التحول الرقمي والبداية بالمنصب الوظيفي
سوسن عجيب سوسن عجيب

التحول الرقمي والبداية بالمنصب الوظيفي

كثيرة كانت التوصيات التي صدرت عن المؤتمر الدولي الثالث للتحول الرقمي الذي عقد منتصف شهر نيسان الماضي، وذلك ارتباطاً بالعناوين الكثيرة التي تفرع عنها المؤتمر، وكانت موضع النقاش خلال المحاضرات وورشات العمل.

أول ما صدر من توجهات رسمية تنفيذاً لبعض توصيات المؤتمر كان على لسان معاونة وزير الاتصالات والتقانة التي كشفت عن «العمل على استحداث درجة وظيفية رفيعة في الجهات الحكومية تكون معنية بالتحول الرقمي ضمن كل جهة»، وذلك بحسب ما ورد عبر صحيفة البعث بتاريخ 3/5/2021.

سوابق حكومية

من الواضح أن الجهات الحكومية تبرع دائماً في إبداع الجديد الوظيفي، مع امتيازاته طبعاً، تماشياً مع «متطلبات» ما يتم إقراره من توجهات «جديدة»، تسبقها وتواكبها وتتبعها غالباً الكثير من البهرجة الدعائية والإعلامية.
فقد لمسنا ذلك سابقاً بوزارة التنمية الإدارية، والمسمى الوظيفي المستحدث في كل جهة حكومية ارتباطاً بها لاحقاً، وبما يجب أن تكون عليه مهام وصلاحيات الوظيفة الجديدة المستحدثة، مع كل ما تعنيه الصلاحيات الحكومية «ذات الشأن» من امتيازات طبعاً، بغض النظر عن جدواها وفاعليتها وضرورتها.
وهذا على ما يبدو هو حال المسمى الوظيفي الجديد الذي تم الإعلان عنه من قبل معاونة وزير الاتصالات والتقانة.
فقد وضحت المعاون: «أهمية أن يكون المسؤول عن التحول الرقمي في الجهات الحكومية صاحب صلاحية واسعة، ويستطيع اتخاذ القرارات»، مع التأكيد على «استحداث منصب متفرغ للتحول الرقمي»، ومن المرجح بحسب المعاونة أن يكون «المنصب هو معاون وزير أو أية تسمية أخرى».
وطبعاً جميعنا نعلم ماذا تعني الصلاحيات المرتبطة بمنصب ما من امتيازات، تسبق طبيعة المهام وواجباتها ومسؤولياتها، اعتباراً من المكتب الفخم، مروراً بالسيارة المخصصة، وليس انتهاءً بالتعويضات، وما ملكت الأيمان!.

تذكير لا بد منه

ربما تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر التحول الرقمي صدر عنه الكثير من التوصيات والقرارات الهامة، بغض النظر عما تمتلكه سورية وجهاتها الحكومية من إمكانات بهذا الإطار، وخاصة على مستوى البنية التحتية، ومن جملة ما تم التوصل إليه، مثلاً، كان التالي:
دعوة الحكومة لتوسيع أفق إستراتيجية التحول الرقمي في الخدمات الحكومية بالتشبيك مع الوزارات والجهات الأخرى ذات الصلة، لتصبح إستراتيجية تحول رقمي وطنية شاملة تشمل كافة القطاعات ولا تقتصر فقط على الخدمات الحكومية، وتعريف خطط العمل والبرامج المنبثقة عن هذا التوسع.
تشكيل فريق عمل وطني مرتبط باللجنة التوجيهية العليا ومؤلف من مجموعات عمل قطاعية تكون مهمته متابعة تنفيذ إستراتيجية التحول الرقمي الوطنية الشاملة.
دعوة الحكومة لتبني سياسة تشجيعية تهدف إلى تحفيز رأس المال المغامر (Venture Capital) للاستثمار في الشركات الناشئة ومسرعات الأعمال والحاضنات التقنية ذات الصلة بالتحول الرقمي وتوفير التشريعات اللازمة لتأسيسها والاستثمار بها.
دعوة الحكومة لتمكين التكامل الرقمي بين القطاعات الوطنية المختلفة (تشريعياً، إجرائياً، تنفيذياً ..) وبما يحقق الوصول إلى تنفيذ إستراتيجية تحول رقمي وطنية شاملة لجميع القطاعات.
دعوة الحكومة إلى دراسة موضوع إنشاء وحدات عمل رقمية في إطار الإصلاح الإداري لجهات وهيئات القطاع العام.
دعوة وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي لتبني سياسة رقمية في التعليم.
تطوير التشريعات الخاصة بشركات التقانة الرقمية في القطاع الخاص (الترخيص، التشغيل، حماية المنتج الفكري، .. إلخ) بما يعزز اقتصاد المعرفة.
تجديد تشريعات القطاع العام وإعادة النظر فيها للانتقال نحو المجتمع الرقمي (أنظمة التعاقد والتراخيص، أنظمة وقوانين العمل، أنظمة وقوانين التشاركية.. إلخ) والتي لا يمكن تنفيذ إستراتيجية التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية دون تطويرها وجعلها ملائمة لنمط الأعمال الرقمية.
توجيه الدعوة إلى وزارة الاتصالات والتقانة لإطلاق البوابة الإلكترونية لمؤشرات تقانة الاتصالات وإلى الجهات الأخرى المالكة للبيانات لتوفير البيانات اللازمة لاحتساب المؤشرات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بالتحول الرقمي، وإتاحتها على البوابة.
بالإضافة إلى الكثير من التوصيات الأخرى.
بمطلق الأحوال لا غرابة أن تكون الأولوية لدى الحكومة هي إبداع المناصب، فالمطلوب للبدء بالتحول الرقمي يعتبر كبييييير ومعقد جداً!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1017