حصرية جديدة يتم التخلي عنها لمصلحة القطاع الخاص!
تمضي مسيرة الخصخصة على أحسن ما يرام برعاية الحكومة وإدارتها، فها هي مؤسسة معامل الدفاع تفقد حصريتها بإنتاج وبيع أسطوانات الغاز، من خلال السماح للقطاع الخاص بالقيام بهذه المهمة!
فقد وافق رئيس الحكومة بتاريخ 5/1/2023 على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة: «السماح لوزارة النفط والثروة المعدنية إبرام عقود لشراء أسطوانات الغاز المنزلية مع شركات القطاع الخاص المرخصة والقائمة لصناعة أسطوانات الغاز، إضافة إلى استجرار كامل إنتاج مؤسسة معامل الدفاع من أسطوانات الغاز عند استئناف التصنيع، وإلغاء العمل بالحصر بالمؤسسة في الحصول على أسطوانات الغاز، وذلك بهدف تأمين كامل الاحتياج من الأسطوانات وتغطية حاجة المواطنين منها».
مؤسسة متوقفة عن التصنيع مع جرعة تيئيس!
التوصية أعلاه توضح أن مؤسسة معامل الدفاع متوقفة عن تصنيع أسطوانات الغاز حالياً، ولنا أن نتصور أسباب هذا التوقف عن التصنيع، حالها كحال كل القطاعات الإنتاجية المتوقفة أو شبه المتوقفة في البلاد، وخاصة العامة منها، والصعوبات والمعيقات الماثلة أمامها لاستئناف إنتاجها، والتي يتم تجييرها على أسباب الأزمة والحصار والعقوبات من قبل الرسميين غالباً.
فعبارة «استجرار كامل إنتاج مؤسسة معامل الدفاع من أسطوانات الغاز عند استئناف التصنيع»، الواردة في التوصية أعلاه، تحمل جرعة يأس وتيئيس من استئناف التصنيع لدى المؤسسة، أكثر من الجدية اللازمة لإعادة هذا التصنيع، والدور الحكومي المفترض بهذا المجال!
فالتوصية استبقت استئناف التصنيع من قبل مؤسسة معامل الدفاع، بحال توفرت النية والقرار الرسمي لذلك، وألغت حصرية المؤسسة بعملية التصنيع والبيع، واستبدلتها بشركات القطاع الخاص المرخصة والقائمة لصناعة أسطوانات الغاز!
الذريعة لتبرير خطوة الخصخصة
التبرير الذي تم الاتكاء عليه رسمياً لإلغاء حصرية مؤسسة معامل الدفاع، بحسب التوصية، هو «تأمين كامل الاحتياج من الأسطوانات وتغطية حاجة المواطنين منها».
يبدو التبرير أعلاه موضوعياً، خاصة مع زج حاجة المواطن بمتنه، مع العلم أن حاجة المواطن للغاز أكثر من حاجته للأسطوانات!
فالمشكلة لدى المواطنين ليست بعدد أسطوانات الغاز المتوفرة للاستبدال، فلدى كل أسرة أسطوانة احتياطية فارغة بالحد الأدنى، وما يعنيهم هو تأمين حاجتهم من الغاز!
على ذلك فإن الأسطوانات التي تتم مداورتها في السوق، في ظل نمط التوزيع المقنن الحالي، هي تلك الأسطوانات المتهالكة كمواصفة فنية، في حين تبقى الأسطوانات الجيدة خارج عملية المداورة، محفوظة في المنازل غالباً، وهذا لا ينفي ضرورة إتلاف ما يجب إتلافه من هذه الأسطوانات المتهالكة حرصاً على السلامة العامة طبعاً واستبدالها بأسطوانات جديدة، وهي من مسؤولية وزارة النفط وشركة سادكوب!
الشركات المحظية
اللافت في التوصية أعلاه ليس شرعنة الخصخصة بمتنها فقط، بل بوجود شركات خاصة مرخصة لتصنيع أسطوانات الغاز المنزلي، ولديها إنتاج كافٍ يتيح لوزارة النفط التعاقد معها لشراء أسطوانات الغاز المنزلية منها!
والأسئلة التي تفرض نفسها هنا:
كيف لشركة خاصة أن تغامر بالترخيص لعملية الإنتاج والتصنيع لأسطوانات الغاز المنزلي، في ظل الحصرية التي تتمتع بها مؤسسة معامل الدفاع بهذا الخصوص؟
وكيف تم الترخيص رسمياً بهذا التصنيع أصلاً لهذه الشركات الخاصة في ظل هذه الحصرية؟
أم إن الأمر محسوم ومبيت مسبقاً مع شركات القطاع الخاص المرخصة، مع ضمانة مسبقة بأن الاستثمار بتصنيع أسطوانات الغاز المنزلية سيحقق الأرباح المضمونة منها لهذه الشركات المحظية؟
وهل توقف التصنيع من قبل مؤسسة معامل الدفاع، على اعتباره من مصلحة هذه الشركات الخاصة المرخصة، هو موضوع مبيت أيضاً، وبالتالي استئناف هذا التصنيع ربما لن يتم مستقبلاً، ما يوضح جرعة التيئيس الواردة بمتن التوصية أعلاه؟
فالتوصية أعلاه هي مثال جديد على عمليات الخصخصة الجارية لتمثل المسمار الأخير في نعش تصنيع أسطوانات الغاز من قبل مؤسسة معامل الدفاع!
طبعاً لا غرابة في كل ما سبق، فعمليات الخصخصة المباشرة وغير المباشرة تمضي تباعاً، وبسلاسة منقطعة النظير، وبما يتوافق مع السياسات الليبرالية المتبعة رسمياً، ولا ندري ما في جعبة الرسميين من قطاعات قيد الانتظار بهذه العمليات!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1104