بردى مجدداً وأبداً
تراجع منسوب نهر بردى ووصل إلى أدنى مستوياته، وذلك حسب تصريح مدير الصيانة في محافظة دمشق لإذاعة شام إف إم بتاريخ 25/6/2022.
الإجراء الذي سيتم اتخاذه من قبل المحافظة بهذا الشأن هو «تحويل جزء من مجرى «نهر تورا» ليعطيه مظهراً أفضل، وخاصة من ناحية شارع بيروت».
الإجراء أعلاه، والمتمثل بتجميل مظهر بردى في شارع بيروت يعني عملياً تجيير المشكلة إلى «نهر تورا»، الذي يعج بالمشاكل سلفاً على طول مجراه، كحال كافة فروع بردى الأخرى.
فهل هذا الإجراء يعتبر علاجاً لمشكلة قديمة ومزمنة تم تخصيص موارد كبيرة لمعالجتها سابقاً؟!
مهام كبيرة وعمالة قليلة
بحسب مدير الصيانة بمحافظة دمشق، فإن «السبب الرئيسي لتلوث النهر هو رمي الأوساخ بشكل مستمر من قبل المواطنين وعدم وجود أي التزام، علماً أن ورشات المحافظة تعمل بشكل أسبوعي على تنظيفه، ولكن هناك 70 عاملاً فقط، ويبذلون جهوداً كبيرة في عمليات التعزيل، منوهاً إلى أنه خلال العام الماضي أزيل 25 ألف طن من الفضلات من نهر بردى، وبأن تحويل بعض المصارف الصحية في دمر وعدة مناطق أخرى إلى النهر أيضاً ساهم بتلوثه، لافتاً إلى أن هناك دراسة حالية لإزالة الصرف الصحي عن النهر وإعادة تجميله بالتعاون بين عدة جهات».
لا شك أن عدم الالتزام من المواطنين واستمرارهم برمي الأوساخ يعتبر من مسببات تراكم الفضلات في النهر، والتي يعجز عنها هذا الرقم المتواضع من العمالة!
فماذا عن التغريم لقاء هذه المخالفة التي جرى الحديث عنها مراراً وتكراراً خلال السنوات الماضية؟
وماذا عن مشاريع إزالة أقنية الصرف الصحي التي تصب في مجرى النهر وفروعه، والتي خصصت لها الاعتمادات أيضاً؟
خطط ومبالغ معتمدة غير ملموسة النتائج
تجدر الإشارة إلى أن محافظة دمشق كانت قد أعلنت في شهر شباط الماضي عن مشروع إعادة إحياء نهر بردى، وذلك بكلفة مبدئية معلنة بحينه وقدرها 14 مليار ليرة سورية، تم تخصيصها من قبل الحكومة، بعد أن قدمت جامعة دمشق دراسة بهذا الشأن، وتم اعتمادها من قبل المحافظة.
وقد سبق ذلك مشروع آخر خلال ما سبق من سنوات وبكلف مليارية في حينه أيضاً، وذلك من أجل إعادة إحياء نهر بردى على مراحل، تم تغطيتها عبر وسائل الإعلام الرسمية كإنجاز، وكتغطية للنفقات والمبالغ المرصودة والمصروفة، لكن كانت وما زالت النتيجة على حالها، فالنهر، بكافة فروعه، على حاله من القذارة والروائح الكريهة، وخاصة مع الجفاف صيفاً.
آخر ما حُرر تعاون إيطالي أيضاً
ذكرت وكالة سانا بتاريخ 23/6/2022 ما يلي: «وقعت جامعة دمشق ومحافظة دمشق اتفاقيتي تعاون مع إدارة حديقة «ماييلا» الوطنية الإيطالية بهدف تبادل الخبرات، وبما يخدم المشروع الوطني لإحياء نهر بردى والحفاظ على التنوع الحيوي والموارد الطبيعية».
وبحسب سانا فإن: «مشروع إعادة إحياء نهر بردى انطلق من المعهد العالي للتخطيط الإقليمي، وفازت به جامعة دمشق كمشروع بحثي تطبيقي من الهيئة العليا للبحث العلمي، هدفه إعادة المجرى الحيوي للنهر إلى شكله الطبيعي والحيوي والتراثي لجهة الأكتاف الخضراء والممرات الزرقاء والخضراء وحرم النهر، وإزالة التعديات العمرانية بالاعتماد على دراسات عمرانية تنظم تعديات الصرف الصحي على النهر، وشبكات الطرق ومخططات استعمالات الأراضي».
ما تم ذكره عبر سانا أعلاه جميل ببعض عباراته ومفرداته «الأكتاف الخضراء والممرات الزرقاء والخضراء وحرم النهر»، وحبذا لو يتم التقيد بتنفيذ هذه الدراسة والبحث بأسرع وقت ممكن، لكن لم تتم الاشارة فيما إذا كان التعاون مع الجانب الإيطالي ذا طابع فني فقط، أم إنه يتضمن دعماً مالياً أيضاً!؟
والأهم، أنه لم تتم الإشارة إلى أسباب التأخر في تنفيذ المشروع البحثي التطبيقي، المقدم من جامعة دمشق، والمعتمد من محافظة دمشق، والممول من الحكومة حتى الآن بعد مضي 4 أشهر على ذلك؟!
من الواضح، أن العمل وفقاً للسيناريوهات أعلاه يستنزف الإمكانات المتاحة والاعتمادات المخصصة، مع بقاء الوضع على ما هو عليه من سوء، وربما يضاف إلى ذلك أن ملف إحياء نهر بردى أصبح عنوان استجداء للمساعدات الدولية أيضاً، بغض النظر أكانت هذه المساعدات فنية أو مالية، أو تحت أي بند كانت!
وليبقى الانتظار سيد الموقف على ما يبدو، ولتبقى الحلول الترقيعية بنتائجها السلبية مستمرة!
فهل يحق للمواطن بعد كل ذلك الاستفسار عن مصير الاعتمادات التي خصصت باسم إعادة إحياء نهر بردى خلال السنوات السابقة، طالما بقي الحال على ما هو عليه من تردٍ وسوء، والمزيد منه، في بردى وفروعه من المنبع إلى المصب؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1076