أعمال صيانة المتحلق الجنوبي.... كم لبثنا؟!
نادين عيد نادين عيد

أعمال صيانة المتحلق الجنوبي.... كم لبثنا؟!

المتحلق الجنوبي، غيض من فيض لأمثلة كثيرة تصف بطء المشاريع القائمة بالتنفيذ عبر الجهات الحكومية، سواء كانت مشاريع «بناء أو حتى صيانة... إلخ».

فقد بدأت أعمال الصيانة لجسر المتحلق الجنوبي الواصل، بين العقدة السادسة «منطقة الزاهرة» والعقدة الثامنة «منطقة كفرسوسة»، لجهة واحدة لطريق المتحلق الجنوبي القادم من المزة باتجاه مطار دمشق الدولي، منذ أواخر شهر أيار الماضي، والجدير بالذكر أن الجهة المنفذة رسمياً لأعمال التأهيل والصيانة هي «مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية فرع دمشق»، ولا ندري إن كان هناك منفذون من الباطن من القطاع الخاص، لأجزاء العمل في المشروع، كما جرت عليه العادة.
وبحسب الخطة الموضوعة كان من المفترض أن تنتهي أعمال الصيانة خلال المدة المحددة بـخمسة أشهر، أي مع نهاية شهر تشرين الأول الماضي، إلا أن أعمال الصيانة قد امتدت حتى تاريخ 16 تشرين الثاني الجاري، وهذا التقصير الواضح بعدم التزام «الجهات الحكومية» بالمدة المحددة ليس بجديد، فإحدى السمات المميزة لها البطء الشديد، وطبعاً دائماً كل ذلك التقصير والاستهتار، يتحمل معاناته المواطن بالنتيجة.

بعض التفاصيل حول المشروع

أعلنت محافظة دمشق نهاية الشهر نيسان الماضي، البدء بتهيئة المتحلق الجنوبي بين العقدتين سابقتي الذكر لأعمال الصيانة، حيث وضعت الحواجز الإسمنتية، لتنصيف الطريق الواصل من العقدة السادسة «منطقة الزاهرة» وحتى العقدة الثامنة «منطقة كفرسوسة» لنقل حركة السير لتصبح باتجاهين ذهاباً وإياباً، تمهيداً لقطع الطريق القادم من المزة باتجاه مطار دمشق الدولي، لصيانة فواصل التمدد، ثم تم وضع «مطبات» لتخفيف السرعة على طول الطريق، وتم البدء بتنفيذ المشروع يوم 28 أيار الماضي.
قسمت أعمال الصيانة لثلاث مراحل، الأولى وهي استبدال المساند (النيوبرين) والبالغ عددها 917 مسنداً، التي ترفع مقاطعاً تزن الواحدة منها 1000 طن، والمرحلة الثانية تشمل مد قميص إسفلتي بمساحة 37 ألف متر مربع، أما المرحلة الثالثة والأخيرة والتي تشمل تحرير الفواصل والبالغ عددها 60 فاصلاً وتنظيفها وتثقيبها وتجهيزها من أجل زرع تشاريك حديد التسليح والبراغي بالايبوكسي.

بطء التنفيذ وما أنتجه من مشكلات

وإذا كنا هنا نتحدث عن أعمال صيانة لجهة واحدة من الجسر، والتي حددت ضمن مدة زمنية أقصاها 5 أشهر، وطبعاً لم تفلح الجهود للانتهاء ضمن المدة المحددة، حيث إن مدير الإشراف في محافظة دمشق صرح لإحدى الصحف المحلية يوم 20 تشرين الأول الماضي، أن أعمال الصيانة لن تتعدَ 15 تشرين الثاني الجاري، وحيث افتتح الطريق يوم 18 من الشهر الجاري.
وقد تم تسجيل العديد من الحوادث المرورية خلال مدة التنفيذ، والتي ساهم في زيادتها المطبات الموضوعة على الطريق، وخاصة خلال ساعات الليل، بسبب السرعة ورعونة السائقين، وبسبب غياب الإنارة، وبسبب المواصفات الفنية لهذه المطبات، والأهم بسبب غياب الإشارات التحذيرية منها بشكل مسبق، والتي تم تداركها بشكل نسبي لاحقاً.
والجدير بالذكر أن المدير ذاته نفى لصحيفة الوطن يوم 14 الجاري، ما تم تناقله حول التأخر الحاصل في إنجاز أعمال التأهيل والصيانة، مؤكداً أنه تم إنهاء أعمال الصيانة قبل 20 يوماً من مدة العقد، حيث ذكر أن فترة الإنجاز ومدة العقد تصل إلى 150 يوماً.
ربما وجب التذكير أن أعمال الصيانة بدأت نهاية شهر أيار، ولنقل أنها بدأت مع بداية شهر حزيران، نجد أن مجموع أيام «الأشهر منذ حزيران وحتى افتتاح الطريق  يوم 18 من الشهر الجاري»،  هي 171 يوماً، ما يعني أن أعمال الصيانة لم تنتهِ قبل 20 يوماً من العقد المحدد بـ 150 يوماً، بل بعد فترة 20 يوماً، وبحسب شهود عيان فإن أعمال الصيانة لفواصل التمدد كانت مستمرة حتى يوم 16 من الشهر الحالي وتحديداً لفاصلتي التمدد 11 و12 من جهة العقدة السادسة.

