المشكلة الاستهلاكية... نقص بالسلع أم بواقع الأجور؟!
ماسة سليمان ماسة سليمان

المشكلة الاستهلاكية... نقص بالسلع أم بواقع الأجور؟!

عاد ارتفاع الأسعار مرة أخرى ليزيد من تعمق تراجع القدرة الشرائية للمواطن مقابل الأجور، التي ما زالت تفقد قيمتها أمام هذا الارتفاع المستمر والمتسارع...

وفي خضم كل تلك المآسي المتراكمة، إن ألقينا نظرة على طريقة مراقبة الأسواق وضبطها حكومياً، بل وطريقة تعاطيها مع المشكلة وطرق علاجها، نجدها تنحصر وفق المنهجية المعتادة ذاتها، والتي تركز على التالي:
نقاش مجلس الوزراء واقع الأسعار في الأسواق ومدى توافر المواد الأساسية، التشدد بمراقبة الأسعار وضبطها في كافة مراحل العملية التجارية بالإضافة لفرض العقوبات القانونية بحق المخالفين بما يضمن تأمين جميع المواد للمواطنين بأسعار وجودة مناسبة.
العمل على توفير احتياجات الأسواق المحلية من مختلف السلع والمواد الأساسية لا سيما الموزعة عبر البطاقة الإلكترونية.
دوريات حماية المستهلك تتابع عملها على ضبط الأسعار ومراقبتها على قدم وساق.
وبعيداً عن العمل الرتيب للاجتماعات الوزارية الدورية، التي تكتفي بإعطاء إيعازات خلبية لا أكثر، والتهليل بعمل الوزارات وفق نموذج يقتصر على شاشات التلفزة ومواقع الأخبار، ربما وجب تذكير الحكومة الموقرة: أن المواد الاستهلاكية متوفرة بكثرة وفق احتياجات السوق المحلية، وربما وجب تصحيح المعلومات لديها، فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في نقص احتياجات السوق الاستهلاكي المحلي، بل والترفي أيضاً، بل إن المشكلة الأساسية تكمن بالانخفاض المزري للقدرة الشرائية للمواطن، نتيجة عدم تناسب الأجور مع الحد الأدنى لتكاليف المعيشة السورية الآخذة بالارتفاع.
أما عن الرقابة المزعومة، عبر عمل دوريات حماية المستهلك، الذي وصفته الوزارة بالآني، فلم يعد خافياً على أحد أن هذه الدوريات بأغلبيتها الساحقة باتت دوريات حماية التاجر، ودوريات جباية تتصيد الفرص وفق نموذج اللاحل السائد، والذي سمح بهذا الكم من الفساد على حساب معيشة المواطن المتردية.
وربما تصريح نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، يعكس في جزء منه واقع العمل الوزاري الرتيب وغير المجدي، خصوصاً في آليات الرقابة واقتصاره على نموذج التهديد والترهيب، مشيراً إلى مكامن الخطأ في عملها، حيث جاء في تصريحه « أن المشكلة التي تقع فيها وزارة التجارة الداخلية أنها تتخذ قراراتها بمفردها، لافتاً إلى أن في كل دول العالم يتم إشراك أشخاص من المجتمع الأهلي كمستشارين يتم الاستفادة من أفكارهم المطروحة وتطبيقها على أرض الواقع، أما في سورية فلا يوجد تشاركية بين الوزارات ولا بين أية وزارة والمجتمع الأهلي.»
كما أضاف: أن عمليات الرقابة والملاحقة تجري على تاجر المفرق، الذي لا يحصل على فاتورة من قبل تاجر الجملة، وهذا الأخير يتحجج بأن المستورد لا يقوم بإعطائه فاتورة أيضاً...
تبدو تصريحات نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بجزء منها محقة، فعمليات الرقابة بداية يجب أن تجري على من هم فوق، أي تاجر الجملة والمستورد، رأس هرم العملية التجارية، وليس العكس، أضف إلى ذلك أن وجود لجان مراقبة شعبية حقيقية ربما يساعد بضبط مستويات الفساد والغلاء الفاحش، والأهم من ذلك كله، لا بد من تعديل الأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة الحقيقية.
فقد طحن الغلاء المتسارع والممزوج بالأسى جل عادات الأسر السورية وطرائقهم المعتادة سابقاً على تسوق المواد الغذائية الضرورية، وبعد أن اعتدنا ذاك التغير الملحوظ، دخلنا مجدداً ضمن دائرة تغير جديدة، تجاوزت شراء الخضار بالحبة والحبتين، وارتفاع الأسعار الحارق، وشراء ما هو ضروري من المواد الاستهلاكية، بل أصبحت ربة المنزل مجبرة على شراء احتياجاتها اليومية بالأوقية، وعلى حساب تدني جودة المنتج، والمحسوب من قبل التاجر على سعر النخب الأول أيضاً.
فعادة شراء الاحتياجات فرط، كما هو معروف، تسمح للتجار بالتلاعب بنوعية وجودة المنتج، من سمنة إلى طحين ورب بندورة ومشتقات الألبان...إلخ، وساد هذا النموذج بعدما أصبحت عملية شراء تلك المنتجات بالكيلو والمختوم عصية وصعبة، بل ومستحيلة.
فالأسر باتت تشتري احتياجاتها اليومية تبعاً لإمكانات أجورها الزهيدة، الخارجة عن حسابات الحكومة، بل واللامبالية بها، والمتحللة من مسؤوليتها تجاهها، وبما آلت إليه حال المواطن بالنتيجة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1081