قطاع الدواجن.. استفاقة متأخرة أم زبد بحر!
وافقت الحكومة بتاريخ 26/4/2023 على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تكليف مصرف سورية المركزي بتوجيه من يلزم لإيلاء الأولوية بالتمويل للمستوردات من المواد العلفية، لاسيما مادتي (الذرة الصفراء وكسبا الصويا) ومنحها المزايا التفضيلية للمنصة، على أن يتم تأمينها قبل نهاية شهر حزيران لإتاحتها في السوق المحلية لمربي الدواجن... وبما يساهم في تخفيض أسعار منتجات الدواجن (بيض، فروج).
بالتوازي مع ذلك، أطلقت وزارة الزراعة خطة عمل لتطوير تربية الدواجن وتوفير مستلزماتها، بعد الأزمات التي واجهتها خلال الفترة الماضية، نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مما أدى إلى تراجع نسبة المداجن العاملة.
الموافقة والخطة أعلاه، يمكن اعتبارها استفاقة رسمية متأخرة، فمعاناة قطاع الدواجن قديمة وصعوباته كثيرة، ومن النتائج الملموسة لذلك، تراجع عدد منشآته، والارتفاعات السعرية الكبيرة على منتجاته!
فهل ستحقق هذه الاستفاقة النتائج المرجوة منها، أم ستكون كما غيرها من حيث النتيجة، مزيداً من تراجع القطاع وانحساره، ومزيداً من الارتفاعات السعرية على منتجاته؟!
تفاصيل كارثية
بحسب صفحة الإعلام الزراعي في سورية بتاريخ 27/4/2023 أن نسبة المداجن المستثمرة بلغت 38,27% فقط، وذلك خلال الربع الأول من هذا العام، وبلغ إجمالي المداجن المستثمرة في مختلف المحافظات 4530 مدجنة، منها 3361 مدجنة مرخصة، بينما بلغ عدد المداجن المتوقفة عن العمل سواء مرخصة أو دون ترخيص 7306 مدجنة.
من الواضح، أن عدد المداجن المتوقفة عن العمل كبير جداً، مقابل عدد المتبقي بالاستثمار والخدمة، ولا شك أن من نتائج هذا التوقف، هو ما وصل إليه حال أسعار منتجات هذا القطاع في السوق من ارتفاع كبير!
فمن المفروغ منه، أن هذا المتبقي غير قادر على تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي من منتجات القطاع، بالإضافة إلى خسارة الجزء الفائض الذي يتم تصديره عادة!
فقطاع الدواجن يعتبر من القطاعات التصديرية، وتراجعه يعني خسارة السوق المحلية، وأسواق التصدير أيضاً، بالإضافة طبعاً إلى خسارة المربين!
على ذلك، فإن الخسارات المركبة في هذا القطاع كثيرة، ويدفع ضريبتها المباشرة (المربون- المستهلكون- الاقتصاد الوطني).
الأعلاف مشكلة المشاكل!
تعتبر الأعلاف من المدخلات الأساسية في الإنتاج، وتكلفتها الأكثر ارتفاعاً بين بقية التكاليف، والتي تقارب 80% منها، مع عدم التقليل من أهمية بقية مستلزمات الإنتاج وتكاليفها المرتفعة أيضاً، وخاصة حوامل الطاقة (مازوت- كهرباء- فحم) وضرورتها طبعاً.
على ذلك، فإن حل مشكلة الأعلاف من خلال وضع التوصية الحكومية أعلاه موضع التنفيذ، ربما لن تحل المشكلة إلا جزئياً!
فالأعلاف متحكم بها من قبل بعض حيتان الاستيراد، نوعاً وسعراً وتوافراً، والتوصية أعلاه التي تمنح المستوردين بعض التسهيلات الإضافية، قد لا تترجم بشكل إيجابي بالنسبة للمربين، سواء على مستوى توفر الأعلاف أو على مستوى سعرها، وهو الأهم!
ولعل من باب أولى، في حال توفر النية الصادقة رسمياً تجاه هذا القطاع، أن تضع الحكومة برنامج دعم حقيقي لمستلزمات إنتاجه، كي تحافظ على ما تبقى منه، قبل خروج بقية منشآته من الخدمة تباعاً!
فبعد التضحية رسمياً بمحصول الذرة الصفراء الذي كان وافراً في الموسم السابق، من خلال الشروط المجحفة التي تم وضعها لاستلامه، والنتائج السلبية التي تم حصادها بالمحصلة من قبل الفلاحين والمربين وقطاع الدواجن عموماً، والذي سبق أن تم الحديث عنه تفصيلاً عبر قاسيون بمواد عديدة، لا ثقة بالنوايا الرسمية تجاه هذا القطاع!
تكريس التحكم والسير نحو التضحية بالقطاع
فالتوصية أعلاه كرست وضع قطاع الدواجن والمربين تحت رحمة المستوردين وتحكمهم، وكل البرامج التي يتم الحديث عنها باسم القطاع رسمياً بعيدة كل البعد عن توفير الدعم الحقيقي والفعلي له!
ونعيد ما سبق أن حذرنا منه، بأن هذا النمط من التعامل الرسمي مع قطاع الدواجن يدفع باتجاه تكريس خسارته سيراً نحو التضحية به كلياً، باعتباره من القطاعات الإنتاجية والتصديرية، وهو ما تسعى إليه قوى النهب والفساد، التي من مصلحتها استبدال إنتاجه بما يلبي حاجات الاستهلاك المحلي عبر قنوات الاستيراد، فهذا ما يحقق لها المزيد من التحكم والأرباح الكبيرة والسهلة، ولو كان ذلك على حساب المربين والمستهلكين والقطاع المنتج والاقتصاد الوطني عموماً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1120