المواد المدعومة حكاية أصابتها لعنة الساحرة الشريرة!
آخر النهفات الحكومية، ومن باب تحريك المواطن لممارسة رياضة رفع الأثقال والهرولة، هي آلية استلام مازوت التدفئة!
طبعاً شر البلية ما يضحكك أيها المواطن المسكين، ففوق كل «النتف» الذي نتفك إياه المسؤولون عبر قراراتهم التي حلَّلت الغلاء الفاحش لأسعار المستلزمات الأساسية، من الطعام والثياب والتجهيزات المدرسية والجامعية و.. بحجة الحصار والعقوبات الغربية- مع العلم أن معظم التجارة السورية من مواد مستوردة ما زالت مشبكة مع الدول الغربية التي فرضت هذه العقوبات- عليك أن تمارس الرياضات البهلوانية!
حكاية الركض بالبيدونات
كل ما سبق من معاناة في كفة والنهفة المضحة الأخيرة بكفة أخرى، والتي بدأت بحكاية ليلة مظلمة من ليالي قطع الكهرباء الطويلة والمعتادة إكراهاً!
فقد كان هناك مواطن تعيس سهران، يعد ويمد بالغلاء الذي أصاب السوريين «وطبعاً هذه حال عموم السوريين»، وخلال الجلسة الصامتة يفاجئ المواطن برسالة مازوت التدفئة قد وصلت بشكل غير متوقع، ليصطهج ذلك المواطن المعتر بالقليل من اللترات التي لا تدرأ برد الشتاء.. وأثناء قراءته محتوى الرسالة، التي كان مفادها: أن يتواصل مع الموزع المعتمد عبر الرقم المذكور بالرسالة للحصول على مستحقاته التي لا تتجاوز الـ 50 لتراً، ليتصل ذلك المواطن بشكل فوري مع هذا الموزع ويقول له: مولاي الكريم أخبروني أن أتواصل معك للحصول على مستحقاتي أنا ساكن... ليقطع عليه الحديث ذاك الموزع، ويقول له: أنا موجود في المكان الفلاني أجلب معك «البيدونات» لتتم عملية التعبئة!
طبعاً، سابقاً وليس ببعيد، كان سائق سيارة المازوت يتصل بالمواطن، ويأتي إلى باب بيته لتتم عملية توزيع المازوت...فإلى أين سنصل بعد!
يُذهل المواطن من تلك العملية التي وصلت إلى حد غير مقبول، ولحسن الحظ كان يملك «بيدونين لتعبة مياه الشرب كونه توجد أزمة على المياه أيضاً فلا تأتي إلا كل 10 أيام»، واستعار بيدوناً من عند الجيران وراح يركض بهم كي لا يستنفذ المدة المحددة للاستلام بـ 24 ساعة، وإلا فقد حقه وما عليه إلا انتظار دوره عبر الذكاء مرة أخرى!
ولكن السؤال الجوهري من تلك العملية المُهزأة بالمواطن والمذلة له: ماذا يفعل المواطن بالبرميل الذي كان مخصصاً لتعبئة المازوت الذي يتسع لـ 200 لتر مدعوماً سابقاً؟! خصوصاً أنه لا توجد قدرة لديه لشراء المازوت الحر بسعر يقارب الـ 3 آلاف ليرة، ومن لا يمتلك تلك البيدونات ماذا يفعل؟
هل عليه أن يشتري 3 بيدونات من أجل تلك العملية؟ مع العلم أنها تكاليف إضافية تُلقى على عاتق المواطن، فسعر البيدون ذو سعة الـ 20 لتراً ما يزيد عن 6 آلاف ليرة سورية!
وكيف سيحملها إلى المنزل، هل سيأخذ سيارة أجرة لنقلهم من مكان التوزيع إلى المنزل؟ طبعاً ولن نعلق على الجهد المبذول حتى نقلهم إلى الطوابق العليا، خصوصاً لكبار السن.
أما الأهم من كل ذلك، من أين له ان يدفع قيمة مازوت التدفئة بحسب سعر السوق السوداء حتى يكفي حاجته الفعلية خلال فصل الشتاء كي يتمكن من تدفئة أسرته؟
تباطؤ التوزيع وتآكل الدعم
يبدو أن توزيع المواد المدعومة عبر البطاقة الذكية حكاية أصابتها لعنة الساحرة الشريرة وحولتها إلى سلحفاة المواد المدعومة، ليس ذلك فقط.. بل مع قضمٍ متتالٍ لهذا الدعم!
فذكّر إن نفعت الذكرى، وعلى سبيل المثال: أسطوانة الغاز في المدينة حتى يفرج عنها لكل عائلة سورية أصبحت تحتاج لمعدل 75 حتى 90 يوماً، وذلك تبعاً لعدد المشتركين بمركز المعتمد، أما في الريف فتزيد عن 90 يوماً، عدا عن بطء توزيع المواد التموينية من سكر ورز، حتى أصبحت العملية شبه ميتة، ولن نُذكّر بالزيت أو الشاي فهاتين المادتين من منسيات السورية للتجارة، ومازوت التدفئة الذي خفض دعمه كماً وسعراً إلى حد أصبح من المعيب التحدث عنه أنه دعم للمواطن، والخبز الذي أصبح أداة تجويع إضافية تطحن المواطن، والكوارث المفتعلة تطول.
كل ذلك نتيجة الكثير من التخبط المتعمد الذي تعيشه حكومتنا الموقرة التي تتمثل بالتصريحات والقرارات التي تأتي لتمحي ما سبقها من قرارات ووعود، وكأنما همّها لا يتجاوز إرضاء النخب الفاسدة والمستفيدة، فقراراتها المجحفة بحق المواطن تتناسب طرداً مع مستوى فساد هذه النخب، لتخديم مصالحهما المشتركة، وأكبر دليل هو تزايد نشاط السوق السوداء على ما يسمى مواد مدعومة بعد كل قرار وكل إجراء رسمي جديد يطالها!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1035