الوباء خطير ومستمر..  والحكومة تعول على الثقة بالمواطنين!
سمير علي سمير علي

الوباء خطير ومستمر.. والحكومة تعول على الثقة بالمواطنين!

تؤكد وزارة الصحة، ببياناتها وعبر موقعها وصفحتها الرسمية، على التباعد الاجتماعي وعلى إجراءات الحجر الطوعي، وكأنها لا تخاطب المواطنين فقط، بل وكأنها في تعارض مع توجهات الحكومة، التي كسرت كل هذه إجراءات العزل والوقائية والاحتراز من الوباء الخطير.

بالمقابل، تظهر الحكومة وكأنها غير معنية بسلامة المواطنين، بل وتحملهم مسؤولية أخطار انتشار الوباء من خلال تأكيدها مراراً وتكراراً على الثقة بهم من أجل استمرارهم بإجراءات الحجر الطوعي، في الوقت الذي أعادت فيه غالبية الأنشطة الاقتصادية للعمل، مفسحة المجال أمام المزيد من أشكال الازدحام الشديد.

تحذير الصحة والتفلت الحكومي

ما زالت وزارة الصحة تحذر من الوباء، فقد ورد عبر صفحتها الرسمية بتاريخ 14/5/2020 ما يلي: «تناشد وزارة الصحة الأخوة المواطنين بضرورة عدم التهاون بتعليمات التباعد الجسدي وقواعد النظافة والسعال والعطاس وعدم خروج المسنين والمرضى المزمنين من المنزل وتواجدهم في الأماكن المزدحمة إلا للضرورة».
كما تستمر تحذيرات منظمة الصحة العالمية من تخفيف إجراءات الوقاية والعزل الاجتماعي، باعتبار ان خطر الوباء ما زال قائماً، بل وما زالت مؤشراته العامة بارتفاع، فقد حذرت منظمة الصحة العالمية، عبر المتحدثة باسم المنظمة بتاريخ 15/5/2020، من أن «جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» لم تبلغ بعد أسوأ مراحلها، مرجحة أن العدوى ستستمر في نشر الفوضى بين الناس»، وذلك بحسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام.
بالمقابل، فقد كان آخر قرار حكومي بهذا الصدد يتضمن: «إلغاء حظر التنقل المفروض بين المحافظات، اعتباراً من صباح يوم الثلاثاء الموافق 19 أيار ولغاية 30 منه، ومع الالتزام بحظر التجول الليلي»، وهو ما يعتبر خارجاً عن المنطق.
فواقع الحال يقول: إن الازدحام خلال ساعات النهار، بعد قرارات التخفيف من إجراءات العزل والحظر، يتجاوز كل حدود الوقاية والاحتراز، بل إن بؤر الازدحام من السهل اعتبارها بؤراً لانتشار كافة الأمراض، وليس الكورونا فقط!.

غياب السبب الصحي

جرى تناول فكرة «استمرار الحظر الليلي» على ألسنة المواطنين بشكل تهكمي من خلال بعض العبارات، مثل: «يعني الكورونا بنام بالنهار وبفيق بالليل»، أو: «طيب ليش الحكومة بتقدر تحجر ع الكورونا بالنهار، بس صعب عليها بالليل؟»، وغيرها من العبارات التهكمية الأخرى.
ولعل الأكثر قرباً للقبول المنطقي في استمرار هذا الإجراء، فهو أن الاستمرار بالحظر المسائي والليلي أسبابه ليست صحية بحتة، بدليل تخفيف الاجراءات بشكل كبير نهاراً، وقد تكون لأسباب وغايات أخرى، فما هي هذه الأسباب ولماذا؟ فهو بعهدة الحكومة صاحبة القرار والمتمسكة به!.

إمكانات متواضعة

يعتبر النظام الصحي لدينا من الأنظمة الصحية المتواضعة، بل والضعيفة بحسب تقييم منظمة الصحة العالمية، وواقع الحال يقول: إن وزارة الصحة ما زالت تسجل المزيد من أعداد المصابين، برغم قلتها ومحدودية أماكن رصدها، كما تقوم بإجراءات الحجر على بعض الحالات المشكوك بها، حيث يصار إلى حجر الحالات المصابة بغاية الاستشفاء، والحالات المشتبه بها للتأكد من الإصابة من عدمها.
لكن حتى في أماكن الحجر يبدو أن الإجراءات الخاصة بالوقاية فيها دون المستوى المطلوب، ولعل ما تم تسريبه وتوثيقه مؤخراً من أحاديث وصور، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتداولته بعض وسائل الاعلام، مثالاً صغيراً عن ذلك.
والسؤال الهام بعد كل ذلك: هل يكفي التعويل على الثقة بالمواطن من أجل الالتزام بإجراءات العزل الاجتماعي والحجر الطوعي، لدرء مخاطر انتشار الوباء، بعد كل قرارات التخفيف من إجراءات العزل والحظر؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
966
آخر تعديل على الأربعاء, 20 أيار 2020 14:03