سكان دمشق يدفعون جلّ رواتبهم أجرة مواصلات

سكان دمشق يدفعون جلّ رواتبهم أجرة مواصلات

تبدأ يومياً ومنذ الصباح معاناة المواطن مع وسائل النقل، حيث يتعذر غالباً إيجاد وسيلة للنقل، وتطول المدة الزمنية على الطريق، في حين يقع المواطن في نهاية المطاف تحت رحمة سائقي التاكسي، الذين يفرضون التسعيرة التي يرغبونها، ما دفع الكثيرين للسير على الأقدام في حال كانت المسافة مقبولة، إلا أن المشكلة لم تحل مع المسافات الطويلة حتماً.

المواصلات تكلف الراتب
وعن معاناتها اليومية في الوصول لعملها، قالت "هالة": "أسكن في منطقة ركن الدين، وعملي في منطقة المزة، وأواجه يوميا مشكلة جديدة في الوصول للعمل، حيث أحتاج لحوالي ساعة ونصف الساعة من الوقت للطريق، إضافة للصعوبة في تأمين وسيلة نقل، لأن معظم السرافيس تختصر خطوطها ولا تصل لأكثر من نصف الخط".
وتابعت هالة "للأسف عدد كبير من سرافيس الدوار الشمالي على سبيل المثال، والتي يفترض أن تصل للمزة، تنهي خطها في ركن الدين، دون رقيب أو حسيب، وإن قررت الاستعانة بسيارة أجرة علي أن أدفع بين 400- 600 ليرة للذهاب، ومثلها للإياب، ما يعني أن راتبي بالكامل سيذهب أجرة مواصلات".
وبدوره، أشار "رائد"، وهو موظف في شارع بغداد وسط دمشق ويقطن في مدينة جرمانا، إلى أنه يضطر يومياً إلى ركوب سرفيس إلى باب توما أو ساحة العباسيين، ثم يكمل طريقه إلى شارع بغداد سيراً على الاقدام، لعدم وجود وسيلة نقل جماعية يمكن أن توصله إلى مكان عمله بشكل مباشر حاليا.
وبالنسبة إلى ركوب التاكسي، بين رائد "إنه يحتاج يومياً لحوالي 150 ليرة من ساحة باب توما أو العباسيين للوصول إلى عمله، وبالتالي خسارة الراتب".

سائقو التاكسي والسرافيس ينفون ويبررون
ومن جانبه، أوضح أحد سائقي التاكسي "أنه ليس هناك مغالاة في الأسعار لدى غالبية السائقين، ولكن الطريق أصبح يستغرق وقتا طويلا، فالطلب الواحد داخل دمشق قد يستغرق ساعة أو ساعتين، وتكاليف ترسيم السيارة مرتفعة، وأجور الصيانة وقطع الغيار باتت بأسعار مضاعفة".
وأيّد سائق سرفيس المعاناة السابقة، فأشار إلى أن الحكومة سعرت المازوت بـ60 ليرة لليتر الواحد، في حين نضطرّ لشراء اللتر بـ90 ليرة، والوقت الذي تستغرقه الرحلة الواحدة تصل إلى ساعتين ونصف، وبالتالي من الطبيعي أن يقف الميكروباص لأيام وأحياناً لأسابيع من دون عمل، فالأجرة لا تزال غير منصفة، لافتاً إلى أن كل القرارات التي اتخذتها الحكومة في ما يخص أسعار الوقود كانت فاشلة ويدفع ثمنها سائق السرفيس والمواطن على حد سواء.

التسعيرة غير منصفة للزبون والسائق معاً
وأشار رئيس "نقابة عمال النقل البري بدمشق" زكريا ياغي لـ"الاقتصادي"، أن النقابة لا تشارك في لجنة وضع تسعيرة الركوب، والتي تكون غير منصفة في بعض الأحيان، ما يضطر السائقين لطلب زيادة على الأجرة المحددة، ملمحاً إلى وجود 13 ألف مركبة نقل، عدا عن مركبات القطاع العام التي كانت تؤمن الخدمة، بينما لا يوجد حالياً سوى 3 آلاف مركبة بالخدمة، فضلاً عن خروج "شركة النقل الداخلي" من الخدمة كلياً، باستثناء خط أو اثنين تعمل باصاتها عليها، ما أدى لنقص حاد نتيجة خروج الكثير منها من الخدمة.
ولا يتجاوز عدد السرافيس التي تخدم خط جديدة عرطوز سوى 40 مركبة، بعد أن كان يخدمه نحو 185 سرفيس، وخط قطنا كان يخدمه 300 ميكروباص، بينما حالياً لا يعمل عليه سوى 50 سرفيس.

إلزام السرافيس بخطوطهم ليس بيد المحافظة
وحول ارتفاع أجور النقل وعشوائية التسعير في دمشق، أكد عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل بـ"محافظة دمشق" هيثم ميداني، أن معظم الحجج التي يتذرع بها السائقون غير صحيحة، فالتسعيرة الموجودة حاليا درست بعناية تامة وتم أخذ كافة المصاريف التي يدفعها السائق بعين الاعتبار، سواء لجهة سعر قطع الغيار أو أجور الصيانة، وبالنسبة لتأمين المحروقات فلا مشكلة بتأمين مادة البنزين حاليا وحتى المازوت متوفر بشكل جيد، وفي العديد من المحطات.
وأضاف ميداني، هناك خطة لتأمين خزانات للوقود في محطات الانطلاق، لتسهيل الأمر على السائقين، منوهاً لوجود حوالي 25 ألف سيارة أجرة في دمشق، في حين لا تزيد عدد الشكاوى المقدمة لفرع المرور بشكل أصولي على 100 شكوى.
واعتبر ميداني أنه بالنظر إلى الرقمين، نجد بأن الوضع ممتاز لسيارات الأجرة، والسبب في ذلك هو غياب ثقافة الشكوى لدى المواطنين، لافتاً إلى أن عدم وصول المركبات إلى نهاية الخط أو تغييره أحياناً لأسباب طارئة، ليست بيد المحافظة، ويصعب التحكم بذلك، وهذه مسؤولية هيئات مراقبة الخطوط والتي يجري العمل على تشكيلها حاليا.

مخاوف من التكسي سرفيس
وحول اعتماد تكسي سرفيس، أكد عدد من المواطنين، أن التجربة ستكون مفيدة، وكانت مطبقة من قبل السرافيس في الثمانينيات قبل دخول الميكروباصات الى سورية، مشيرين إلى مخاوفهم من عدم الالتزام بالخطوط والأسعار، ما يؤدي للدخول في دوامة جديدة من المعاناة من منظومة النقل الجديدة.


الاقتصادي