قطاع التربية والحاجة إلى البيسبول!
عمار سليم عمار سليم

قطاع التربية والحاجة إلى البيسبول!

من المثير للضحك، الناتج عن «شر البلية»، هو ما تنشره وزارة التربية تباعاً من أخبار على صفحتها الرسمية عن نشاطاتها، حيث للوهلة الأولى تظن بأن بعض هذه الأخبار هي لدولة أخرى غير سورية!

فقد ورد على صفحتها مؤخراً ما يلي: «مناقشة خطة التعاون وآلية تفعيل لعبة البيسبول في المدارس خلال اجتماع وزير التربية الدكتور دارم طباع وأمين الاتحاد العربي ورئيس الاتحاد العراقي للسوفيتبول والبيسبول علي البلداوي، ونائب رئيس الاتحاد العربي والعراقي الدكتور أحمد الساعدي، ورئيس الاتحاد السوري للسوفيتبول والبيسبول الدكتور محمد ميهوب علي، ومدير التربية الرياضية في وزارة التربية الدكتور عبد الحميد زرير بحضور عضوي مجلس الشعب السوري ماهر قاورما وعروبة محفوض.. حيث تم مناقشة متطلبات لعبة البيسبول وادخالها للمدارس وأهميتها ودورها في تنمية اللياقة البدنية للطلاب، وإبعادهم عن الألعاب العنيفة.. وأشار الوزير طباع لأهمية التعريف باللعبة اعلامياً وتدريب الموجهين ثم المدرسين عليها وفق خطة ممنهجة وتنظيم مباريات تشجيعية فيها، فيما أشار البلداوي الاستعداد لتدريب المدرسين حول تفاصيل اللعبة وتخطيط الملعب وتقديم الدعم اللازم لإنجاحها في سورية».
فلم يلق هذا الخبر إلا مزيداً من التهكم والسخرية من قبل المواطنين، لشدة انفصامه عن الواقع التربوي، وكأن الوزارة تعيش وتعمل في كوكب آخر!
فهل مدارسنا التي يتحدثون عنها في تمام العافية، حتى أنها لا ينقصها إلا إدخال لعبة البيسبول؟!
لا شك أن الرياضة لا تقل أهمية عن العلم والتعليم، فلا بد من بناء الأجسام السليمة لأن سلامة الدماغ من سلامة الجسم، وكما يقال «العقل السليم في الجسم السليم»، ولهذا على وزارة التربية أن تهتم بالرياضة كمادة هامة نظرياً، ولكن لكي تتم التربية الرياضية بشكل سليم يجب أن تتوفر شروطها (التغذوية- الأدوات- المستلزمات والتجهيزات) بحدودها الدنيا، ولكن وللأسف الشديد فالمدارس تفتقد أهم مقومات عملها المفترض، فهي تفتقر إلى المدرسين من كافة الاختصاصات، وتفتقر إلى المستلزمات جميعها!

واقع التربية الرياضية في المدارس

لا ينفصل واقع التربية الرياضية عن واقع بقية المواد الدراسية في المدارس، فهناك نقص حاد في اختصاصيي التربية الرياضية، وغالباً ما يلجأ مدرب الأنشطة اللاصفية إلى القيام بمهام مدرس مادة الرياضة، مع النقص الحاد بمستلزمات التربية الرياضية، من كرات وأقماع وغيرها، ناهيك عن طبيعة الأبنية المدرسية وما فيها من مساحات مهيأة لممارسة الرياضة من قبل التلاميذ!
ومع هذه الصورة المختصرة للواقع التربوي، الذي تنم عن انهياره وتدهوره وتراجعه، نرى مثل هذا الخبر على صفحة الوزارة الرسمية حول إدخال لعبة البيسبول، وليس هذا فحسب، بل يعقد الاجتماعات ويناقش آليات تنفيذها وكأنها أولوية من أولويات المدارس في ظل افتقارها إلى قلم للسبورة، فضلاً عن المعدات الرياضية!
وربما ليس بالغريب أن تخفي هذه السياسات طاماتها، كالذي يختبئ خلف إصبعه!

لعبة «الدحاحل» أهم!

فيما يلي بعض تعليقات المواطنين المتهكمة على خبر الوزارة أعلاه:
عفوا منكم.. كرة قدم بلا ستيك ما في بمعظم مدارسنا.. بحصة الرياضة ما في غير الركض ورا بعض.. أو إذا في شي تالف بيحولوه الأطفال لكرة.. وإذا كان حظن حلو أحد تلاميذ الصف بيكون جايب معو كرة بيلعيو فيها بباحة المدرسة اللي كلها بيتون أو زفت.. ويا ستار إذا وقع أحد التلاميذ.. ما رح نحكي عن بقية المنهاج؟؟؟
واووووو شي عظيم، تفعيل لعبة البيسبول في مدارسنا.. بس خبرونا إذا الكادر التدريسي والتعليمي والإداري إلن علاقة بالموضوع لنبدا بالاستعدادات اللازمة.. بهي اللحظة أدركت معنى التفكير خارج الصندوق!
معلمي كمان لعبة الدحاحل بتنمي العقل والتركيز والحساب.. وهي من بيئتنا مو مستوردة.. وما بدها مساحات واسعة وساحات مخصصة!
ههههه قسما بالله شي بيضحك.. الطلاب ما ناقصهم كتب ولا أستاذ يدخل عليهم الصف.. ولا مقاعد متل الخلق والعالم.. بس ناقص البيسبول.. يا أخي هي اللعبه عنا بسورية مو موجودة ولا في إلها ملاعب ولاشي!
بيناقشوا كل شي إلا التعليم.. روحوا أمنوا كتب ومدرسين!
سعادة الوزير مواعين ورق بالمدارس ماكو.. محابر للطابعات كمان ماكو.. طلابنا رح يعملوا امتحان على طريقة الأجداد دفتر مذاكرات.. والأسئلة تكتب على السبورة.. ومازوت للتدفئة كمان ماكو.. وخلي الطابق مستور!
هيك كتير!!... انفصام حقيقي!!
ياااااا رب دخيلك مدارسنا متهالكة ناقصها كتيير.. وأصلاً بدنا مدارس وتجهيزات بشرية ومادية.. والله الواقع بدو شغل كتييير.. أنتو وين والواقع وين؟!
اقتراح بمحلو الصراحة في ظل غياب أبسط مقومات التربية والتعليم بالمدارس!
صورة عن المدارس في سورية واحتياجاتها
الصورة في المدارس السورية لا تخفى على أحد، فنتيجة السياسات المعمول بها، والساعية إلى الربح الأقصى لشريحة النخبة من الأثرياء، تم ضرب قطاعات الدولة بكل ما أوتيت هذه السياسات من وسائل، بما في ذلك تآكل مجانية التعليم وتراجعه إلى حدود غير مقبولة، حيث أصبح من غير الممكن إصلاحه إلا بجملة إجراءات جادة تعالج المشكلة من جذورها، والتي تبدأ برفع الأجور للمدرسين بما يناسب مستوى المعيشة وتكاليفها لاستقطابهم، وتحسين البنية التحتية للمدارس وتأمين مستلزماتها، ووضع المناهج لتناسب الواقع المجتمعي الراهن والأفق المنشود، وكل ذلك يجب أن يتزامن مع تغيير السياسات الاقتصادية التي دمرت الحالة الاجتماعية في سورية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1094