قوانين تقصم ظهر المستأجِرين والسكن حلم المواطن!
عمار سليم عمار سليم

قوانين تقصم ظهر المستأجِرين والسكن حلم المواطن!

إن الأزمة التي عصفت بالبلاد من عشر سنوات وإلى اليوم ضاعفت أعداد الأسر التي هُجّرت من منازلها وفقدتها جراء العمليات العسكرية، وبالتالي فقدوا حقهم بالسكن، عدا عن الشباب الذين فقدوا حقهم بامتلاك أي عقار نظراً لارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني، وانخفاض مستوى المعيشة والأجور، وأصبح امتلاك منزل للسكن ضرباً من الخيال بالنسبة لعموم المواطنين.

أما الحكومة فما زالت تستهتر بهذا الحق المشروع لدى المواطنين، تارة بتعقيد عودة المهجرين إلى منازلهم، وتارة بإصدار القوانين التي تقتلع آخر قرش من جيب المستأجر الذي أرهقته المعيشة الصعبة، وليجد نفسه أمام ابتزاز واستنزاف لما تبقى له من أسباب العيش.
وما صدر من قانون جديد للبيوع العقارية، وخاصة الضريبة المقررة على الإيجار، ما هو إلا ترجمة واقعية من الحكومة لزيادة بؤس المواطن ومعاناته بعد كل ما لقي من التهجير والإفقار.

مئات الألوف ضريبة؟

لقد ورد في القانون بحسب الفقرة ب من المادة 16 ما نصه أنه: «استثناءً من الأحكام الناظمة لضريبة دخل الأرباح الحقيقية، تخضع العقارات السكنية المؤجرة للسوريين وغير السوريين وفق أحكام القانون رقم /١٠/ لعام ٢٠٠٦ والقانون رقم /٢٠/ لعام ٢٠١٥ لضريبة دخل بمعدل (٥%) من بدل الإيجار السنوي الوارد في عقد الإيجار، على ألّا تقل ضريبة الدخل عن /0,0003/ ثلاثة بالعشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر، وتزاد القيمة الرائجة للوحدة العقارية السكنية المشار إليها بنسبة (٢٥%) في حال تأجيره مفروشاً».
الترجمة العملية لنص المادة أعلاه، أن على المستأجر أن يتكبد مئات الآلاف من الليرات السورية لقاء ضريبة بدل الإيجار عن عام، وذلك بحسب القيمة التخمينية للعقار بموجب البيان المالي، فصاحب الملك لن يتكبد هذه النفقة الضريبية من جيبه، بل سيضيفها على عاتق المستأجر، وهو ما يجري عملياً.
وتجدر الإشارة في هذا الموضوع إلى أنّ الغالبية من المستأجرين هم من الطبقة الأكثر فقراً من المواطنين، والذين ليس لديهم القدرة على استئجار البيوت إلّا في مناطق السكن العشوائية والمخالفات، وكان التهجير فرصة لتجار الحروب وحيتان الفساد في بناء وتجهيز بيوت المخالفات بمواصفات غير صحية، وبإكساء رديء لتأجيرها لأولئك المضطرين، ومع كل ارتفاع لسعر الصرف يتم رفع بدل الإيجار مع ثبات الرواتب والأجور وانخفاض مستوى المعيشة على المواطن، ناهيك عن ابتزاز المؤجِرين للمستأجرين بتهديدهم بالإخلاء في حال عدم دفع الفارق من الزيادة، دون أن تنظر الحكومة لهذا المواطن باستصدار قانون يحميه من جشع النهمين والمستغلين.
أما عندما انخفضت الضريبة مقابل ارتفاع قيمة العقارات رأينا الحكومة تسارع لتحصيل الضرائب على أتم وجه، آخذةً بالاعتبار قيمة العقار من خلال إخراج القيد المالي لهذا العقار، بذريعة عدم التهرب من الضرائب، متجاهلةً أن صاحب العقار هو المتحكم، وهو من سيتحكم في النهاية بجيوب المستأجرين.
ففي تصريح لـ سانا أكد وزير المالية: أن «قانون البيوع العقارية الجديد يهدف إلى تحقيق العدالة ما أمكن بين المكلفين، إضافة إلى معالجة التهرب الضريبي في مجال بيع وشراء وتأجير العقارات، وهو ما يؤدي إلى فوات المنفعة والإيرادات على الخزينة العامة للدولة.»
فأين العدالة بين المكلفين طالما من يتكبد النفقة هم المفقرون دائماً وأبداً؟!

القانون لا يمنع من الالتفاف

تعودنا أن القوانين في مثل هذه المسائل تفتح أبواباً جديدة من النهب، فإن مئات الألوف المترتبة على إجراء العقد سوف يتكبدها المستأجر، وهذا ما جرت عليه العادة ابتزازاً وظلماً، وإما أن يُجرى العقد عند محامٍ باسم عقد «العاريّة» بمقابل لا يقل عن 150 ألفاً يتكبدها المواطن المنهك من جيبه، بالإضافة إلى بدل الإيجار وأجور المكتب «الكمسيون»، لتصبح المصيبة مصيبات متعددة يصعب حملها وحلها.
فمتى سينصف القانون الفقراء حقاً وقولاً؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1020