بورصة المياه تعزز مكانتها تحت ضغط الحاجة!
تفاقمت أزمة المياه في الكثير من البلدات والمناطق والأحياء، وخاصة في مدن وبلدات الريف، وذلك بالتوازي مع فترة الشح «الأزلية» بين نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء، بانتظار تحسن المخزون المائي مع بدء موسم الأمطار، كما كل عام، عسى تتحسن معه كميات الضخ عبر الشبكات الرسمية.
وتتعزز المشكلة بشكل أكبر وأعمق مع غياب الكهرباء أيضاً، فحتى إن توفرت المياه في الشبكة أحياناً فهذا لا يعني بالضرورة وصولها إلى المحتاجين!
فكل الحديث عن التنسيق بين وحدات المياه وبين الجهات المسؤولة عن تزويد محطات ضخ المياه بالكهرباء اللازمة لتشغيلها كان بلا جدوى، وكذلك وصول المياه في الشبكة لا يعني إمكانية وصولها في الأبنية الطابقية في ظل الغياب الكهربائي عنها، فواقع الحال يقول: إن هذه المشكلة ما زالت قائمة في الكثير من البلدات والقرى، ما يعني استمرار المعاناة وتفاقمها دون حلول ناجزة!
الشح الحالي كان كارثياً على المواطنين، فقد ارتفعت بورصة المياه المعبأة عبر الصهاريج لتصل إلى سعر 25 ألف ليرة لكل 5 براميل، وبما يعادل 125 ألف ليرة شهرياً بالنسبة لكل أسرة تقريباً، كي تغطي احتياجاتها من المياه، وهذه المياه مخصصة للاستعمال المنزلي من غسيل وتغسيل وتنظيف فقط، حيث يضاف إلى التكلفة أعلاه ثمن مياه الشرب، والتي تتجاوز بمجموعها مبلغ 150 ألف ليرة شهرياً كتكلفة وعبء تتحمله غالبية الأسر في الكثير من البلدات والمدن، مع الأخذ بعين الاعتبار جهالة مصادر المياه، وخاصة ناحية سلامتها وصلاحية استخدامها البشري!
بناء عليه، فليس من المستغرب أن يتم الاضطرار من قبل المواطنين إلى اللجوء إلى بعض مصادر المياه المتاحة الأخرى، مثل: الينابيع في بعض المناطق والقرى، مع ما يمكن أن تسفر عنه من احتمالات الإصابة بالأمراض، وهو ما جرى ويجري خلال السنوات الماضية وحتى الآن!
يضاف إلى ذلك بعض الوقائع التي تؤكد حصول رشح بين شبكات الصرف الصحي، وصولاً إلى شبكات المياه، والتي تؤدي أيضاً إلى انتشار الأمراض، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك أيضاً!
فأمر سوء وتردي خدمة التزود بالمياه عبر الشبكات الرسمية المفترضة لم يعد يقتصر على التكاليف المرتفعة والباهظة التي يتكبدها المواطنون لتأمين احتياجاتهم عبر الصهاريج، وعلى حساب ضرورات حياتهم الأخرى، بل وعلى ما يمكن أن يعانوه من أمراض، والتي تحملهم أعباءً مالية إضافية للاستشفاء منها أيضاً!
فالمعاناة المستمرة من أزمة المياه في ظل انعدام الحلول الرسمية لها، والاكتفاء ببعض الحلول الترقيعية هنا وهناك، أو تجيير المسؤوليات والتهرّب منها، لا يعني إلّا المزيد من تعمق الأزمة، وبالتالي، المزيد من عوامل استغلال الحاجة!
فأن تصل تكلفة أعباء الحصول على المياه لسد الحاجة الضرورية منها إلى مبلغ 150 ألف ليرة شهرياً، في ظل الواقع المعيشي المتردي للغالبية المفقرة، وبعلم ودراية الحكومة والرسميين، مع كل اللامبالاة والاستهتار، لا يعني إلّا الدفع بهذه الغالبية نحو المزيد من الإفقار والعوز والمرض!
فهل فعلاً هناك عجز حكومي عن حل هذا الملف الحياتي والضروري والهام، أم أن المعاناة وأوجه الاستغلال مطلوب استمرارها وتعميقها أكثر، مع مفاعيلها ونتائجها الكارثية على حساب ضرورات المعيشة والصحة والبقاء على قيد الحياة؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1096