
والتنباك درجة الإكسترا 8500 ل.س/كغ، و6800 ل.س لدرجة الأول.
وبصما 11500 ليرة للدرجة الإكسترا، و9300 ليرة لدرجة الأول.
وبريليب 10500 ل.س للدرجة الإكسترا و7800 ل.س لدرجة الأول.
بينما الـ برلي 8300 ل.س/كغ للإكسترا و6500 لدرجة الأول.
وكاتريني الدرجة الإكسترا 10500 ل.س/كغ و8100 لدرجة الأول.
والفرجينيا درجة إكسترا 9300 ل.س/كغ و7200 ل.س/كغ لدرجة الأول.
ويشار بهذا الصدد إلى أن السعر المقر للمحصول بتاريخ 30/3/2023 كان على الشكل التالي: تنباك /7500/ ليرة سورية للكيلوغرام الواحد- برلي /7300/ ليرة/كغ- فرجينيا /8300/ ليرة/كغ- بصما /10500/ ليرة/كغ- بريليب /9500/ ليرة/كغ- شك البنت /9500/ ليرة/كغ- كاتريني /9500/ ليرة/كغ.
وبالتالي فإن نسبة الزيادة السعرية بموجب الموافقة أعلاه تقارب 13% وسطياً فقط لا غير، وهي لا تكفي حتى لذر الرماد في العيون!

المزاودة الرسمية!

بحسب الصفحة الرسمية للحكومة فقد تمت الموافقة على زيادة السعر «بما يحقق مصلحة الفلاحين والمؤسسة وينعكس على جودة المنتج النهائي وتخفيض الهدر أثناء عملية فرز التبوغ الخام، وبما يؤدي أيضاً إلى تلبية حاجة المؤسسة من التبوغ لتنفيذ الخطة الإنتاجية بالكامل وارتباط ذلك بكميات التبوغ»!
فعن أية مصلحة للفلاح يتم الحديث الرسمي مع الأسعار البخسة أعلاه التي تم فرضها عليه؟
فالأسعار السابقة والحالية بعد الزيادة تعتبر غير مجزية ومجحفة بالنسبة للفلاحين، بل وخاسرة بكل المقاييس، حيث لا تغطي إلا جزءاً من نفقات وتكاليف إنتاجهم!
فتكاليف الإنتاج ارتفعت أسعارها بشكل كبير خلال الفترة من آذار إلى الآن، وبنسب أعلى بكثير من نسبة الزيادة السعرية التي يتم تمنين الفلاحين فيها، مع العلم أن السعر السابق كان مجحفاً أصلاً!
فأسعار السماد والمبيدات والأدوية الزراعية، وتكاليف الفلاحة وأجور اليد العاملة، وسعر المازوت الرسمي أيضاً، جميعها ارتفعت بنسب كبيرة خلال الأشهر الماضية، ونسبة الـ13% كزيادة رسمية أعلاه أقل من نسب الزيادات في التكلفة!
فمصلحة الفلاح متضررة سلفاً، والزيادة السعرية تعتبر غير مجزية وغير منصفه له!

المؤسسة والتجار والمضاربة بالسعر على حساب الفلاح!

تجدر الإشارة إلى أن أعلى سعر من الأسعار المقرة رسمياً أعلاه وصل إلى 11500 ليرة/كغ لصنف بصما إكسترا، بالمقابل فإن أدنى سعر للتبغ في السوق السوداء الآن هو 50 ألف ليرة/كغ!
وبحسب بعض الفلاحين فإن السعر الرسمي يجب ألا يقل عن 30 ألف ليرة/كغ كي يغطي التكاليف بواقعها الحالي، وكل ما هو دون ذلك يعتبر خسارة محققة بالنسبة إليهم!
وأمام هذا النمط من التسعير الرسمي فإن الفلاحين سيضطرون لتهريب جزء من محصولهم إلى السوق السوداء عبر بعض التجار الذين يتحكمون بالسعر، ويضغطون من أجل تخفيضه، مستندين إلى السعر الرسمي لكسر الأسعار لمصلحتهم وعلى حساب الفلاحين!
ليس ذلك فقط، فالتجار يشترون من الفلاح الأنواع والدرجات الجيدة من التبوغ، فيما يبقى للمؤسسة الأنواع والدرجات الأقل جودة، ما يعني أن المؤسسة أيضاً متضررة من هذا النمط من التسعير الرسمي، على الرغم من استمرار تحقيقها المرابح على حساب الفلاح!
والنتيجة أن المؤسسة رابحة والتاجر رابح بينما الفلاح وحده الخاسر، وفوق ذلك يعتبر مخالفاً بحال عدم تسليمه كامل الإنتاج للمؤسسة، ليغرم وفقاً للمساحة المخططة وكم الإنتاج المحسوب فيها، كنسبة وتناسب، بالمقارنة مع الكم المسلم من قبله للمؤسسة!
وأمام استمرار هذا الوضع عاماً بعد آخر لن يكون من المستغرب أن يتقلص المحصول وتتراجع زراعته وصولاً إلى إنهائه كلياً!
لنعيد القول إن من يضع الأسعار البعيدة عن الواقع وغير المنصفة للفلاحين ليس لديه أية نية باستمرار إنتاج هذا المحصول الإستراتيجي!

حديث الفلاحين!

فيما يلي أحاديث بعض الفلاحين بعد صدور التسعيرة الجديدة أعلاه:
عيب هيك أسعار.. شو عم يضحكوا علينا.. لازم السعر يقيس ع مستوى أسعار المبيدات والفلاحة والأدوية بالإضافة إلى التسميد المعدني والعضوي وتعب الفلاح!
شك البنت بالسوق السودا ٦٠ ألف.. بعدين الكيلو الواحد إكسترا شك البنت بيساوي من ٥٠- ٧٥ ألف.. وباكيت الدخان الوطني بـ ٥٠٠٠ ل.س. يعني ياريت عطيتونا من الجمل أدنه!
هنا يكمن الانفصال عن الواقع.. وواقع الزراعة بشكل خاص!
السعر المفروض يكون من ٣٠ للـ٤٠ ألف ويا دوب يغطي التكاليف.. والتجار عم يحاولوا يكسروا السعر هلق!

سياسات تقويض الإنتاج!

إن سياسات تخفيض الدعم الظالمة على مستلزمات الإنتاج، مع ترك تأمين غالبيتها عبر بعض التجار المحظيين، الذين باتوا متحكمين بها كماً وسعراً ونوعاً وفترات توريد، مع ضمان أرباحهم والهوامش المضافة إليها بذريعة الحصار والعقوبات، بالتوازي مع سياسات وآليات التسعير المجحفة وغير المنصفة للفلاحين، تؤدي إلى الإضرار المباشر بالفلاحين كخسائر سنوية، وإلى استمرار تراجع الإنتاج الزراعي عاماً بعد آخر، نتيجةً طبيعية لتراكم الخسارات، بما في ذلك المحاصيل الإستراتيجية، وصولاً إلى العزوف عن الزراعة والإنتاج الزراعي وهجرة الأرض!
فمسيرة جملة السياسات الظالمة المعمول بها تسعى جاهدة للوصول إلى هذه النتيجة الكارثية، على حساب الفلاح والإنتاج والأرض والمستهلك والاقتصاد الوطني!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1138