مهمة وزارية للتهرب من الاستحقاقات والدعاية لشركات التأمين!
سمير علي سمير علي

مهمة وزارية للتهرب من الاستحقاقات والدعاية لشركات التأمين!

خلال جولة لوزير الزراعة والإصلاح الزراعي إلى محافظة طرطوس بتاريخ 9/2/2023 من أجل الاطلاع على الضرر الذي لحق بالبيوت البلاستيكية نتيجة التنين البحري والعواصف والأمطار التي حصلت خلال الفترة الماضية، أكد على: «أهمية نشر ثقافة التأمين الزراعي على البيوت المحمية لدى الفلاحين لحمايتهم من أية خسارة عند حدوث أي ضرر»!

وبحسب مدير زراعة طرطوس، أن «عدد البيوت المتضررة بلغ حوالي 1520 بيتاً تعود لحوالي 420 مزارعاً 60% منها مزروعة بالبندورة، والباقي خياراً وباذنجاناً وفليفلة وكوسا وفريزاً، ونسبة الضرر تتراوح من 10 - 100 %».
وقد تضمنت مطالب الفلاحين «التعويض عن الأضرار الحاصلة لهذا العام من صندوق الجفاف».

تحلل من المسؤولية!

تأكيد الوزير أعلاه حول نشر ثقافة التأمين بجانبها العملي، تعني التأكيد على تحلل الوزارة من مسؤولياتها حيال التعويضات، التي من المفترض أن يحصل عليها المتضررون ليس إلا!
فالحماية من الخسائر عند حدوث الأضرار، وخاصة الطبيعية منها، تعتبر من مهام صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية، المحدث لدى الوزارة بموجب المرسوم التشريعي 114 لعام 2011.
ففي التعريفات ورد التالي: «الكوارث الطبيعية: حوادث لا يمكن منعها أو تفاديها، تنجم عن انحراف العوامل المناخية والبيئية أو الحيوية عن معدلاتها الطبيعية، وتؤدي إلى خسائر في الإنتاج الزراعي «الحيواني والنباتي».
وفي المادة 3 منه ورد التالي: «يتولى الصندوق التعويض على المتضررين عن الخسائر المادية والأضرار التي تصيب إنتاجهم بسبب الجفاف والكوارث الطبيعية، أو الأحوال المناخية.. البيئية.. الحيوية/ صقيع.. موجات حرارة مرتفعة.. سيول.. عواصف ترابية.. برد.. رياح شديدة.. شدّات مطرية.. إصابات حشرية.. جوائح مرضية على الزراعات أو الثروة الحيوانية/ وينجم عنها خسائر تزيد على 50% في الإنتاج الزراعي إضافة إلى تجاوز المساحة المتضررة 10% من مساحة الوحدة الإدارية بالنسبة للإنتاج النباتي، ويحسب التعويض من تكلفة الإنتاج فقط، ولا يشمل ذلك المناطق المعلنة أضراراً عامة».
فالتنين البحري والعواصف والأمطار التي حصلت خلال الفترة الماضية، تعتبر من الكوارث الطبيعية المشمولة بالتعريف أعلاه، والتعويضات جراء الخسائر بسببها تعتبر من ضمن مسؤوليات الصندوق، وبعهدة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ليس افتراضاً، بل تنفيذاً لنص قانوني ساري المفعول!
ما يعني، أن حديث الوزير أعلاه ليس تهرباً من مسؤوليات الوزارة والصندوق فقط، بل فيه امتناعٌ عن منح الحقوق لأصحابها، والمقصود هنا تعويض المتضررين من المزارعين!
وهذا لا شك يدخل من ضمن آليات تخفيض الإنفاق على الزراعة، وإجراءات إلغاء الدّعم عنها، وبما يتناسب مع السياسات الحكومية العامة بهذا الصدد!
وليذهب أصحاب البيوت المتضررة في طرطوس- البالغ عددها 1520 بيتاً، وبنسبة ضرر في زراعاتهم من 10-100%- إلى الجحيم بكل بساطة!

وزير أم وكيل ومروج لشركات التأمين؟!

حديث الوزير خلال جولته لم يشمل غض الطرف عن النصوص القانونية التي تضمن التعويضات للمزارعين، بل كان فيه المزيد من جرعات الدعاية والترويج للتأمين على البيوت البلاستكية، وكأنه وكيل دعاية وإعلان لشركات التأمين!
فقد لفت إلى: «ضرورة إقامة ندوات وورشات متكررة على مستوى كل منطقة تنتشر فيها البيوت البلاستيكية للتعريف بأهمية التأمين».
وكذلك قدم ما يشبه «التسهيلات» من أجل الحصول على وثيقة التأمين بقوله: «سيتم معالجة موضوع التنظيم الزراعي من خلال منح الفلاحين الذين لا يملكون تنظيماً، كشفاً حسياً يستطيعون من خلاله الحصول على وثيقة التأمين».
ولم يغب عن الوزير معرفة عدد البيوت البلاستيكية المؤمنة حتى تاريخه، بالمقارنة مع العدد الكلي لهذه البيوت، حيث قال: «عدد البيوت المحمية التي تم تأمينها في المحافظة بلغ حتى الآن حوالي 17 ألف بيت، وهذا الرقم لا يزال متواضعاً بالنسبة للعدد الكلي للبيوت في المحافظة البالغة 136 ألف بيت».
أما عن الهدف من الجولة فقد قال بأنه: «لتقصي واقع الأضرار الحاصلة ومتابعة عمل اللجان المكلفة بحصرها، والتحدث مع الفلاحين حول المشاكل والصعوبات التي تواجههم في عملية الإنتاج، أو التي تعيق موضوع التأمين كونه يطبق لأول مرة هذا العام».
فجُل الغايات الرسمية من الجولة تمثلت بالترويج والتسويق للتأمين على البيوت البلاستيكية على ما يبدو!
فلا تعويضات ستمنح للمتضررين من التنين، والعين مفتوحة على من لم يؤمن على ما لديه من بيوت بلاستيكية حتى الآن، بأعدادها الكبيرة والمغرية حكماً في سوق التأمين، بغض النظر عن مصلحة المزارع!
والزراعة والإنتاج الزراعي ليسا بخير، ولن يتحسن واقعهما بظل الاستمرار بالسياسات المطبقة نفسها، الزراعية، وغيرها من السياسات الأخرى، والتي يغلب عليها عقلية الناهب والفاسد والمرابي والمُستغِل، وبما يصب في مصلحة حيتان السوق وناهبيه قولاً واحداً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1109