اللاجئون السوريون.. الكورونا معاناة إضافية
أتت جائحة الكورونا لتزيد من معاناة اللاجئين السوريين في دول اللجوء، وخاصة في دول الجوار (الأردن- لبنان- تركيا) حيث المخيمات التي تكتظ بهؤلاء في شروط تعتبر سلفاً غير صحية وغير قابلة للعيش.
فإذا كانت الأنظمة الصحية في الدول الأوروبية التي تعتبر غنية قد ظهرت هشة أمام استحقاقات مواجهة الجائحة، وظهرت بعض نتائج هذه الهشاشة على مواطنيها كما على اللاجئين فيها أو على حدودها، فكيف الحال بالأنظمة الصحية في الدول الفقيرة والضعيفة، ومنها بعض دول الجوار التي تضم الأعداد الكبيرة من اللاجئين، أمام هذه الاستحقاقات؟!.
لقد «حذرت عدة منظمات تعمل في مجال إغاثة ودعم اللاجئين من الآثار الكارثية على مخيمات اللاجئين إذا انتشر فيروس كورونا بين من يقيمون فيها». وذلك بحسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام.
في لبنان من سيء لأسوأ
قالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان عن وضع اللاجئين السوريين هناك، بتاريخ 10/4/2020، أن: «وضع اللاجئين، كان قد تأثر بشدة مع الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، وتفاقم أكثر بسبب الحجر المتعلق بكوفيد-19. فالوضع له تأثير شديد على وصول اللاجئين إلى سبل العيش والمعنويات والقدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل: الإيجار والطعام والأدوية، كما هو الحال بالنسبة للمجتمعات اللبنانية الأكثر ضعفاً».
وبعد تأكيدها: «إنه لا إصابات بـ«كورونا» في أوساط اللاجئين في لبنان». أضافت: «نحن بصدد تطوير إجراءات للعزل إذا ظهرت أية حالة في مخيمات اللاجئين العشوائية أو الملاجئ الجماعية، حيث يعيش اللاجئون بالقرب من بعضهم البعض أو بأعداد أكبر، وكذلك بالنسبة للحالات التي تتطلب دخول المستشفى، ومن أجل عدم الضغط على العدد الحالي المحدود من الأسرة في المستشفيات، فإننا ننشئ قدرة إضافية».
بالمقابل، وبحسب بعض وسائل الإعلام، فقد: «نددت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، بإجراءات وصفتها بـ«التمييزية»، وقالت: إن بلديات لبنانية تتخذها بحقّ اللاجئين السوريين، وذلك في إطار جهود مواجهة جائحة كورونا». وذلك بتاريخ 2/4/2020.
والنتيجة، أن وضع اللاجئين السوريين في لبنان من سيء لأسوأ، وخاصة على المستوى المعيشي الذي أصبح أكثر تردياً، ولعل حادثة حرق أحد اللاجئين السوريين نفسه هناك، بغض النظر عن كل ما قيل حولها وعن ملابساتها، تعتبر دليلاً فاقعاً عمّا آل إليه وضع هؤلاء هناك.
في الأردن ليسوا أفضل حالاً!
أصدرت السلطات الأردنية بتاريخ 15/3/2020 قراراً يقضي «بعزل جميع مخيمات اللاجئين السوريين في البلاد، في إطار الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا»، وبحسب بيان وزارة الداخلية الأردنية فإن القرار يأتي «حرصاً على سلامتهم وتفادياً لأية أخطار قد تهدد صحتهم وتماشياً مع أعلى المعايير الصحية المتبعة في هذا الخصوص».
بالمقابل، أكد المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن أن: «المفوضية وتماشياً مع توصيات الحكومة الأردنية وحرصاً على حماية اللاجئين وموظفيها، قررت تعليق المراجعات والمقابلات كافة مع اللاجئين بشكل مؤقت في مراكز التسجيل ومكاتب المفوضية».
