200 مليار ليرة فقط.. وفر تخفيض الدعم على مازوت التدفئة في دمشق لوحدها وعلى حساب المستحقين!
في معمان الغرق بأزمة العصر المتمثلة بمادة البصل وتوفيرها والأخذ والرد عليها رسمياً، وفي مجاهل الحديث عن زيادة السعر رسمياً عن أسطوانة الغاز المنزلي وآثارها، وبعد الإلهاء الرسمي بسحب مادة السكر المباشر والمتة من تطبيق وين، تاهت مخصصات مازوت التدفئة للمواطنين المستحقين، وطواها النسيان!
فقد أصبحنا في الثلث الأخير من شهر آذار، وفي نهايات أشهر البرد والشتاء، ومع ذلك لم يتم توزيع الدفعة الأولى من مازوت التدفئة على كل مستحقي الدعم حتى الآن، ولا ضمانة باستكمال هذ التوزيع عليهم، مع عدم الثقة بتوفير الدفعة الثانية طبعاً!
40% من المستحقين خارج التغطية!
خلال اجتماع مجلس محافظة دمشق بتاريخ 15/3/2023، وحول وضع مازوت التدفئة المخصص للأسر بموجب البطاقة الذكية، بيّن ممثل مدير فرع محروقات دمشق فراس ليوس أن: «توزيع مادة المازوت حسب توفرها وحسب الأولويات، حيث يبلغ عدد البطاقات في دمشق 519,750، المنفذ منها 297,799، كما بلغت نسبة توزيع مادة المازوت 60%».
الحديث الرسمي أعلاه يعني أن نسبة 40% من مستحقي الدعم لم تصلهم مخصصاتهم من الدفعة الأولى من مادة مازوت التدفئة حتى تاريخه!
كما يعني وفقاً لعبارة «حسب التوفر» أن هؤلاء من غير المضمون أن يتم استكمال التوزيع لهم جميعاً، والأهم، أن مخصصات الدفعة الثانية دخلت ثلاجة الوعود الخلبية، وغالباً لن يتم توزيعها!
واقع توزيع المادة في دمشق لا يختلف عن غيرها من المحافظات والمدن الأخرى، فنسب توزيع الدفعة الأولى من المخصصات متقاربة، ما يعني أن الغالبية من مستحقي الدعم لم يستلموا الدفعة الأولى من مخصصاتهم المدعومة، وكذلك يعني فقدان الأمل بحصولهم على مخصصات الدفعة الثانية منها!
فشهور البرد والشتاء شارفت على الانتهاء، ما يعني فرصة مؤاتية للجهات المعنية (وزارة النفط- شركة سادكوب)، وللحكومة ككل طبعاً، لتتحلل أكثر من مسؤولياتها، خاصة مع الذرائع الكثيرة المساقة تبريراً لتقاعس هذه الجهات، اعتباراً من ذريعة قلة التوريدات، وصولاً لاستخدام عبارات مثل: «حسب التوفر»!
مع العلم أن الحديث الرسمي بالمقابل يقول: إن التوريدات النفطية أصبحت مستقرة ومتواترة، ولا مشكلة فيها، وكذلك يتم الإعلان الرسمي عن وصول الناقلات تباعاً، سواء للنفط الخام، أو للمشتقات النفطية عموماً!
وكذلك يجري الحديث عن تأمين مخصصات المحافظات من المشتقات النفطية، ليصبح أمر توزيعها بعهدة ومسؤولية لجان المحروقات في هذه المحافظات على الجهات المخصصة من قبلها، وحسب كمية هذه المخصصات لكل منها، بما في ذلك مخصصات المواطنين.
تخفيض دعم رسمي غير معلن!
نسب التوزيع القليلة والمحدودة أعلاه ليست جديدة، وابتلاع حقوق مستحقي الدعم من الدفعة الأولى والثانية أيضاً ليس بجديد، فقد سبق خلال السنوات الماضية أن تم التوزيع الجزئي للدفعة الأولى، وعدم توزيع الدفعة الثانية، وهو ما جرى خلال العام الحالي، حتى الآن على أقل تقدير!
