مولدات الأمبير تغزو الأملاك العامة بدمشق رسمياً!
سوسن عجيب سوسن عجيب

مولدات الأمبير تغزو الأملاك العامة بدمشق رسمياً!

منحت محافظة دمشق رخصتي إشغال أملاك عامة لوضع مولدات أمبير لتخديم بعض المناطق التجارية في المدينة.

وهذه المناطق هي: (القنوات- سوق الهال الجديد- كفرسوسة- ساروجة- المزة- الميدان) مع بعض التفرعات لها.
والحديث عن رخصتين تم منحهما من قبل المحافظة لا يعني مولدتي أمبير، بل عدداً كبيراً من مولدات الأمبير، بحدود 13 مولدة، والتي ستفرض وجودها على الأملاك العامة في المناطق المذكورة، لكن لمصلحة مستثمرين اثنين من ذوي الحظوة من كل بد!
وقد سبق ذلك وضع مولدات أمبير لتخديم المنطقة التجارية في الشعلان وشارع الحمراء بدمشق، وجرى الحديث بحينها عن إمكانية توسيع انتشار تجارة الأمبيرات في مناطق تجارية وسكنية أخرى!

عذر أقبح من ذنب!

الترخيص الرسمي أعلاه لانتشار مولدات الأمبير في دمشق، بهذا العدد الكبير حالياً، سيفتح الباب أمام المزيد من الانتشار لهذه المولدات لاحقاً، وهو ما تم التوقف عنده من قبل بعض المواطنين واعتبروه ظاهرة سلبية تكرس واقع سوء التزود بالطاقة الكهربائية، مع إغلاق أي أمل لاحق بتحسن ساعات الوصل الكهربائي!
وحول ما أثير من ردّات فعل واستهجان من قبل المواطنين نُقل عن مدير الأملاك العامة في محافظة دمشق عبر صحيفة الوطن ما يلي «إن ما تم منحه هو رخصة إشغال أملاك عامة لوضع مراكز توليد كهربائية لتخديم مناطق تجارية فقط من دون السكنية. وهي بالتالي ليست رخصة لبيع الأمبيرات»!
وقال أيضاً: «أن ترخيص مراكز التوليد هو حالة مؤقتة لحين زوال الأسباب معتبراً أن هذا الترخيص يساعد في معالجة ظاهرة انتشار مئات المولدات في الشوارع العامة، كما يساعد في السلامة المرورية والبيئية»!
لن نتوه بالحديث عن الفصل بين رخصة إشغال الأملاك العامة ورخصة مولدات الأمبير وبيعها، وبين تخديم الأسواق التجارية أو المواطنين بمساكنهم، كما يريد لنا مدير الأملاك العامة في المحافظة!
فمن الواضح أن الرخصة ممنوحة بغاية وضع مولدات الأمبير لتخديم الأسواق حالياً، مع عدم ضمان توسعها لاحقاً لتخديم البيوت أيضاً، طالما الذريعة المساقة والتبرير الذي تم الاعتماد عليه من قبل المحافظة لمنح هذه الرخص هي الأسباب التي أدت إلى تردي وسوء التزود بالطاقة الكهربائية عبر الشبكات وبشكل نظامي!
فواقع الحال يقول إن هذه الأسباب لن تزول خلال فترة قريبة قادمة، ولعل أكبر مثال على ذلك أن الرخص الممنوحة للمستثمرين المحظيين حالياً مدتها عام، وستتجدد بعد ذلك تلقائياً!

لا مولدات صغيرة خاصة بعد الآن!

