شركات الخليوي.. تنفيعة مقوننة
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

شركات الخليوي.. تنفيعة مقوننة

صدرت التعليمات الإجرائية الخاصة بتنظيم عمليات الدفع من خلال أرصدة زبائن شركات الهاتف المحمول، من قبل مصرف سورية المركزي بالتنسيق مع الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات والبريد، بعد أن تم الإعلان عن إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني عبر شركتي الهاتف الخليوي نهاية الشهر الماضي، مع ما رافقها من ملابسات حول مهام شركات الخليوي، التي أصبحت تمارس بعض مهام المؤسسات المالية بحسب مضمون قانون المعاملات الإلكترونية رقم 3 لعام 2014.

من جملة ما رشح من معلومات ترويجية عن دور شركات الخليوي بحسب التعليمات الإجرائية أن «الخدمة التي ستقدمها هذه الشركات ستكون مجانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وأجورها لن تتجاوز 200 ليرة عن أعلى عملية تحويل»، وذلك بحسب ما نقل عن مدير الهيئة الناظمة للاتصالات عبر وكالة سانا بتاريخ 3/6/2021.

تعديلات ضرورية للقوننة

أعلن مصرف سورية المركزي عبر صفحته الرسمية بتاريخ 4/6/2021 عن مضمون قرار مجلس النقد والتسليف رقم 116/م ن تاريخ 15/4/2021، المتضمن تعديل بعض مواد القرار رقم 96 لعام 2019 المتضمن تعليمات ممارسة نشاط تقديم خدمات الدفع المصرفية الإلكترونية.
وفي مضمون التعديلات بحسب القرار كان ما يلي: «السماح لشركات الهاتف المحمول بالربط مع الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية لتمكين زبائن شركات الهاتف المحمول من تسديد التزاماتهم المالية للمفوترين المربوطين مع الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية- السماح لشركات الهاتف المحمول بتمكين زبائنهم للقيام بعمليات الدفع الإلكتروني باستخدام الأرصدة الخاصة بهم».
وفي مادة منفصلة من القرار- «يصدر مصرف سورية المركزي بالتنسيق مع الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات والبريد التعليمات الإجرائية الخاصة بتنظيم عمليات الدفع من خلال أرصدة زبائن شركات الهاتف المحمول».
القرار في حيثياته اعتمد على قانون المعاملات الإلكترونية رقم 3 لعام 2014، وربما من المفيد العودة إلى نص بعض تعاريفه.
فقد ورد في الفصل الأول- تعاريف- المادة 1 ما يلي:
- المعاملات الإلكترونية: معاملات تُنفَّذ بوسائل إلكترونية.
- السند التجاري الإلكتروني: السند التجاري، أو غيره من السندات القابلة للتداول، المنصوص عليها في قانون التجارة، إذا تم إنشاؤه أو تداوله بوسيلة إلكترونية.
- المؤسسة المالية: الجهة المرخّص لها بالتعاملات المالية، وفق القوانين والأنظمة النافذة.
- العقد الإلكتروني: اتّفاق بين طرفين أو أكثر يجري انعقاده أو تنفيذه، كلياً أو جزئياً، بوسائل إلكترونية.
- الوسيط الإلكتروني: نظام معلومات إلكتروني قادر على التصرّف آلياً، نيابة عن شخص طبيعي أو اعتباري.
- المستهلك: أي شخص طبيعي يشتري أو يستأجر سلعة أو يستفيد من خدمة، بوسائل إلكترونية، وذلك لأغراض لا تدخل في نشاطه الاقتصادي الاحترافي.
- الدفع الإلكتروني: أي تحويل للأموال يتمّ بوسائل إلكترونية تخوّل المؤسسة المالية إجراء عمليات القيد على حسابات المتعاملين، وذلك وفق الأنظمة والتعليمات النافذة، الصادرة عن مصرف سورية المركزي.
فهل شركات الخليوي تعتبر (مؤسسات مالية) بحسب التعاريف الواردة في القانون أعلاه، كي تخول العمل وفقاً لمهامها على مستوى خدمات الدفع الإلكتروني؟

مؤسسة مالية من فوق «الأساطيح»

لا شك أن شركات الخليوي لا تعتبر مؤسسات مالية بحسب مهامها المناطة بها قانوناً عند إحداثها، لذلك كان لا بدّ من إيجاد ما يبرر قيامها ببعض مهام هذه المؤسسات، طبعاً بما يحقق منافعها الربحية الخاصة، وكان ذلك من خلال ما ورد من تعديلات أعلاه، وخاصة مضمون التعديل من حيث «السماح لشركات الهاتف المحمول بتمكين زبائنهم للقيام بعمليات الدفع الإلكتروني باستخدام الأرصدة الخاصة بهم»، كي تمارس هذه الشركات مهام المؤسسة المالية بحسب مضمون التعريف الوارد بنص القانون أعلاه، طبعاً بعد ربط هذه المهمة بالشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية.
لتأتي التعليمات الإجرائية مع جرعة دعائية لها عن مجانية الخدمات خلال الأشهر الثلاثة الأولى، كتغطية وتسويق ترويجي لعمل شركات الخليوي، التي تعدت على المؤسسات المالية في بعض مهامها من الناحية العملية.
فقد ورد في التعليمات «يمكن للمشترك العادي تعبئة حسابه الإلكتروني يومياً بمبلغ 100 ألف ليرة كحد أقصى، فيما لا يوجد حد أعلى لحساب التاجر في استقبال المبالغ الناتجة عن الدفع الإلكتروني- يشترط تعبئة رصيد الحساب الإلكتروني مسبقاً وبشكل نقدي حصراً سواء كان الخط مسبقاً أم لاحق الدفع..».
ولا ندري ماذا تبقى من مهام المؤسسات المالية قد يتم الاضطرار لإصدار تعديلات جديدة من أجلها، كي تتمكن شركات الخليوي من جني المزيد من المرابح السهلة والمضمونة من خلالها، طبعاً على حساب ومن جيوب المواطنين.

مزيد من المرابح السهلة

لم تقف المزايا الممنوحة لشركات الخليوي على فسح المجال أمامها لممارسة دور المؤسسات المالية على مستوى خدمات الدفع الإلكتروني، فقد أتاحت الهيئة الناظمة للاتصالات إطلاق ما تمت تسميته خدمة اليانصيب الوطني الإلكتروني من خلال شركات الخليوي بالتعاون مع المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية.
وبحسب الإعلان الترويجي والتسويقي لهذا اليانصيب الجديد فإن هذه الخدمة تتيح للراغبين حجز بطاقة اليانصيب عبر الهاتف الخلوي، ويمكن للراغبين بالاستفادة من الخدمة اختيار رقم مؤلف من خمس خانات وإرساله إلى الرقم المعتمد للخدمة من أي خط خليوي، مع التوضيح أن سعر البطاقة 300 ليرة سورية تخصم من البطاقات مسبقة الدفع أو تضاف إلى الفاتورة للأرقام لاحقة الدفع.
ومما رشح أن عدد البطاقات المخصصة لليانصيب الإلكتروني لكل إصدار يبلغ مئة ألف بطاقة، ومجموع الجوائز 15 مليون ليرة، فيما تبلغ قيمة الجائزة الكبرى 10 ملايين ليرة، لكن لم تتم معرفة نسبة العمولة الممنوحة لشركات الخليوي عن كل بطاقة مباعة، لكن يمكن أن نقدر أن هذه الخدمة الجديدة ستدر لهذه الشركات الملايين من المرابح السهلة شهرياً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1021