ضاحية المطار العمالية.. لا معلق ولا مطلق
عادت للسطح مجدداً مشكلة المنذرين بالإخلاء من مساكن الضاحية العمالية للعاملين في مطار دمشق، حيث تداولت بعض وسائل الإعلام هذه المشكلة، كذلك بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي.
المشكلة، القديمة المستجدة، ضحاياها الأساسيون المهددون بالإخلاء هم الذين سبق أن انتهت خدماتهم وأصبحوا متقاعدين، أو ذوو المتوفين من العاملين المستفيدين من هذه المساكن، مع استمرار حال تهديد أسر البقية الباقية من المستفيدين من هذه المساكن بالإخلاء، بحال تقاعدهم أو وفاتهم مستقبلاً، وهؤلاء بمجملهم بالمئات، ومع أفراد أسرهم هم بالآلاف.
مشكلة مزمنة دون حلول نهائية
المشكلة بكافة حيثياتها سبق أن طرحت منذ عقود، وقد تم توثيق مراسلاتها فيما بين وزارة النقل والاتحاد العام لنقابات العمال، ورئاسة مجلس الوزراء، حتى أصبح من المتعذر تعداد ما في ملفها من وثائق وثبوتيات وأوراق، ومع ذلك لم يتم حلها بشكل نهائي حتى تاريخه، بما ينصف العاملين المستفيدين من هذه المساكن وذويهم، أسوة بغيرهم من العاملين الذين استفادوا من السكن العمالي خلال العقود الماضية.
فقد تم التريث سابقاً بموضوع إخلاء أسرة العامل المتوفي والمحال إلى التقاعد، ريثما تتم معالجة الموضوع وصدور التعليمات بخصوصه، ثم صدر تعميم حكومي يقضي باستثناء حالتي التقاعد والوفاة من حالات الإخلاء، ومع ذلك فخطر الإخلاء ما زال ماثلاً أمام الشاغلين في هذه الضاحية، وقد انتقل إلى حيز الفعل بتوجيه الإنذارات بالإخلاء للبعض منهم مؤخراً.
النقل استثنت نفسها
بعض الشاغلين للسكن العمالي في الضاحية المذكورة أشاروا إلى أن شروط إشغالهم لهذه المساكن هي نفسها شروط إشغال السكن العمالي بكافة بنودها وحيثياتها، بغض النظر عمّن أشادها، من حيث الشريحة المستحقة والأولويات، وتوثيق عدم تملك أي سكن في الريف أو المدينة، أو بما يخص نسبة الاقتطاع من الأجر بنسبة 10% شهرياً، ومن حيث التكفل بالإصلاح والترميم، وقيمة استهلاك الماء والكهرباء، وغيرها من الشروط الأخرى، والبعض من هؤلاء هم شاغلون لهذه المساكن منذ تسعينات القرن الماضي، مع الإشارة إلى أن التزام هؤلاء بهذه الشروط طيلة السنوات الماضية منع عنهم الاستفادة من السكن العمالي وغيره، في مدينة دمشق وريفها، ما يعني أن مصيرهم هو قارعة الطريق في حال استمرار مشكلتهم، فلا ملاذ آخر لديهم!.
بالمقابل، تجدر الإشارة إلى أن الكثير من الجهات العامة كانت قد أصدرت قراراتها وتعليماتها الخاصة بتحويل الضواحي السكنية التي أشادتها للعاملين فيها من أموالها، من صيغة الإشغال المؤقت إلى صيغة التملك، وذلك على إثر صدور المرسوم الخاص بالمؤسسة العامة للإسكان ودورها على مستوى السكن العمالي، وإشادة الضواحي العمالية، حيث أصبح الشاغلون المؤقتون للمساكن في هذه الجهات مالكين لها وفقاً لبعض الشروط، باستثناء وزارة النقل، التي لم تقم بمثل هذا الإجراء حتى تاريخه، وما زال العاملون الشاغلون للمساكن في ضاحية المطار يعتبر إشغالهم مؤقتاً ارتباطاً باستمرارهم بعملهم، ما يعني استمرار تهديدهم مع أسرهم بالإخلاء، بحسب القوانين والقرارات والتعليمات النافذة، في حال الاستقالة والتقاعد والوفاة، وهو ما جرى ويجري حتى الآن.
الحل من الجذور
بغض النظر عن دور لجنة الاشراف على الضاحية، بما يخص مخالفاتها أو استثناءاتها، برغم أهمية ذلك، بما يخص الإنذارات أو عمليات الإخلاء واستبدال الشاغلين فيها خلال السنين الماضية، وهو ما يتم تسليط الضوء عليه ربما لإبعاد المشكلة عن جوهر حلها في بعض الأحيان، فإن أسّ الأمر بالنسبة للعاملين الشاغلين للمساكن في هذه الضاحية هو حل المشكلة من جذورها وبشكل نهائي، بما يعيد لهم حقهم المهدور منذ سنين، من خلال إصدار قرارات تخصيص وتملك لهم، مع تقسيط القيمة بحسب التعليمات الناظمة بهذا الخصوص، بالتعاون مع المؤسسة العامة للإسكان، وبما يتوافق مع دورها ومهامها، أسوة بكافة العاملين في كافة الضواحي العمالية المشادة، مع ما طرأ عليها من توسع طيلة عقود.
فوزارة النقل ما زالت تتعامل مع ملف هؤلاء الشاغلين كمن يختبئ خلف إصبعه، متمسكة بملكيتها لهذه الضاحية، ودون القيام بتوسعتها خلال السنين الماضية، حيث لم تلتزم كغيرها من الجهات العامة بنقل هذه الملكية، وبالتالي تخصيص عامليها بالمساكن التي يشغلوها، وهو ما يعتبر حقاً لهؤلاء كما غيرهم من العاملين الذين أصبحوا مالكين لمساكنهم العمالية.
فهل من يعيد الحقوق وينصف هؤلاء العاملين، أم إن الإخلاء وقارعة الطريق هو المصير المحتوم لهم ولأسرهم، إن عاجلاً أو آجلاً؟!
برسم رئاسة مجلس الوزراء- وزارة نقل- الاتحاد العام لنقابات العمال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1002