عام 2022 العام الإعلامي بامتياز لوزارة التربية دون إنجازات
عمار سليم عمار سليم

عام 2022 العام الإعلامي بامتياز لوزارة التربية دون إنجازات

انتهى عام 2022 بجملة من الأزمات والإخفاقات بكافة المجالات وأهمها: التعليم، بدءاً بامتحانات الشهادات مع جملة المشكلات في الواقع التعليمي والتربوي والتدهور المخيف الذي حصل ولا يزال مستمراً.

ومع هذا وجدنا وزارة التربية تعمل بكل ما أوتيت من وسائل إعلامية على أن تظهر بمظهر المُطوّر للعملية التعليمية والتربوية، وذات الأفكار الخلّاقة والمبدعة في هذا المجال، محاولة ذرّ الرماد في العيون!
ونستعرض في هذه البانوراما أهم ما ورد في قاسيون من هذه الاستعراضات الإعلامية في هذا العام الأشد تدهوراً لواقع التربية في سورية.

عن أي تطور تكنولوجي يتحدثون!

في ظل هذا الواقع المتردي من خدمات عموماً، ورد على لسان رئيس مركز القياس والتقويم خلال شهر كانون الثاني 2022 عبارة لا تجد لها مكاناً إلا في السخرية وهي: «التطور التكنولوجي والمعرفي»، فمن مادة (وزارة التربية تستمر بالتطوير من كوكب آخر، العدد 1052)، «نذكر وزارة التربية بأن الاختبار التحريري الفصلي عانى منه المدراء والمدرسون الأمرين لكتابة النماذج وطبعها فقط بسبب ساعات التقنين التي تمتد إلى 20 ساعة، مما يضطر الإداريين لفتح المدرسة خارج وقت الدوام لإنجاز الطباعة وتكليف المدرسين بوضع الأسئلة قبل 20 يوماً من الامتحان، أما عن الإنترنت فحدث ولا حرج إذ تزداد أسعار الباقات ويزداد معها تردي الخدمة».

العنف لا يولد إلا العنف

من مادة «اللاعنف في المدارس.. استخراج الماء من الجمر (العدد 1061)، «في كل شهر أو شهرين تفاجئ وزارة التربية المواطنين بنشاطاتها اللامعة، فهي لم تنقطع عن التنسيق بين مختلف المنظمات الإنسانية، والغاية منها أمران أساسيان وهما: استجداء هذه المنظمات للإنفاق على التعليم، هذا إن تم إنفاقها على التعليم والأمر الآخر هو تغطية تخلي الحكومة والوزارة عن هذه المسؤولية، وتجييرها على المجتمع الأهلي والمنظمات الإنسانية.. حيث أكد الوزير طباع: أن الوزارة تعمل على ملف اللاعنف، وهو ضمن أولوياتها؛ من خلال تطوير المهارات الحياتية، وبناء شخصية الأبناء وتقدير الذات، والتواصل والتفاوض، والتفكير الناقد، بالإضافة إلى تطبيق المهارات الحياتية في مجال القانون».. «ولنا أن نسأل كل المعنيين في هذا المجال: هل حاولوا أن يتقصوا أسباب العنف الذي يسود المجتمع بأسره ومنه المدرسة، والوقوف عند مقومات تفشيه ومعالجة الأسباب الحقيقية التي تقف وراءه؟ طبعاً هم غير معنيين إلا بطرح العنوان، ثم بعدها بعقد الاجتماعات الشكلية، والتي تنفذ مخرجاتها أيضاً بشكل صوري، كالذي يعالج الأعراض ولا يتصدى لمعالجة المرض الذي يسبب الأعراض.. عندما نأتي إلى مدرسة مع معلميها ثم نطلب منهم أساليب تربوية غير عنيفة، والابتعاد عن العنف بكل أشكاله تجاههم، فعلينا أن ندرك أن المدرسة عينة من أطياف وأسر ومجتمع كبير تسوده هذه الظاهرة الخطيرة، فلا يمكن منطقياً أن يعيش الطلاب والمعلمون على السواء في بيئة اجتماعية يسودها العنف بكل أشكاله، ثم يأتون إلى المدرسة فتتلاشى هذه الظاهرة داخل المدرسة! إذن هي امتداد وصورة لحالة عنف يتولد عن عنف أشمل في تفاصيل الحياة كلها... الواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي في المجتمع السوري عموماً، هو أساس كل أمراض المجتمع، فالأبدان المتعبة المنهكة من ضغط العمل والواقع الخدمي بالغ السوء من كهرباء ومواصلات وماء واتصالات هذه الأبدان والنفوس لن تكون مستعدة لحل المشكلات ببنية عصبية سليمة، وستكون الأسرة بالنتيجة عرضة للصدام والعنف، يبدأ من رب الأسرة وينتهي بالأطفال الذين يكتسبونها من المنزل».

