راتبك للمواصلات وبس!

راتبك للمواصلات وبس!

500 ليرة أجرة الراكب في سرافيس المدينة العمالية في عدرا، أو هذا هو مبلغ الإذعان الذي فرض على المواطنين تسديده لقاء الانتقال من المدينة العمالية في عدرا إلى دمشق وبالعكس، مؤخراً!

المبلغ أعلاه على مستوى الحصاد الشهري يعني: أن المواطن سيضطر لتسديد مبلغ 22 ألف ليرة شهرياً لقاء أجور النقل ذهاباً وإياباً من وإلى المدينة العمالية في عدرا فقط، أي: ما يعادل ثلث متوسط الأجر الشهري الحكومي.

أزمة واستغلال ولا بدائل

خلال الفترة الماضية، وعلى ضوء أزمة المحروقات وارتفاع أسعارها، توقفت غالبية السرافيس العاملة على خط المدينة العمالية عن العمل، أو هربت من الخدمة العامة، ما أدى إلى تعميق أزمة المواصلات التي دفع ضريبتها المواطنون على حساب وقتهم وتعبهم ومالهم، وهذا حال أزمة المواصلات العامة في البلد التي لم تحل حتى الآن بشكل نهائي.
وقد تزايدت مستويات استغلال قاطني المدينة العمالية في عدرا بشكل كبير، خاصة وأن المسافة بين المدينة العمالية ودمشق طويلة، ولا توجد بدائل لخطوط المواصلات منها وإليها، حيث وصل المبلغ الذي يتم تقاضيه من قبل التكسي سرفيس عند الضرورة إلى 1000- 2000 ليرة عن كل راكب، والتكسي كطلب خاص قد يطلب 10000 ليرة أو أكثر، وفي ساعات المساء والليل حدّث ولا حرج عن أجور المواصلات، مهما كانت وسيلة المواصلات (سرفيس- تكسي سرفيس- تكسي).

متوسط الأجور للمواصلات فقط

أجور المواصلات الشهرية من الناحية العملية تصل إلى حدود 40 ألف ليرة بالحد الأدنى لكل فرد، حيث تضاف نفقات المواصلات داخل دمشق إلى تكاليف الانتقال من وإلى المدينة العمالية في عدرا، والمصيبة عندما يضطر فردان أو أكثر من الأسرة للانتقال اليومي من وإلى دمشق، فأجور المواصلات عندها تتجاوز حدود وسطي الأجور الشهرية بشكل كبير، وهو واقع الحال عملياً.
فمتوسط الأجر الشهري الحكومي، البالغ 60 ألف ليرة، لا يغطي أجور المواصلات التي تتكبدها الأسرة شهرياً، وغالباً ما تتكبد أضعافه في ظل استمرار أزمة المشتقات النفطية والمواصلات، المركبة والمتداخلة.

أصحاب السرافيس.. لسنا سبب الأزمة!

يقول أصحاب السرافيس: إنهم ليسوا سبب الأزمة، بل متضررين منها أيضاً، ولم ينف هؤلاء لجوء البعض إلى بيع مخصصاته من المازوت، أو التعاقد مع بعض المعامل لنقل عماله.
فأزمة المحروقات انعكست على عملهم، حيث انخفضت ساعات عملهم (اليومي والأسبوعي والشهري) بالتوازي مع انخفاض الكميات المخصصة من المحروقات، وزيادة ساعات الانتظار على طوابير الكازيات، وبالتوازي مع ارتفاع سعر المشتقات النفطية، وارتفاعات الأسعار العامة، بما في ذلك أسعار القطع التبديلية وأجور الصيانة والإصلاح، تضاف إلى ذلك الرسوم والضرائب الرسمية، والإتاوات والرشاوى، حيث انعكس كل ذلك بشكل سلبي على حياتهم ومعاشهم بالنتيجة.
فالكميات المخصصة من المشتقات النفطية لا تكفي لاستمرار العمل على خطوط المواصلات، فالسرفيس أصبح يعمل لوردية واحدة يومياً فقط، بل وغالباً لعدد سفرات محدود، بينما كان يعمل لورديتين، وأحياناً لثلاث ورديات، ويرتبط بذلك طبعاً عدد الأسر التي كانت تعيش من وارد عمل السرفيس.
بالمقابل، فإن زيادة ساعات العمل لعدد سفرات إضافية، أو لوردية عمل إضافية، تعني اللجوء إلى محروقات السوق السوداء بسعرها المرتفع والاستغلالي، والذي سيدفع المواطن الفارق السعري عليه.

المشكلة بالأجور والأزمة بالسياسات

قاطنو المدينة العمالية، يدركون أن جذر مشكلتهم ليس مع سائقي السرافيس، على الرغم من بعض عوامل الاستغلال التي تمارس عليهم من قبل هؤلاء، كما عوامل الاستغلال التي تمارس بحقهم من قبل بائعي المفرق ومقدمي الخدمات الموجودين في الواجهة دائماً.
فالمشكلة بالنسبة لهم كانت وما زالت بالأجور المتدنية التي لم تعد تغطي تكاليف المواصلات، فكيف ببقية تكاليف المعيشة وضروراتها، أما الأزمة الحقيقية فهي بالسياسات الليبرالية التي أفرزت هذه المشكلة وغيرها، وتفرعت عنها وبسببها الكثير من الأزمات الأخرى، بما في ذلك المفتعل منها، ولا حل لمشكلة الأجور، أو لأية أزمة، بسيطة أو مستعصية، إلّا بالخلاص من هذه السياسات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016