مجدداً محصول الشوندر السكري خاسر ويتحول علفاً!
سوسن عجيب سوسن عجيب

مجدداً محصول الشوندر السكري خاسر ويتحول علفاً!

بتاريخ 1/2/2023 صرح مدير عام المؤسسة العامة للسكر بحمص المهندس سعد الدين العلي لوكالة سانا بما يلي: «خطة المؤسسة لزراعة الشوندر للموسم الحالي تشمل زراعة 14 ألفاً و155 طناً من بذار الشوندر السكري، على مساحة 1415 هكتاراً في محافظة حماة لإنتاج ما يقارب 85 ألف طن من محصول الشوندر السكري، ينتج عنها بعد التصنيع 7 آلاف و820 طناً من السكر الأبيض و3910 أطنان من مادة الميلاس».

فماذا حل بمحصول الشوندر وبخطة المؤسسة العامة للسكر بعد ما سبق؟

مطالب سابقة للمؤازرة!

خطة المؤسسة أعلاه كانت تحتاج للمؤازرة الرسمية من أجل تنفيذها، وصولاً لكم الإنتاج المخطط، على مستوى موسم الشوندر ومستخرجاته من السكر والميلاس، وهذه المؤازرة كانت واضحة بحينه وتتمثل بمحورين، الأول: على مستوى شركات صناعة السكر. والثاني: على مستوى تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاحين!

فقد أكد ياسين صهيوني رئيس الاتحاد المهني للصناعات الغذائية عبر وكالة سانا بتاريخ 1/2/2023 على: «أهمية الإسراع بعملية تأهيل شركات صناعة السكر، والعمل على توفير كل مستلزمات إحياء زراعة الشوندر السكري، والتوسع بالمساحات المزروعة في مناطق الغاب وريف حلب ودير الزور والرقة، وتقديم محفزات تسويقية للمزارعين ما يضمن توفير المادة الأولية الكافية لاستمرارية الإنتاج في معامل السكر، لافتاً إلى ضرورة تقديم محفزات للكوادر في معامل السكر، نظراً إلى الجهود الكبيرة التي يبذلونها للحفاظ على الآلات وضمان استمرارية عملية الإنتاج بالتزامن مع إنجاز عملية التأهيل وزيادة الإنتاج».

وبحسب سانا أيضاً: «طالب عدد من مزارعي الشوندر بمنطقة الغاب بضرورة تأمين مستلزمات زراعة الشوندر السكري من السماد والمازوت، لضمان نجاح زراعة المحصول، وتأمين مصادر مائية كافية خلال البدء بالزراعة وبتوفير كامل حاجتهم من البذار، إضافة إلى حساب سعر للمحاصيل، الحساب على الحد الأدنى من الإنتاج يرتفع كلما زادت الإنتاجية، ما يشجع الفلاح على الاستمرار بالزراعة».

النتائج المخيبة للآمال!

أوردت سانا بتاريخ 8/5/2023 ما يلي: «توقعت الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب بمحافظة حماة إنتاج أكثر من 33 ألف طن من محصول الشوندر السكري، في الأراضي الواقعة تحت إشراف عمل الهيئة خلال الموسم الحالي. وأوضح مدير الثروة النباتية في الهيئة، أن إجمالي المساحة المزروعة بمحصول الشوندر بلغ 855 هكتاراً من الخطة المقررة للموسم الحالي والبالغة 1392 هكتاراً، مبيناً أنه تم إتلاف مساحة 24 هكتاراً كانت مزروعة بالمحصول من قبل الفلاحين بعد تضررها، جراء الرياح العاصفة والظروف الجوية التي تعرضت لها المنطقة، وأدت إلى تضرر بعض المساحات وخاصة المتأخرة بالزراعة».

وختمت سانا بما يلي: «يشار إلى أن فرع المؤسسة العامة للأعلاف في حماة سيستلم محصول الشوندر السكري من الفلاحين هذا الموسم، ويبيعه علفاً لمربي الثروة الحيوانية».

التنصل من المسؤولية!

بتاريخ 1/7/2023 نقلت تشرين عن مدير شركة سكر سلحب المهندس مدين العلي ما يلي: «للأسف الكل رفض استلام المحصول كمؤسسة الأعلاف واتحاد الفلاحين ومديريات الزراعة، ما اضطرنا للإعلان عن مزاد علني لمن يرغب بشراء المحصول  مقطعاً من أرض الشركة، ويقدم علفاً للثروة الحيوانية..

ويستطرد قائلاً: نحن كشركة قمنا بإبرام العقود مع الفلاحين وملتزمون أمامهم باستلام الإنتاج، لكن مديريات الزراعة في كل من حماة والغاب لم يتابعا تنفيذ خطة زراعة المحصول بما يكفي لعملية التصنيع، موضحاً أنه لم يقدم لمزارعي الشوندر أي شيء من الدعم، لا سماد ولا محروقات،  زد على ذلك أن تسعيرة شراء الكيلو 400 ليرة غير محفزة وغير مشجعة، الأمر الذي لم يجعل زراعة الشوندر ذات أهمية عند المزارعين».