أحلام الطفولة الضائعة

من مادة (أحلام الطفولة المنتهكة والمدمرة لن يحلها الفلم الموجه العدد 1069) ورد التالي: «على مدى عقود طويلة وانتهاءً بآخر إحدى عشرة سنة وإلى الآن، تتفاقم الأحوال الاجتماعية وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم، والسبب معروف وبدهي، والفقر واليتم والتشرد والجهل والمرض كل تلك الكوارث لا تختارها الأسرة لنفسها ولا يختارها الأطفال لأنفسهم، بل هي نتيجة طبيعية لسياسات مطبقة على صدور السوريين تنهش طفولة الأطفال قسراً واغتصاباً قبل الكبار، وتميت مستقبل البلاد بموت الأطفال، وانتهاك حقوقهم بالغذاء والتعليم وأساسيات الحياة، وبعد أن مر العيد هذا العام بوجهه العابس، ومائه المالح، بلا ثياب جديدة، وبدون ألعاب وبدون حلويات، تحاول الحكومة ترقيع هذه المأساة بمحاولاتها البراقة كالمعتاد بأنها راعية الأطفال والطفولة، وتتدخل الأيدي السحرية لوزارة التربية بحل لا مثيل له في البلاد، وهو توظيف الفن للارتقاء بالحالة النفسية للأطفال السوريين عبر فن المسرح «المؤفلم» كما وصفه مخرج ومؤلف الفلم..».

للاستعراض فقط

من مادة (وزارة التربية.. تستمر الفعاليات ويستمر التراجع العدد 1078) ورد التالي: «تم مؤخراً نشر خبر على الصفحة الرسمية لوزارة التربية، وهو مناقشات حول المهارات الحياتية والتعلم الرقمي وغيرها، خلال فعاليات اليوم الثالث من القمة التحضيرية حول تحويل التعليم.. من يقرأ هذا الخبر ويغوص في تفاصيله سيجد مدى اهتمام الوزارة بالاستعراض فقط؟ وما يدلل على ذلك هو ذكر المصطلحات الفضفاضة البعيدة كل البعد عن الواقع التربوي في سورية، ومدى إمكانية تطبيقه، فنحن لا تهمنا مشاركات الوزارة في تلك الفعاليات، ولكن ما يهمنا أن نخرج التعليم من أزمته الحالية الواقعة بين سندان الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ومطرقة تهرّب الوزارة والحكومة من واجباتها الواضحة والأساسية تجاه التعليم، فقبل المشاركة بمثل هذه الفعاليات الافتراضية وغير الافتراضية، كان الأَوْلى لها أن تضع خططاً إسعافية تخرج التعليم من هذه الحفرة التي أوقعته بها»!

الرياضة التائهة

من مادة (قطاع التربية بحاجة إلى البيسبول! العدد 1094) ورد التالي: «مناقشة خطة التعاون وآلية تفعيل لعبة البيسبول في المدارس خلال اجتماع وزير التربية الدكتور دارم طباع وأمين الاتحاد العربي، ورئيس الاتحاد العراقي للسوفيتبول والبيسبول علي البلداوي، ونائب رئيس الاتحاد العربي والعراقي الدكتور أحمد الساعدي، ورئيس الاتحاد السوري للسوفيتبول والبيسبول الدكتور محمد ميهوب علي، ومدير التربية الرياضية في وزارة التربية الدكتور عبد الحميد زرير، بحضور عضوي مجلس الشعب السوري ماهر قاورما وعروبة محفوض. حيث تمت مناقشة متطلبات لعبة البيسبول وإدخالها للمدارس، وأهميتها ودورها في تنمية اللياقة البدنية للطلاب، وإبعادهم عن الألعاب العنيفة.. ولم يلق هذا الخبر إلا مزيداً من التهكم والسخرية من قبل المواطنين لشدة انفصامه عن الواقع التربوي، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر، فهل مدارسنا التي يتحدثون عنها في تمام العافية حتى أنها لا ينقصها إلا إدخال لعبة البيسبول؟!».
المقتطفات أعلاه هي غيض من فيض استعراضات وزارة التربية الإعلامية لكل مسرحياتها الهزلية، أمام واقع التعليم الذي دمرته الحكومة وما زالت مستمرة به، عبر سياساتها المتوحشة تجاه كل ما يخدم المواطن السوري، كبيراً وصغيراً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1104