في غمرة الكارثة هناك من لا تغيب عنه فرص الربح المضمونة!
بغفلة من الزمن، وفي ظل الانهماك بالكارثة، تمر بعض الصفقات مرور الكرام، بكل سلاسة وبدون صخب!
فآخر ما حرر بما يخص استخدام التقانات الذكية وأجهزة الـ GPS هو ما نقل عن «مصدر» في شركة محروقات، بحسب صحيفة الوطن بتاريخ 5/2/2023، كاشفاً عن «دراسة لاعتماد أجهزة GPS تعمل على الاهتزاز وتركب على المولدات في المنشآت الصناعية والسياحية لاحتساب ساعات العمل».
وبناء على ذلك بحسب المصدر «يتم تحديد مخصصاتها من المحروقات، وبما يضمن حصول المنشآت على مخصصاتها الفعلية، ويحد من الاتجار في المادة في السوق السوداء».
حديث المصدر أعلاه، وبغض النظر عن أهمية وضرورة استخدام مثل هذا الجهاز، يعني أن هناك مستورداً محظياً سينتفع من بيع مستورداته من هذه الأجهزة الذكية، عبر الطرق الرسمية وبالإلزام للمنشآت المستهدفة، مع هوامش الربح المضمونة منه طبعاً!
فبحسب الصحيفة «في حال تطبيق الدراسة سيتم تحميل ثمن الجهاز لصاحب المنشأة، مع توقع أن يكون بداية التطبيق في محافظة ريف دمشق»!
ولكم أن تقوموا بالعمليات الحسابية اللازمة لإحصاء أعداد المنشآت المستهدفة لبيعها هذا الجهاز في ريف دمشق حالياً، والمقدرة بعشرات الآلاف من المنشآت، ثم استكمال ذلك على كل المنشآت في بقية المحافظات، سواء على مستوى القيمة الإجمالية الكبيرة للصفقة، أو على مستوى هوامش الربح الكبيرة التي سيحصدها المستورد المحظي للأجهزة الذكية الجديدة!
أما الشق الآخر من حديث المصدر أعلاه فهو الغاية من استخدام هذا الجهاز الذي يعمل على الاهتزاز، لتحديد المخصصات وفقاً لساعات العمل الفعلي، وللحد من الاتجار بالمادة في السوق السوداء، ما يتضمن اتهاماً مباشراً لأصحاب المنشآت الصناعية والسياحية بذلك!
وبعيداً عن إصدار صكوك البراءة المسبقة لهؤلاء، لكن بالمقابل فإن الجميع يعلم، بما في ذلك الجهات الرسمية، أن غالبية المنشآت تضطر لشراء المحروقات من السوق السوداء، وبأسعارها الاحتكارية المرتفعة، من أجل الاستمرار بعملها، على اعتبار أن مخصصاتها غير كافية، ناهيك عن فترات توزيعها المقترنة أصلاً بما هو متاح من كميات للتوزيع، وليس بما تفرضه الحاجة الفعلية للمنشأة، وهو ما أكده «المصدر» بأن «تحديد نسبة توزيع المحروقات على المنشآت الصناعية والسياحية والحرفية يعود إلى لجان المحروقات في المحافظات، ويتم وفق المتاح من المادة في المحافظة من مخصصات المنشأة المحددة وفقاً للكشف الحسي».
وبمعنى أكثر مباشرة فإن الإلزام بتركيب الجهاز الذكي الجديد أعلاه لن يضمن للمنشآت المستهدفة الحصول على حاجتها من المحروقات، ما يعني استمرار اضطرارها للاستعانة بالسوق السوداء بكل اختصار، ما يسقط أهمية هذا الجهاز الذكي بالنسبة لأصحاب هذه المنشآت، ومع ذلك سيتم فرضه عليهم، أي إن المضمون الفعلي من كل ما سبق هو ضمان الأرباح التي سيحصل عليها المستورد المحظي فقط لا غير، فذكاء اقتناص الفرص من قبل البعض يسخر ذكاء التقانات الحديثة لمصلحته، بغض النظر عن إمكانية الاستفادة من هذا الذكاء ومن الغايات المرجوة منه افتراضاً، والتي تسقط أمام اللهاث للحصول على الربح المضمون والسريع!
بالمقابل تجدر الإشارة إلى أن أصحاب المنشآت المستهدفة، وخاصة الصناعية، من مصلحتها الحصول على احتياجاتها الفعلية من المحروقات بما يتناسب مع ساعات عملها الفعلية المقترنة بالإنتاج، وهي لا تمانع مقابل ذلك تسديد قيمة أي جهاز، ومهما كانت درجة ذكائه، على أن يضمن تلك الغاية والنتيجة، أما أن يتم فرض شراء الجهاز دون تحقيق الغاية منه فهو بالنسبة لهم تكلفة إضافية غير مبررة، أي هي خسارة، ولو كان سعر الجهاز بخساً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1109