تكاليف وخسارات!

المزارعون الذين تورطوا بزراعة المحصول هذا الموسم تكبدوا الكثير من الخسائر، فهؤلاء لم يقدم لهم أي تحفيز أو دعم، اعتباراً من شراء البذار مروراً بالأسمدة وليس انتهاء بالمحروقات، وليغلق الباب أمامهم بتسويق المحصول كعلف وبسعر 400 ليرة للكيلو بأحسن الأحوال، ما يعني تكريس الخسارة المحققة والكبيرة جداً على حسابهم وعلى حساب استمرارهم بالإنتاج!

فالمحصول الاستراتيجي على أيدي الحكومة والرسميين تستمر التضحية به عاماً بعد آخر، والنتيجة لا تتمثل بالخسائر التي يتكبدها الفلاحون كل عام فقط، بل وبالخسائر الناجمة عن عدم تمكن مؤسسة السكر من تحقيق خططها الإنتاجية المعتمدة أساساً على هذا المحصول!

ماذا تقول الخبرة الفنية؟!

أورد الخبير الزراعي التنموي أكرم عفيف على صفحته بتاريخ 1/7/2023 بعض المعلومات عن محصول الشوندر نلخصها بما يلي:

كيلو الشوندر فيه 150 غرام سكر، وقيمتها العلفية 1500 ليرة، وفيها 850 غرام علف رطب سعرها 1500 ليرة، يعني كيلو الشوندر فيه مكونات علفيه بقيمة 3000 ليرة، وحددوا سعره بـ400 ليرة، بينما كيلو التبن والذي هو مجرد عليقة مالئة بـ750 ليرة، ولو فتحوا الحدود لكان بـ1000 ليرة!
كيلو الشوندر سيكلف من الحقل إلى المعمل حوالي 200 ليرة، وهي أجور قلع وتحميل ونقل وإجرام، فيصبح بـ200 ليرة، وكيلو التبن مع إغلاق الحدود بـ750 ليرة!

الشوندر يمكن أن يبيعه الفلاح بسعر قد يصل إلى أكثر من 1000 ليرة وهو سعر عادل بمجرد صدور قرار واضح بنقله واستخدامه علفاً للأغنام والأبقار!

الشوندر كعلف جُرّب وأدى لزيادة الحليب 25% والدسم 1% وتحسنت صحة الأبقار وقلّت أمراضها لأن السكريات تعطي حرارة بالشتاء!

35 ألف طن شوندر لا تعطي أكثر من 10 آلاف طن جاف، وهو رقم تستهلكه مباقر الدولة لوحدها!
الشوندر تم تصنيع منه السيلاج، وتم تجفيف العصارة بوضع 15% تبن عليها!
من الشوندر يمكن أن يستخرج الكحول الطبي الذي تستورده مشافينا!

ويختم بالقول: فريقنا الاقتصادي يدمر كل خضرة وجمال، وكل هذا ويسمي نفسه داعم للزراعة!

إضافات لا بد منها!

الخلاصات أعلاه ربما تحتاج إلى الإضافات التوضيحية التالية أيضاً:
بعض معامل السكر كانت قد توقفت عن العمل قبل سني الحرب والأزمة، وليس بسببها كما يزعم بعض المسؤولين!

محاصيل القمح والشوندر والقطن والحمضيات والزيتون، وغيرها من المحاصيل الهامة الأخرى، نالت ما نالته من تراجع بسبب سياسات تخفيض الدعم الجائرة التي تم تطبيقها قبل سني الحرب والأزمة، وما زالت مستمرة حتى تاريخه!

سياسات تسعير المحاصيل الزراعية كانت أكثر جوراً على الفلاحين ما أدى إلى تكريس خساراتهم السنوية، وإلى الإقلاع عن زراعة بعض المحاصيل واستبدالها بمحاصيل أخرى، أو الى هجرة الأرض والإنتاج الزراعي!

جملة السياسات والآليات الرسمية المتبعة بما يخص الزراعة والإنتاج الزراعي أدت عملياً إلى تقويض وتراجع هذا الإنتاج عاماً بعد آخر!

تراجع الإنتاج الزراعي أدى إلى توقف الكثير من الصناعات الزراعية المرتبطة به، مع كل النتائج والآثار السلبية لذلك على المستوى الاقتصادي العام!

المستفيد من كل هذا السوء والتردي والتراجع كانت شريحة كبار أصحاب الأرباح الذين استبدلوا الإنتاج المحلي بالمستوردات على حساب المستهلكين والمنتجين والمصلحة الوطنية!

وبكل اختصار، فقد كانت وما زالت السياسات المجحفة هي السبب بكل الأزمات والصعوبات والمعيقات التي تواجه المنتجين، ويدفع ضريبتها المستهلكون والاقتصاد الوطني، والتي تُجَيّر بكل سلاسة ودعم لتصب بمصلحة القلة من كبار أصحاب الأرباح!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1129
آخر تعديل على الإثنين, 03 تموز/يوليو 2023 10:39