حكومة النّوائب في بلاد العجائب
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

حكومة النّوائب في بلاد العجائب

يقول الراوي: يا سادة يا كرام، أن وباءً انتشر وعمّ كل البلاد، وبدأ يفتك بالعباد، فاتُخذت الاحتياطات بمنع التجمعات والاختلاطات، ومُنعت الأسفار لدرء الأخطار، واستُنفرت أطقم المشافي وبُني بعضها في الفيافي.

يقول الراوي: إن بلد العجائب، التي تكاثرت فيها الكوارث والمصائب والنّوائب، لم تكن بمنأى عن المرض العضال، الذي جال بقية البلدان وصال. فقد أصدرت حكومتها قراراتها بالحظر، وتعليماتها الخاصة بالحجر. وعُممت البلاغات بالنواهي والمقبولات، وفي ظل المحسوبية والوساطات كان لا بد من الاستثناءات.
ويحدثنا الراوي: أن حكومة البلاد لجأت في حلّ بعض مشاكل العباد العصية إلى بطاقتها الذكية، التي لم تسلم من الانتقادات، ولم تحد من السمسرة والفساد والسرقات.
فالأزمة المعهودة عن الغاز، صارت حُزيرة وألغاز، بانتظار رسائل الذكاء الموعودة. والغذائيات المدعومة، كانت في الصالات معدومة. ففي مؤسستها للتجارة تتفشى المحسوبية والشطارة، زحمة وتدفيش وذل وتطفيش، فكميات الرز والسكر والزيت غير كافية، ويجب عليك يا شطور الوقوف مرة ثانية في الطابور!
وعن الازدحام على الصرافات فمثل الحشر يوم عرفات، فلا حلّ لها إلا النوم بالفلا، أو المرمطة في البرد وتحت الشمس والمطر، بلا شمسية أو غطى! وآخر ما حرر مشكلة الازدحام على الأفران، التي تشبه البحث عن الطاسة المفقودة في الحمام، والحلّ كان عن طريق البطاقة الذكية التي لم تعبر بزور الناس لا بميزان ولا بقبان.
يضيف الراوي: يا كرام إنّ المواطن يا حسرة، يرى البضائع أكوام وأن الاستغلال وصل حدّ الإجرام، فجيوبه خاوية والأسعار نار حارقة وكاوية، فسعر رأسين من الثوم بألف وكل شيء شلف بشلف، وفوق ذلك الرقابة غائبة والأسواق سائبة. ولم يعد هناك «مخبى ومستور» فكله على عينك يا تاجر لا إحم ولا قانون ولا دستور.
الغني أصابته التخمة والفقير نسي الفاكهة واللحمة، وفوقها يُبرر التاجر النهب والاستغلال، بقوله: إن الربح مشروع وحلال، وبشهادة الحكومة وأولي الأمر ذلال!
يقول الراوي: إن حكومة العجائب لاهم ولا غم، ما زالت نائمة في العسل، والناس تبحث عن فحل بصل. فإياك ثم إياك أيها المواطن أن تشتكي وتتذمر من معيشتك العجبة، فحكومتك سقفت جوعك بأقل من رغيف في الوجبة، وشعارها بهذه المرحلة يقول: «خليك ببيتك لو من الجوع والمرض بتموت، أولتك وآخرتك كفن وقبر وتابوت».
ولم يغفل الراوي في الختام، تنبيه السارقين والفاسدين واللئام، من أن حال الغضب والاحتقان، وصل عند الناس إلى الغليان، فإذا ما انفجروا مجدداً يا لطيف، فمصير هؤلاء المحاسبة والمحاكمة والتصريف!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
961