المواصلات في حالة شلل.. والحكومة نائمة في العسل
عمار سليم عمار سليم

المواصلات في حالة شلل.. والحكومة نائمة في العسل

عندما نتكلم عن أزمة المواصلات في مختلف المحافظات السورية فنحن لا نتكلم عن أزمة جديدة؛ فمشاهد الناس المجتمعة على المواقف وفي الطرقات كانت وما زالت مَزيّة في واقعنا المعاش، وبشكل يومي، غير أنها تفاقمت في الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد تخفيض المخصصات للسرافيس والتكاسي مما زاد من طوابير السيارات.

ولكن الإبداع الحكومي لم يقف مكتوف الأيدي، بل صدّر حلاً عبقرياً تعوّدناه من إرسال الرسائل النصية عبر التطبيقات الذكية المعتادة، فأصبحت بعد ذلك الأزمة أزمتين، أزمة انتظار الرسائل، وأزمة المواصلات المتفاقمة التي لم تحل ولن تحل بهذا التخطيط المبدع من قبل الحكومة.

أزمة ساعات الذروة.. كل الساعات صارت ذروة في تأزمها

تحدثنا في أعداد سابقة عن معاناة الطلاب والموظفين والعمال الذين يخرجون صباحاً قاصدين مواقع أعمالهم، حيث الازدحام الشديد وقلة السرافيس العاملة على الخطوط نتيجة تعاقدهم مع المدارس، حيث يضطر الكثير منهم لقطع نصف المسافة سيراً على الأقدام اختصاراً للوقت، ولكن مع تفاقم أزمة المواصلات أصبحت الغالبية من المواطنين يفضلون الوصول إلى أماكن عملهم سيراً على الأقدام، ولم تقتصر هذه المعاناة على ساعات الذروة، وإنما أصبحت معاناة دائمة في أي وقت من أوقات النهار أو الليل، والظاهرة لا تحتاج إلى شكاوى، فالكارثة واضحة أمام المعنيين وفي المحافظات عامة، والعاصمة دمشق وريفها خاصة، في حالة من الشلل لا تخفى عن أعينهم وهم لا يحركون ساكناً، إلّا ما بادروا به من تحريك بعض باصات النقل الداخلي، التي لم تتمكن من حل المشكلة؛ فهي في الواقع لا تخدم المواطن في اختصار الوقت، فالانتظار جارٍ حتى يمتلئ الباص إلى حد التكديس، في ظل واقع الوباء الكارثي الذي تعيشه البلاد، ضاربين بعرض الحائط سلامة المواطن ومصلحته.
فقد ضاق المواطنون ذرعاً بهذه الأزمة التي أضيفت إلى قائمة الأزمات التي ليس لها نهاية طالما استمرت الحكومة بهذه السياسات اللامبالية بمعيشة المواطن وكرامته.
واللافت أن المدارس شبه متوقفة، وقد تم تخفيض عدد الموظفين بالتناوب، إلا أن الأزمة تزداد يومياً، وإذا خرجت التصريحات من المعنيين فهي لن تخرج عن وصفها المعتاد كونها ممجوجة واستفزازية وبعيدة عن الواقع، أما عن الحلول الحقيقية فهي فقط بالتخدير!

الحلول دائماً على حساب المواطن

إذا عجزت الحكومة عن تقديم أي حل يفي بالغرض، فإن «الحلول البديلة» سرعان ما تظهر على السطح وكأنها حلول «طبيعية وعفوية»، ولكنها دائماً على حساب المواطن وجيبه الفقير ولمصلحة الحيتان.
فمع فقدان الوقود من المصدر الحكومي تتوفر كميات لا محدودة من الوقود في السوق السوداء، ليضطر السائقون إلى التزود منها، وتعويض الفرق برفع أجور النقل على المواطنين، وما على الراكب إلّا أن يدفع أو أن ينتظر أكثر حسب اضطراره وقدرته على الدفع، مع انتشار ظاهرة بيع المخصصات من الوقود في السوق السوداء من قبل بعض السائقين ليريحوا أنفسهم من عناء العمل والكسب عن طريق الإتجار بالمادة.
أما الشريحة الأكثر تضرراً فهم سكان الأرياف والضواحي النائية عن المدينة، إذ يدفعون لسائق التكسي مبالغ لا تتناسب أبداً مع دخولهم شبه المعدومة أمام تكاليف المعيشة.
فسائقو التكسي يتقاضون من الراكب الواحد ما لا يقل عن ألفي ليرة سورية عندما يجمعون 4 ركاب، في ظل غياب تام للرقابة والمحاسبة.
يقال: «إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!»
فهل تعي الحكومة أن هروبها من مسؤولياتها، وتصريحاتها وحلولها الإبداعية، لن تعود على الوطن والمواطن إلّا بالمزيد من الشلل والانهيار والكوارث..

معلومات إضافية

العدد رقم:
1014