فعلى الرغم من تخفيض كمية مخصصات مادة مازوت التدفئة لمستحقي الدعم حتى وصلت إلى كمية 100 ليتر فقط، وعلى دفعتين كل منها 50 ليتراً، لم يتم التقيد بتوزيع وتسليم هذه الكميات للمستحقين!
فعدم توزيع المخصصات المدعومة، على قلتها كمّاً، يعني تخفيض دعم غير معلن للمستحقين، يضاف إلى كل إجراءات تخفيض الدعم الجائرة بحقهم، كمّاً وسعراً!
حسابات تقريبية لتخفيض الدعم!
الحديث أعلاه عن 50 ليتر للدفعة الأولى لنسبة 40% من مستحقي الدعم غير موزعة وفقاً لعدد بطاقات المستحقين في دمشق لوحدها، يعني أن الكمية غير الموزعة تبلغ 11,097,550 ليتراً، و50 ليتراً لنسبة 100% من هؤلاء عن الدفعة الثانية، تشكل كمية 25,987,500 ليتراً، وبمجموع عام يبلغ 37,085,050 ليتر مازوت تم توفيرها من المخصصات «المدعومة افتراضاً» وعلى حساب المستحقين، وهذه الكميات فقط لمدينة دمشق، فكيف هو حجم التوفير على المستوى الكلي لجميع المحافظات، وعلى حساب جميع مستحقي الدعم على مستوى الكم!
وبحسابات الليرة، ووفقاً للسعر الرسمي لمازوت التدفئة المدعوم البالغ 700 ليرة لليتر، فإن الكميات أعلاه على مستوى دمشق لوحدها تقدر قيمتها بمبلغ 25,959,535,000 ليرة سورية!
أما وفقاً لسعر التكلفة، الذي تم تسعير المازوت الصناعي به مؤخراً، والبالغ 5400 ليرة، فإن إجمالي المبلغ الذي تم توفيره على حساب أصحاب الحقوق فيبلغ 200,259,270,000 ليرة سورية!
ونعيد للتذكير، بأن الأرقام أعلاه هي ما جرى توفيره من حسابات مستحقي الدعم في مدينة دمشق لوحدها، ولكم أن تقدروا حجم الوفر بإضافة بقية المستحقين في المحافظات الأخرى.
فهذا الوفر الذي يدخل في حسابات كتلة الدعم المخصصة في الموازنات، كماً وسعراً، تم حرمان المواطنين منه بكل لا مبالاة، بل بكل صلف وتوحشٍ رسمي!
حسابات السوق السوداء أكبر وأكثر توحشاً!
مع استمرار سياسات تخفيض الدعم على مادة مازوت التدفئة وفقاً لما سبق أعلاه، وخاصة على مستوى المخصصات المسقوفة وغير المسلمة، فإن الاضطرار للجوء إلى السوق السوداء للمادة يصبح الملاذ الوحيد المتاح أمام المواطنين المضطرين للحصول على بعض الدفء خلال أشهر البرد!
وإذا كانت الأرقام أعلاه مؤشراً عن حجم المبالغ لقاء سقوف المخصصات فقط، وبسعر التكلفة الرسمية، فإن المبالغ التي تم تكبدها للمضطرين تصبح أضعافاً مضاعفة، مئات المليارات من الليرات السورية، التي ذهبت إلى السوق السوداء والقائمين عليها، الذين جنوا المزيد من الأرباح منها!
فالتوحش طال السوريين بشكل مزدوج، مرة من خلال سياسات تخفيض الدعم الظالمة والجائرة، ومرة أخرى من خلال الاضطرار للجوء إلى السوق السوداء!
وبعد كل ذلك التوحش يحدثونك عن الدعم مع الكثير من التمنين به!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1114