المصادقة على صيانة الطرف الثاني ومشكلات الشتاء

وقد بين مدير الدراسات الفنية في المحافظة لـصحيفة «الوطن»، «أنه من المقرر خلال الفترة القادمة المباشرة بأعمال الصيانة للطرف الثاني من المتحلق الجنوبي (الجهة المقابلة) وذلك بعد المصادقة على عقد الصيانة ليصار إلى الإعلان عن إغلاق الطريق في المنطقة للمباشرة بالأعمال بالمدة العقدية نفسها والأعمال ذاتها، علماً أن قيمة العقد للمرحلة الثانية تبلغ قرابة الـ 3 مليارات ليرة بالأسعار الرائجة حالياً».
حسب التصريح أعلاه، فإن الانتهاء من أعمال الصيانة بين العقدتين السادسة والثامنة لطريق المتحلق الجنوبي بطرفيه، ستستغرق مالا يقل عن سنة وشهرين من الأعمال الفعلية وربما أكثر، وبالتالي سيتكرر سيناريو المأساة الطويل عينه.
والجدير بالذكر أن صيانة الطرف الثاني إذا نفذت خلال فترة الشتاء، فهذا يعني أنّ أعمال الصيانة ستكون رهينة الأحوال الجوية، مما سيطيل من عمر المعاناة أكثر، وما سيزيد الطين بلة أن نسبة الحوادث ستزيد حتماً، خلال فصل الشتاء عن معدلها الذي تسببت به أعمال الصيانة طيلة فترة الأشهر الماضية، سواء عبر نقل حركة سير للطريق المقابل الذي تم تنصيفه عبر حواجز إسمنتية ليصبح ذهاباً وإياباً، أو ما تسببه المطبات المتعددة الموضوعة قبل التحويلة، وما قد تسببه الانزلاقات بسبب أمطار الشتاء.
ورغم الدقة التي تحتاجها مثل هذه المشاريع النوعية، لا يوجد مبرر لكل ذلك البطء الشديد في التنفيذ، بغض النظر عن التكلفة الكبيرة المقدرة بـ 3 مليارات، وعن جدية الرقم الموضوع لأعمال الصيانة.
فمثل هذه الأعمال، برغم أهميتها وضرورتها، إلا انها تستنزف من وقت المواطن، فإضافةً إلى معاناته مع قلة المواصلات الخانقة تأتي أعمال الصيانة طويلة الأمد لتزيد من معاناته كلّما طالت أكثر، بدءاً من الازدحام المروري إلى الحوادث والأضرار المادية، ناهيك عن الاهتلاك الذي تتسبب به المطبات المتعددة الموضوعة قبل التحويلة عند العقدة الثامنة للآليات المارة على الطريق.
فهل سيتم تدارك الملاحظات والنواقص التي ظهرت خلال تنفيذ الجزء الأول من المشروع، قبل البدء بتنفيذ الجزء الآخر منه، أم سيقع المحظور على مستوى إطالة مدة التنفيذ، وعلى مستوى غياب الإنارة الليلية، وعلى مستوى المطبات والإشارات التحذيرية قبلها، وعلى مستوى استدراك الحد من الحوادث المرورية، وخاصة خلال فصل الشتاء الذي بدأ؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1045