خبير اقتصادي: إعادة الإعمار في سورية مهمة صعبة.. وستحتاج لـ 25 عاما
أوضح الخبير الاقتصادي عابد فضلية أن عملية إعادة الإعمار ستكون صعبة وستحتاج لفترة تمتد من 15 - 25 عاما، "وكلما مر شهر آخر دون أن تنتهي الأزمة، تتضخم تكلفة إعادة الإعمار بمقدار 29.2 مليار ليرة يومياً".
وأكد فضلية على ضرورة وضع سلم للأولويات حسب الإمكانيات المتاحة، وعليه سيشكل القطاع الزراعي الحجر الأساسي في التنمية، بينما لن يكون من المجدي العمل في القطاع السياحي والذي بحاجة لعدة سنوات قبل إقلاعه بشكل جديد.
وأشار فضلية خلال ورقة عمل قدمها لـ"مؤتمر إعادة البناء والتنمية في سورية" المنعقد في كلية الاقتصاد بـ"جامعة دمشق" أنه وفي تقدير وسطي معقول، للأمم المتحدة، نُشر مؤخراً على وسائل الإعلام، تبلغ التكاليف المادية لعملية إعادة الإعمار حوالي 165 مليار دولار، وهو ما يعادل موازنة سورية لـ18 سنة، بينما كانت مثل هذه التقديرات حتى نهاية 2012 أي قبل سنة وربع، تشير إلى مبلغ 80 مليار دولار، ما يعني أن حجم الأضرار المادية للأشهر الـ12 الأخيرة هو حوالي 68 مليار دولار، أي أن متوسط التكلفة الشهرية لعملية إعادة الإعمار، انطلاقاً من معدلات الفترة الأخيرة من الأزمة، تعادل حوالي 5.66 مليار دولار.
وستواجه عملية إعادة الإعمار تحديات عديدة في مجال التمويل، تتمثل في عدة نقاط منها، الندرة النسبية والمطلقة لرؤوس الأموال الوطنية الموجودة بالداخل، بالمقارنة مع الحد الأدنى اللازم والضروري لعملية إعادة الإعمار، وأن ثلثي رؤوس الأموال اللازمة البالغة حتى الآن 165 مليار دولار، يجب أن تكون بالقطع الأجنبي لتأمين احتياجات ومستلزمات عملية إعادة الإعمار عن طريق الاستيراد من الخارج، في الوقت الذي يُعد فيه القطع نادراً نسبياً بسبب العجز المزمن بالميزان التجاري، وميزان المدفوعات، وحتى الاحتياطيات الحكومية من القطع، التي انخفضت خلال الأزمة، ولا يمكن التفريط بها ويجب أن تبقى مخصصة لتأمين الاحتياجات الضرورية.
ولفت إلى أن القطاعات الاقتصادية تعتبر الأكثر عوناً في تأمين القطع الأجنبي، إلا أنها من القطاعات الأكثر تضرراً جرّاء الأزمة، وهي ذاتها القطاعات التي ستحتاج إلى وقت طويل نسبياً، لتعاود نشاطها ووضعها الطبيعي بعد الأزمة، وأهمها السياحة والنفط والصادرات الزراعية، وكذلك ضعف القطاع المصرفي المحلي، خاصةً وأن أنشطته التسليفية تخضع لتشريعات جامدة غير مناسبة يُصر "مصرف سورية المركزي" على فرضها، وهذه التشريعات ذاتها لم تساعد القطاع المصرفي سابقاً على لعب دور تنموي فعال، هي التي ستعيق هذا القطاع لو أراد القيام بالدور اللازم في عملية إعادة الإعمار بعد الأزمة.
وتنقسم رؤوس الأموال السورية في الخارج إلى نوعين، الأول: كان موجوداً في الخارج قبل الأزمة وبالتالي لا يتوقع أن يعود إلى سورية، كاحتمال، إلا في حال عودة الوضع العام إلى مستوى أفضل مما كان عليه الوضع قبل الأزمة، وحتى هذا الجزء من الأموال السورية الموجودة أصلاً في الخارج لا تتعدى قيمتها الإجمالية مبلغ 130 مليار دولار، وبالتالي فإن معظمها موظف منذ سنوات ولا يُتوقع أن تعود بسهولة وسرعة، مهما كانت المغريات الاستثمارية.
أما النوع الثاني من الأموال السورية في الخارج، هو رأس المال المهرب، أو الهارب بسبب الأزمة، وبالتالي فإن جزءاً هاماً منه قد تآكل في تغطية نفقات الإقامة في الخارج، وجزء من الباقي يُحتمل ألا يعود قبل التأكد من زوال الأسباب التي اتخذها مبرراً وحجةً لهروبه.
ونوه إلى تآكل جزء هام من مكتنزات ومدخرات السوريين بالعملة الوطنية أو بالقطع الأجنبي في الداخل، لتغطية نفقات المعيشة المرتفعة، أو لإعانة قريب، أو إقراض صديق، وبالتالي فإن فوائض الدخول الأولى بعد انتهاء الأزمة، لن تذهب كلها مباشرةً إلى الاستثمار، بل ستتحول أولاً إلى مدخرات، حتى تعود مدخرات القرش الأبيض إلى مستواها السابق، قبل أن تبدأ بالانخراط في الاستثمار.
وكانت مصادر حكومية كشف أن القيمة الإجمالية للأضرار والخسائر المباشرة وغير المباشرة عموماً منذ بداية الأزمة السورية وحتى نهاية 2013، بلغت أكثر من 4.67 تريليون ليرة سورية، بينما رصدت الحكومة لإعادة الإعمار 50 مليار ليرة من موازنة العام الحالي.
الاقتصادي