حكاية المواطن مع الأزمات وبرميل المازوت!؟
تستحق الأزمات المتوالية والمتعددة التي يعاني منها المواطن السوري منذ عقود- والتي تفاقمت خلال سنوات الأزمة العشر، والتي هي أطول من أي مسلسل مكسيكي، وخاصة السنة الأخيرة- الدخول في سجل غينيس للأرقام القياسية.
وحكاية حصول المواطن على برميل المازوت في طول المدة والمعاناة التي يعانيها من أجل ذلك.. تستحق أيضاً أن تصبح ضمن حكايات ألف ليلة وليلة، بسبب شهرياريي الفساد وما يمارسونه من نهبٍ واستغلال وغشٍ وتلذذ في تعذيب المواطن، وقتله من البرد.!
بداية الحكاية
تبدأ حكاية المواطن مع برميل المازوت من التسجيل خلال البطاقة الذكية، عبر دفعتين كل واحدة 200 لتر أي: برميل، وصاحب الحظ السعيد هو الذي حصل على الدفعة الأولى في السنة الماضية، ونسبة عالية لم يحصلوا عليها بسبب قلة التوزيع وكلفة البرميل المحددة بالتسعيرة الرسمية 36600 ليرة، وطبعاً يضطر المواطن مرغماً لدفع 40000 ليرة، أي: بزيادة 3400 ليرة، ناهيك عن عدم التعبئة للكمية كاملة بسبب التلاعب بالعدادات الذي لا يستطيع اكتشافه، والكمية التي تبقى في خرطوم التعبئة وهي ليست قليلة، وخاصة في البيوت الطابقية.
أما هذا العام فعلم حصولهم على البرميل عند ربهم وشركة المحروقات، لأنه إلى الآن لم تبدأ شركة تكامل بالتسجيل للدفعة الأولى، وتوزيع الدفعة الثانية من السنة الماضية ما زال محدوداً وإذا كان المواطن صاحب حظ سعيد، جاء دوره في هذا الشتاء لتعبئة الدفعة الثانية من السنة الماضية.
وعلى سبيل المثال: يتصل أحد الموزعين بالمواطن، فيطول بينهما أخذ ورد، بأن سيارة الموزع لا تستطيع الدخول للحارة أو الصعود أو في مناطق جبلية مثل: حي ركن الدين والمهاجرين والشيخ سعد ومزة 86 بحجج متعددة منها: أنّ المنطقة مرتفعة والسيارة بسبب كبر حجمها أو لعدم إرهاق المحرك، وإن استطاع إقناعهم حصل على برميل المازوت، وإن لم يستطع عليه أن يحضر بدونات مازوت فارغة وينزل بها إلى الأسفل، وهذا يتطلب استئجار «هونداية» في النزول والصعود، وهنا يتعرض أيضاً للابتزاز مرةً ثانية، وإن لم يفعل ذلك يؤجل دوره لفترةٍ أخرى لا تقل عن 10 أيام وتمتد إلى شهر وأكثر.
السر الخفي؟
رغم أننا دخلنا فترة البرد القارس في كوانين، إلاّ أن القلة القليلة من المواطنين هي التي حصلت على برميل المازوت، والمازوت الموزع يثير الشبهات، فلونه أسود ورائحته كريهة جداً قبل الاحتراق وأثنائه، ولزوجته عالية، فهو ليس كالمازوت المعروف السابق، والسؤال: ما سرّ ذلك؟
فحسب انعدام ثقة المواطن سواء بالمصدر ومسؤوليه أية شركة المحروقات، أو عدم ثقته بالموزعين حيث طال الفساد كل شيء، فهناك من يقول: إنه مخلوط فيول. والبعض الآخر يقول: إن بعض الموزعين يغشون ويخلطون المازوت بالزيت المحروق. وآخرون يقولون: إن سبب الرائحة الكريهة وتغير اللون واللزوجة كون المازوت كما يسمونه (داعشي) أي: إنه تكرير بدائي، وليست في مصافي الدولة، وخاصةً أن جلبه من المناطق الشرقية التي هي خارج سيطرة الدولة نتيجة تقاسم الحصص أو شراء تجار وأمراء الحرب والفساد له وتوريده لشركة محروقات..
وبين هذه الأقوال الثلاثة ما زال سر الرائحة الكريهة وتغير لون المازوت إلى السواد ولزوجته العالية غير معروف، لكن بجميع الأحوال المواطن هو الضحية.. ضحية النهب والاستغلال والفساد، وما ينتج عن نوعية هذا المازوت من أمراض.. وضحية البرد الذي يعانيه هو وأسرته، وخاصةً من النساء والأطفال وكبار السن..
حكاية بلا نهاية!
توته توته.. وما خلصت الحدوته.! لأن غالبية المواطنين ما زالوا دون مازوت التدفئة، وفترات الانتظار الطويلة، والتي يمكن أن ينتهي الشتاء ولا يأتي دور للمواطن الفقير المنهك.. والقصة لا تقتصر على العاصمة دمشق، بل إنها في الأرياف وبقية المحافظات أكبر بكثير، سواء في تخفيض الكمية إلى 100 لتر، أو في طول المدة، فألا تستحق لذلك أن تدخل سجل غينيس، أو أن تدخل ضمن حكايات ألف ليلة وليلة تقصها شهرزاد السورية من جور وظلم وقهر شهرياريي النهب والفساد؟
ولعل السؤال الأخير: متى تنتهي هذه الحكاية وبقية الحكايات الكثيرة من معاناة المواطن في الرز والسكر والغاز والخبز والنقل والسكن والصحة والتعليم والأزمات المتعمدة و.. و.. والتي كلها تنتهك كرامة الوطن والمواطن من قبل قوى النهب والفساد وأمراء الحرب..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1001