النقطة الأخرى التي تم التوقف عندها في حديث مدير الأملاك العامة أعلاه هو عبارة «ظاهرة انتشار مئات المولدات في الشوارع العامة»، والتي كانت حلولها بحسب المحافظة يتمثل بالترخيص لمولدات الأمبير لتختصرها وصولاً إلى إنهائها!
وطبعاً هذا الإنهاء والاختصار ليس بغاية الحفاظ على السلامة المرورية والبيئة كما تحدث مدير الأملاك العامة، بقدر ما هي من أجل الحفاظ على مصالح مستثمري مولدات الأمبير أنفسهم وزيادة أرباحهم!
وبالتالي فمن المتوقع بعد وضع مولدات الأمبير في المناطق التجارية المذكورة أعلاه أن يتم منع استعمال المولدات الخاصة بأصحاب الفعاليات التجارية في هذه المناطق، بغاية إجبارهم للتزود بالطاقة الكهربائية من خلال مستثمري الأمبيرات، مع ما يعنيه ذلك من تحكم واستغلال بساعات الوصل وبالأسعار!

خارج القوانين والأنظمة!

أما أهم ما يمكن طرحه في سياق الحديث الرسمي من قبل المحافظة عن الاضطرار للجوء إلى مولدات الأمبير بسبب واقع الطاقة الكهربائي المزري حالياً فهو أن هذا الاضطرار كان يجب أن يتم التعامل معه وفقاً للنظم والقوانين المعمول بها!
فقد كان من واجب المحافظة أن تعلن عن مناقصة واستدراج عروض، وبشكل مفتوح لكل العارضين وليس للمحظيين فقط، من أجل ضمان الخدمة بأحسن المواصفات الفنية وبأقل الأسعار الممكنة بما يخص المتعاملين من المواطنين، وبأعلى الأسعار والامتيازات بما يخص حقوق المحافظة باستثمارها للأملاك العامة!

أين سيذهب الوفر؟

أما السؤال الهام الذي طرحه المواطنون فهو عن الوفر بالطاقة الكهربائية بعد هذا الغزو لمولدات الأمبير في الأسواق التجارية في العاصمة؟!
فهل سيستفيد هؤلاء في بيوتهم من هذا الوفر، أم أن الوضع سيستمر على ما هو عليه من التردي والتراجع الكهربائي، وبالتالي سيكون حال الاضطرار لفرض استجرار الطاقة الكهربائية عبر مولدات الأمبير من قبل المواطنين أكثر مشروعية بالمرحلة القادمة؟!

توجيه رسمي مع تحلل من المسؤوليات!

وبهذا الصدد ربما تجدر الإشارة إلى أن تجارة الأمبيرات لم تتم شرعنتها حتى تاريخه بشكل رسمي، بالرغم من زيادة أعداد مولداتها وتزايد انتشارها في الكثير من المدن والبلدان، وهي متروكة لتكون بعهدة المحافظين والبلديات دون مسؤولية مباشرة عنها، لا من حيث الناحية الفنية ولا من حيث ساعات التزود ولا من حيث الأسعار ولا من حيث مصادر مشتقاتها النفطية!
والأنكى من ذلك أن التوجيه الحكومي الرسمي بهذا الخصوص حول التدقيق بظاهرة انتشار الأمبيرات بتاريخ 22/6/2023 لم تكن غايته الحفاظ على مصالح المواطنين بل من أجل الحفاظ على مصالح ذوي الحظوة من مستثمري الأمبيرات فقط لا غير، مع تحلل وزارة الكهرباء من مسؤولياتها، والحكومة من واجباتها!
ونذكر هنا بما ورد عبر قاسيون بتاريخ 25/6/2023 في مادة بعنوان «رسمياً.. المشكلة ليست بظاهرة الأمبيرات المشوّهة.. بل بما يثار حولها ولمصلحة مَن بالتالي»، والتي ورد فيها ما يلي: «النتيجة المتوقعة على إثر التوجيه الرسمي المستجد أعلاه أن تجري عمليات إعادة فرز وتقاسم ومركزة أكبر بين بعض الكبار فقط لا غير بما يخص الحصول على الأرباح المتأتية من الاستثمار الاستغلالي والجشع بالأمبيرات، وقطاع بدائل الطاقة عموماً»!
وهذا ما شهدناه حالياً في دمشق وغيرها من المحافظات، والقادم أسوأ من كل بد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1133