الفيلر والبوتكس أهمّ من حليب الأطفال!
رند الحسين رند الحسين

الفيلر والبوتكس أهمّ من حليب الأطفال!

أثار قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالسماح باستيراد مواد التجميل ومنها حقن الفيلر والبوتوكس سخطاً كبيراً وانتقاداً لاذعاً في الشارع السوري، يمكن رصده بوضوح من خلال المنشورات الناقدة على صفحات التواصل الاجتماعي.

ففي الوقت الذي يعاني منه القطّاع الدوائي من نقصٍ حادّ في أدوية السرطان وحليب الأطفال وغيرها، بالإضافة طبعاً إلى أزمة مسلسل ارتفاع أسعار ما هو متوافر من الدواء، تقوم الحكومة بإصدار قرارات لا تخصّ ولا تعني الفئات المفقرة من الشعب بشيء.
ولكن على ما يبدو فإنّ هموم ومشكلات سيدات المجتمع الراقي تشغل بال الحكومة أكثر وتدفعها للمضي قدماً نحو حلّها، ضاربةً بعرض الحائط هموم ومشكلات الغالبية العظمى من السوريين.
يقول أبو محمد وهو أب لطفلين لإحدى الصيدلانيات بعد ساعةٍ كاملة من السير على الأقدام بحثاً عن حليب نان 1 لابنته: «لكان... النفخ والشدّ أهم من حليب الأطفال» في سخرية واضحة وألمٍ مغلّف بالنكتة ردّاً على هذا القرار.
الضجّة التي أحدثها قرار السماح باستيراد مواد التجميل اضطر الحكومة لإصدار بيانٍ توضّح فيه سبب اتخاذ هذه الخطوة.
حيث ذكرت الوزارة أنها كانت قد «منعت استيراد المادة سابقاً لكونها ترتبط ببعض العمليات التجميلية والتي لا تشكّل أولوية بالنسبة للمواطنين في ظل الظروف الحالية، إلاّ أنّ المطالبات أكدت بأن لهذه المادة استخدامات أخرى، وفقاً للقطاع الصحي، وذلك في بعض العمليات الجراحية الضرورية ومعالجة بعض الأمراض العصبية، ولذلك فإنّ الاستمرار بمنع الاستيراد سيؤثر على توفر المادة اللازمة للحالات العلاجية والتي لا ترتبط بالعمليات التجميلية».
ورغم أنّ ما برّرت به الوزارة قد يحملُ جزءاً من الصحة، إلا أن واقع ازدياد عدد مراكز التجميل، وتوجّه نسبة من الفتيات نحو إجراء عملية هنا وعملية هناك، يجعل من الصعب التصديق بأنّ الدوافع لاستيراد مواد التجميل تقتصر على الحالات العلاجية. خصوصاً في ظلّ الأرباح الطائلة التي تدرّها هذه المراكز، وفي ظلّ التشجيع المتعمّد للفتيات لارتيادها وإجراء العمليات عبر نشر الموضوع باعتباره «موضة» و«ضرورة» لتحسين المظهر وجعله مقبولاً أكثر في بعض الأوساط الاجتماعية.
تساعد وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً منصة إنستغرام في جعل ثقافة التجميل شائعة ومقبولة أكثر وسط الناس، وذلك عبر تصديرها نماذج مصنّعة «للفتاة الجميلة» والتي ينبغي أن تحقّق صفاتٍ جسدية محدّدة حتى ترقى إلى مستوى الجمال الاجتماعي الذي تحدّده بالذات تلك الشركات المصنّعة لمواد التجميل، وتحقّق من ورائه أرباحاً هائلة.
قرار السماح باستيراد مواد التجميل أتى بعد فترة من السماح بتصدير مواد دوائية كالباراسيتامول والأزيثرومايسين والكلوركوين المستخدم لعلاج الملاريا. فيما يضع إشارة استفهام حول الإستراتيجية التي تتبّعها الحكومة في إصدار قرارتها فيما يتعلّق بالقطّاع الصحّي، في ضوء ما يعانيه هذا القطاع من أزمات واستنزافات عديدة، تجعل منه قطّاعاً مهترئاً مشلولاً وعاجزاً عن حلّ المشكلات الصحية الجدّية المتراكمة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1094