استيراد بذور القطن... ماذا بعد؟!
ماسة سليمان ماسة سليمان

استيراد بذور القطن... ماذا بعد؟!

وافقت رئاسة مجلس الوزراء على اقتراح استيراد بذور القطن الصناعي «المخصص لاستخراج الزيت حصراً»، وحسب الوزارة، جاءت الموافقة بسبب حاجة القطر للمادة اللازمة لإنتاج الزيت والكسبة.

وبحسب الوزارة «سيتم السماح بإدخال البذور غير المعدومة الحيوية بشرط أن ترفق الإرسالية إلى مستودع المنشأة المرخصة والحاصلة على ترخيص تشغيل من قبل مفوض حجر صحي نباتي، وأن تتم عملية التصنيع بالكامل تحت إشراف مكتب القطن، تلافياً لتسرب أية كمية من البذار الصناعية إلى الزراعة، وعلى نفقة المستورد بتعهد خطي بتنفيذ كافة الإجراءات التي تضمن عدم تسرب أية كمية خارج المنشأة واستخدامها للزراعة»، على أن يكون هذا الإجراء لفترة محدودة حتى نهاية 2023.
بعيداً عن مدى إيجابية القرار والمحددة بـما سيوفره من بديل لعمليات استيراد الزيت، وتغطية حاجة السوق المحلي عبر إنتاج الزيت محلياً، بالإضافة أن عملية استيراد البذور ستشغل المعامل بطاقتها الإنتاجية القصوى، وما ستوفره من فرص عمل، بالإضافة إلى اعتبار مادة كسبة بذار القطن تستخدم كأعلاف، في الوقت الذي يعاني فيه قطاع الأعلاف من عجز كبير، يبقى السؤال الأساسي: ما الذي أوصلنا إلى هذه النتيجة؟
ما لا شك فيه، أن الجميع بات يعلم علم اليقين، أن العقوبات والحصار وارتفاع أجور الشحن والنقل، وحتى أزمة الغذاء العالمية، باتت شماعة تعلق عليها كافة نتائج وموبقات السياسات الحكومية، من ارتفاع الأسعار ورفع الدعم وغيرها...إلخ.
فسياسة ضرب الإنتاج المحلي بشقيه الزراعي والصناعي، يجري العمل عليه منذ ما قبل انفجار الأزمة السورية، عبر رفع الحكومات المتعاقبة يدها عن دعم الإنتاج تدريجياً، حتى باتت ما تقدمه عبارة عن دعم اسمي لا أكثر، لتترك المنتجين يصارعون وحدهم لتأمين مستلزمات الإنتاج عبر السوق السوداء وبتكاليفها المرتفعة، وفي نهاية المطاف لا توجد أسعار تسويق حكومية مجزية تحفز المنتجين على توسيع إنتاجهم!
لقد بات المُنتِج يعلم أن مصيره تكبد المزيد من الخسارة، وهذا ما أدى إلى تراجع الإنتاج إلى هذه العتبة التي أوصلتنا إلى اللجوء لعمليات الاستيراد، وبمعنى آخر، إن السياسات التي تبنتها الحكومة، وما زالت متمسكة بها، قد أدت إلى تراجع الإنتاج، لتبرر عمليات الاستيراد لمصلحة قوى الفساد والنهب، ولتفتح لهم عمليات الاستيراد من أوسع أبوابها، نحو توسيع ربحهم إلى الحد الأقصى، وعلى حساب لقمة عيش المواطن والإنتاج الوطني!
فاليوم، فتح الباب أمام استيراد البذار، مع ما تحمله هذه المعادلة من مخاطر تسرب تلك البذور إلى الأسواق، واستخدامها في عمليات الزراعة، في ظل غياب الرقابة الحقيقية وانتشار الفساد الكبير، وما سيكون له من نتائج خطيرة ومدمرة على العملية الإنتاجية، كون أصناف البذار المستخدمة في البلاد معتمدة من قبل هيئة البحوث ومكتب القطن، وقد أجريت عليها تجارب عديدة حتى تم اعتمادها، وربما غداً سيفتح الباب أمام استيراد القطن المحلوج وغير المحلوج لنفس المسوغات والمبررات، وربما قد توصلنا تلك السياسات في نهاية المطاف إلى ضرب كل سلسلة الإنتاج الصناعي المرتبط بالقطن، واستبداله باستيراد الأقمشة، بل والألبسة الجاهزة...
ولم لا فكل المؤشرات والدلائل تؤدي إلى هذه النتيجة الكارثية، على الإنتاج وعلى مصلحة المنتجين والمستهلكين معاً، وعلى حساب الاقتصاد الوطني!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1090