التهاب الكبد الفيروسي في طرطوس... فوق الموت عصّة قبر!
خلود العاصي خلود العاصي

التهاب الكبد الفيروسي في طرطوس... فوق الموت عصّة قبر!

من ضمن مجموعة من الأزمات التي تعاني منها محافظة طرطوس، برزت مؤخراً مشكلة انتشار التهاب الكبد الفيروسي A حيث أشار مدير صحة طرطوس أحمد عمار لإذاعة «نينار إف أم» إلى أن المحافظة قد سجلت حوالي 450 حالة إصابة موزّعة على خمس مناطق منها دريكيش، مدينة طرطوس، مشتى الحلو.

وأضاف د.عمار أن الإصابات التي سجّلت بنسبة 85% كانت بسيطة جداً، وتعالج منزلياً مع بعض الاحتياجات البسيطة للمشفى وأن 50% من الإصابات تم تسجيلها في المدارس، منوّهاً إلى أن وجود إصابات في المدارس يعني أن العدوى سهلة، وذلك بسبب عدم اتباع الطلاب إجراءات النظافة الشخصية كتبادلهم للمأكولات بين بعضهم أو حتى أغراضهم الشخصية وفق رأيه.
اللّافت في تصريح مدير صحة طرطوس هو تحميله مسؤولية انتشار المرض إلى أهالي المنطقة، حيث قال لإذاعة شام إف إم أن «المياه الرئيسية ومياه دريكيش عقيمة، ولكن تبين من خلال فحص عينات لينابيع مياه مجاورة أنها ملوثة وتستخدم بسقاية المزروعات، إلى جانب أن المرض ينتقل عن طريق الملامسة أو تناول الخضار والفواكه الملوثة».
تجدر الإشارة إلى أن محافظة طرطوس، وتحديداً القرى فيها، تعاني من شحّ في المياه، حيث يقول السكان هناك إن المياه الرئيسية تأتي إلى كلّ بيت مرة كل 25 يوماً، وأنها تعبئ حوالي 5 براميل في المرة الواحدة، وهذه الكمية بالكاد تكفي للشرب وحده، لذلك يلجأ عدد كبير من الناس إلى مياه الآبار والتي عادةً ما تكون ملّوثة.
ورغم معرفة الجهات الحكومية لسبب المشكلة، ورغم مطالبات الناس في تلك المناطق الجهات المعنية بحلّ أزمة المياه إلّا أن المشكلة ما زالت قائمة دون محاولات حلول تُذكر.
وما يزيد الطين بلّة هو تلك التصريحات التي تعتبر مشكلة انتشار مرض التهاب الكبد أمراً «طبيعياً» و«يحدث كلّ سنة».
فقد نقلت وكالة «سانا» عن هتون الطواشي مديرة الصحة المدرسية في وزارة التربية قولها إنّ: «الأعداد المصابة هي مقاربة تماماً للإصابات التي تحدث بشكل سنوي وخاصة في فصل الخريف» في إشارة إلى أنّ الحديث عن هذا الموضوع مبالغ به، وهذا ما قاله فعلاً مدير صحة طرطوس حيث وصف واقع الإصابات بأنّه مبالغٌ به على مواقع التواصل الاجتماعي وأنّ الحالات محدودة.
وبغضّ النظر عن عدد الحالات ومستوى شدّتها، إلّا أن التعاطي الرسمي معها عبر تأريضها واعتبارها «حدثاً عادياً» بالإضافة إلى تحميل الناس وطلاب المدارس مسؤوليتها، هو ما يزيد من حجم المشكلة.
إذ يعدّ انتشار التهاب الكبد نتيجةً لعدة مشكلات موجودة مسبقاً، على رأسها أزمة شحّ المياه واختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي.
فعلى نفس السياق تم رصد حالات إصابة بالتهاب الكبد في منطقة مصياف خلال الفترة القريبة الماضية أيضاً، وقد تم التعامل معها وفقاً لنفس السيناريو المتبع من تحميل المسؤولية للمواطنين ولمصادر المياه غير الرسمية.
وتعاني قرى محافظة طرطوس كذلك من مشكلات عديدة تتعلّق بوضع الطرقات، وعدم وجود ممرّات زراعية لأشجار الزيتون المتواجدة ضمن مساحات يصعب الوصول إليها، إذ يضطر المزارعون إلى جني المحصول وحمله لمسافات كبيرة، بالإضافة إلى مشكلات أخرى تتعلّق بالمازوت والكهرباء وغيرها من المشكلات الخدمية التي تعكس إهمالاً حكومياً واضحاً للمشكلات العالقة منذ سنواتٍ عديدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1094