نواقيس الخطر تقرع.. والحكومة ماضية بسياساتها
عبير حداد عبير حداد

نواقيس الخطر تقرع.. والحكومة ماضية بسياساتها

هجرة الممرضين، مشكلة قديمة ومستمرة ولها تداعياتها السلبية الخطيرة أيضاً، كغيرها من الكفاءات المهاجرة الأخرى، وخاصة في القطاع الصحي، وقد تم تسليط الضوء عليها مؤخراً من خلال حديث لمسؤول السلامة المهنية في مشفى الباسل بدمشق عبر إذاعة ميلودي إف إم بتاريخ 24/5/2022، حيث قال: «إن بعض المشافي فقدت ما يقارب 50% من موظفيها خلال العشر سنوات الماضية».

وقد أشار أيضاً إلى «أن أبرز ما يعانيه الممرض هو الضغط الهائل والكبير جداً في المشافي وهذا ما يؤثر على نوعية العمل، حتى إن بعض المشافي ومن شدة الضغط لا يوجد ممرض يستقبل المرضى على الباب لا سيما في أقسام الإسعاف».

تدني الأجور أهم الأسباب

تبدو هجرة الكوادر والكفاءات السورية المستمرة مشكلة قديمة ومستعصية، وآثارها الكارثية التدميرية هي أحد نتائج ومخلفات سنوات طويلة من تراكم المشكلات الاقتصادية الاجتماعية القديمة والمستمرة والمتعمقة، وصولاً إلى تعمق مأساة ومعاناة السوريين، وخاصة الغالبية المفقرة، واستنزاف خيرة الكوادر عبر الهجرة، وخاصة الشابة والفتية منها، دونما إيجاد حل ينهي التداعيات الكارثية لكل ذلك!
فمن ضمن ما تم الحديث عنه من قبل مسؤول السلامة في مشفى الباسل أن: «الممرض عليه أن يعمل ثلاثة أيام حتى يشتري وجبة طعام، مشيراً إلى أن 90 % من الممرضين يلجؤون إلى تخفيض عدد ساعات العمل إلى أقل حد ممكن بالقطاع العام، ليتجهوا إلى القطاع الخاص، علماً أن الأجور بالخاص متدنية أيضاً، لكنها أفضل من القطاع العام».

مزيد من المعاناة

الصعوبات التي تواجه الممرضين في العمل لم تقتصر على تدهور الوضع الاقتصادي العام، وانخفاض الأجور والتعويضات، وعدم تناسبها مع الوضع المعيشي فاحش الغلاء!
فالممرضون يعانون من مشكلات إضافية أخرى، تتمثل مثلاً بإجبار الممرضين، وخاصة حديثي التخرج، بالعمل ضمن ما يسمى الخدمة الإجبارية ضمن مشافٍ حكومية في محافظات أخرى، وطبعاً تبعات ذلك متعددة بصعوباتها أيضاً، فخلال فترة الخدمة الإجبارية يتعرض الممرض لشتى أنواع الصعوبات، وخاصة العمل تحت ظروف الضغط الشديد نتيجة لنقص عدد كوادر التمريض!
الممرضة دارين، خريجة حديثة تعمل ضمن مشفى الباسل لأمراض القلب في دمشق، تتحدث عن معاناتها اليومية مع مشقة الطريق، وصعوبة التنقل ضمن مواصلات النقل العامة، حيث أكدت أنه إن أرادت أن تستخدم المبيت الخاص في المشفى عليها الانتظار حتى الساعة السادسة مساءً، وهو موعد تحرك المبيت، علماً أن فترة انتهاء الدوام بالنسبة لها هو عند الساعة 4 ونصف عصراً، أي خسارة ساعة ونصف من ساعات راحتها المفترضة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المبيت لا يفي بالغرض، فأقرب نقطة يصل إليها هو جسر الرئيس، وبالتالي فإنها تتحمل مشقة الوصول إلى المنزل عبر مواصلات النقل العامة مع ندرتها، مضيفةً أن أجرها الشهري يذهب للمواصلات، ولا يبقى منه سوى بضعة آلاف فقط، خصوصاً أنها تسكن في إحدى بلدات ريف دمشق الشرقي، وهذا يضيف عليها مشقة أخرى، فمواصلات الريف الشرقي تصبح نادرة بعد الساعة السادسة مساءً.

الحكومة غير مكترثة

خلاصة القول إن هجرة الكوادر مستمرة ولن تتوقف دون إيجاد الحلول الجذرية لجملة المشاكل والأزمات التي تعاني منها البلاد عموماً، وخاصة على المستوى الاقتصادي المعيشي، وتبعاتها السلبية العميقة، وخاصة على المستوى الاجتماعي!
فهل ستغير الحكومة من سياساتها بما يخفف الأعباء والصعوبات على المواطنين، لتحد من هجرة الكوادر ما أمكن ذلك، أم ستستمر بهذه السياسات مهما كانت نتائجها الكارثية؟
فقد ازدادت أعداد من يقرعون نواقيس الخطر، ومع ذلك يبدو أن الحكومة ماضية بسياساتها دون أي اكتراث!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1072