إذا عرفتَ السبب بطلَ العجب!!
بدايةً وللتذكير، «البطاقة الذكية» هي عبارة عن كود حكومي مربوط بدفتر كل عائلة سورية، ليحدد عدد أفرادها ويمنحها موادّ أساسية يفترض بأنها مدعومة بـ«الجودة والسعر» حكومياً استناداً لعدد أفراد الأسرة، ومتوفرة بكثرة في الصالات السورية للتجارة.
الدعم الإلكتروني في خطر!!
بيّن مدير عام المؤسسة السورية للتجارة «أن عدم وصول رسائل استلام المواد المقننة أحياناً أو تأخيرها سببه الرئيسي ضعف تغطية الجوالات في بعض المناطق وانقطاع الكهرباء».
أولاً: من المعروف عندما تُرسل الرسالة حتى وإن كان الهاتف الخليوي المرسل إليه مُغلقاً أو إن لم يكن هناك تغطية، فسوف يتم إرسال الرسالة على أية حال، وعند وصول الشبكة للهواتف أو يتم فتح الخط فسوف يقوم المُرسل إليه باستلام الرسالة، وبالنسبة للكهرباء ففترات التقنين الطويلة التي تلامس الـ 5 ساعات، فهناك مقابلها ساعة على الأقل لوصل الكهرباء.
ولهذا فإن التبرير الذي تتذرع به السورية للتجارة بمحاولة لتحميل هذه المسؤولية لشبكات الاتصال والكهرباء، ليس مقنعاً- فقد اعتبرت هذه الحجة الجديدة- مضحكة وغير مقبولة لدى المواطنين السوريين، فمن المفترض على الأقل الاعتذار عن عدم وصول مواد إلى صالات السورية للتجارة بسبب تأخر الرسائل، وليس القذف بالمسؤولية بشكل علني على المؤسسات الأخرى المقصرة بعملها.
التهرب من المسؤولية
نظام العمل بالبطاقة يقوم على مبدأ إرسال عدد من الرسائل الذي يفترض أن يتوافق مع الكميات الموجودة في الصالات التابعة للسورية للتجارة، مثلاً: إن كانت هناك كمية من المواد المدعومة تكفي لـ 50 أسرة، فستصل الرسائل لـ 50 أسرة مستحقة فقط!! ومن هنا نرى أن المشكلة تكمن في عدم توافر المواد المدعومة أصلاً، والكميات ليست كافية لتغطي جميع الأسر السورية.
والمشكلة الحقيقية، هي الفشل في توفير المواد المقننة لجميع الأسر السورية، وليست تلك الذرائع والحجج التي يُعلن عنها عبر الصحف والمواقع الإلكترونية عن انقطاع الكهرباء، وعدم وجود تغطية للشبكات الخليوي!!
فعملياً، عملية إرسال الرسائل هي بالأصل مرتبطة أولاً وآخراً بتوفر المواد ضمن الصالات افتراضاً، ويتم إرسال الرسائل أتوماتيكياً في حال توفرت المواد ضمن الصالات، وإدخالها على نظام البطاقة «الذكية»، التي تشرف عليها شركة «تكامل»، ومن هنا يكمن التقصير في مهام المسؤولين عن عمل المؤسسة السورية للتجارة، وليس بآلية عمل الرسائل، التي يحكمها «الذكاء»، الذي روجوا كثيراً له، وأسبغوا عليه من المحاسن والمبالغة في الذكاء ما ليس فيه في بعض الأحيان!
مشاكل مستعصية
شدد مدير عام للسورية للتجارة «على ضرورة ألّا ينتظر المواطن الذي لم تصله رسالة استلام المواد المقننة حتى آخر يوم باستلام المواد المقننة، وبأن عليه مراجعة أي مركز توزيع بعد أسبوع من طلب المواد المقننة للتأكد من أسباب عدم وصول رسالة الاستلام».
يُذكر أن مشروع «البطاقة الذكية» تم الإعلان عنه لتخفيف الازدحام المزمن أمام أبواب الصالات الاستهلاكية، وبالرغم من إصدار هذه البطاقة- خارقة الذكاء، فما زالت هنالك مشاكل تواجه المواطنين، منها:
مشكلة الطوابير، فقد تم الإعلان عن «البطاقة الذكية» من أجل التخلص من طوابير الانتظار الطويلة. فما زال المواطنون إلى اليوم هذا يضطرون لإهدار الكثير من الوقت أمام الصالات، ولكن ليس من أجل الحصول على مخصصاتهم من المواد المدعومة! بل هذه المرة من أجل مراجعة المراكز لعدم تلقيهم رسالة الاستلام، ومن أجل أن يتمكنوا من الحصول على مخصصاتهم!
توفير «الرز- السكر- الشاي» المدعوم عبر ما يسمى بالبطاقة الذكية طبعاً في حال «إن وجدوا في الصالات أساساً»، ولكن جعل أسعار هذه المواد المدعومة مرتفعة جداً في السوق السوداء استناداً لحاجة المواطنين الذين لا يمكنهم الحصول على هذه المواد بالذكاء الإلكتروني، كالطلاب المقيمين بعيداً عن أهاليهم، أو غير المتزوجين... إلخ.
المواد المدعومة- حقيقةً فهي مدعومة بالتصريحات فقط، لكن في الواقع فهي غير متوفرة بالصالات المخصصة لبيعها للأسف، مثل الادعاء عن توفر الزيت النباتي من النوع الجيد، ثم الحديث عن زيت القطن، ومع ذلك فهو غير متوفر!
ما الحل مع هكذا ذكاء؟!
هناك مشكلة مرعبة في الكهرباء تواجه سورية عموماً، ولدينا مشكلة حقيقية في شبكات الاتصال الخليوي وشبكة الإنترنت، وهو أمر مؤسف من كل بد، ومع هذه الحال أصبح المطلوب من المواطن أن يقوم بمراجعة الصالات والعودة للازدحام السابق، الذي لم يتم الانتهاء منه أساساً!
ومن هنا نرى أن «البطاقة الذكية» قد فشلت عملياً بالتخلص من الإجراءات الروتينية التي عانى منها المواطن السوري من أجل الحصول على مخصصاته من المواد المدعومة، بعبارة أخرى تم إنهاء وتجاوز الذكاء والالتفاف عليه، وبلا أدنى ذكاء!
فأين أصبح الذكاء والأذكياء وإبداعهم؟!
وهل هناك صعوبة فعلاً في زيادة عدد الصالات المخصصة لتوزيع وتسليم المواد المدعومة؟
أم هناك مشكلة في الكميات المتوفرة من المواد المدعومة، ويتم التذرع كل مرة بسبب ما للتهرب من هذه الحقيقة؟
أم أن العملية برمتها عبارة عن تهرّب من الدّعم، وتطفيش منه، بشكل مباشر وغير مباشر، بغاية الانتهاء منه بشكل كلي ونهائي لاحقاً؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1008