ولعل المعاناة المتزايدة للاجئين السوريين في مخيم الزعتري مثالٌ عن واقع هؤلاء، فهؤلاء سلفاً منسيون بعزلتهم وعوزهم، فكيف مع الإجراءات الإضافية بالعزل، ومع قرار تعليق المراجعات والمقابلات في مكاتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن؟!.
تركيا وغياب المنظمات الدولية
زادت السلطات التركية من إجراءاتها الاحترازية في إطار مكافحة فيروس كورونا الجديد في المناطق الأكثر كثافة باللاجئين السوريين، وخاصة في المناطق الجنوبية التي تضم العدد الأكبر من هؤلاء، بالإضافة للقيود المشددة على التجول بما يخص هؤلاء، فقد خسر الكثير من هؤلاء أعمالهم ومصادر رزقهم، وخاصة العمالة غير المسجلة لدى السلطات التركية والتي يتم اعتبارها عمالة غير شرعية، وهؤلاء الأكثر عرضة للاستغلال سابقاً، والأكثر تضرراً من الإجراءات الاحترازية الآن، يضاف إلى هؤلاء طبعاً الموجودون على الحدود الأوروبية.
ويسجل بهذا الصدد الغياب شبه التام للمنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين السوريين في تركيا، فأمرهم متروك غالباً لما تتمخض عنه البازارات السياسية باسم «الإنسانية» بين السلطات التركية والدولية عموماً، والأوروبية بشكل خاص.
المساعدات والبازارات
كانت وما زالت تُساق الكثير من الذرائع من قبل الدول التي يتواجد فيها اللاجئون السوريون، وخاصة دول الجوار، بشأن الإنفاق على هؤلاء بالمقارنة مع التمويل الذي تتلقاه باسمهم من المنظمات الدولية المعنية، وذلك تبريراً لأوضاع هؤلاء المتردية والسيئة.
وقد تزايدت هذه الذرائع مع جائحة الكورونا المستجدة، علماً أن هذه الدول استثمرت بهذا الملف، سياسياً وأمنياً، بما فيه الكفاية طيلة السنوات الماضية، مقابل استمرار تقديم المساعدات لها، سواء من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أو من قبل المفوضية الأوروبية، بالإضافة للكثير من المنظمات الدولية والمحلية الأخرى.
فقد صدر بيان عن المفوضية الأوروبية بتاريخ 31/3/2020 يتضمن إعلان الاتحاد الأوروبي عن «تقديم مساعدات إضافية بقيمة 240 مليون يورو، ما يعادل 263,3 مليون دولار، للاجئين السوريين الذين يعيشون في كل من (العراق والأردن ولبنان) مع الإشارة إلى أن: «هذه الأموال ستساعد في مواجهة تفشي فيروس كورونا». وبأن: «هذه الأموال ستخصص لمجالات، مثل: المساعدة الاجتماعية والصحة والتعليم وحماية الأطفال»، مع التوضيح أن: «هذه الأموال ترفع إجمالي حجم المساعدات الإقليمية للاجئين إلى أكثر من ملياري يورو».
وقد استثنى البيان «الأموال المقدمة إلى تركيا»، الأمر الذي يعزز ويؤكد على أن ملف اللاجئين السوريين هناك ما زال موضع للمبازرة بين الطرفين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك لا يعني أن تركيا لم تُخصص بأموال مساعدة إضافية باسم هؤلاء.
تواطؤ إعلامي أيضاً
واقع الحال بالنتيجة يقول: إن وضع اللاجئين السوريين من سيئ إلى أسوأ على كافة المستويات، وقد أتت جائحة الكورونا لتزيد من بؤس هؤلاء في أماكن تواجدهم، يضاف إلى ذلك أن الكثير من وسائل الإعلام أصبحت أكثر تغيباً عن رصد أوضاع هؤلاء البائسة في ظروف الجائحة الحالية ونتائجها المباشرة وغير المباشرة عليهم، في تواطؤ مباشر مع المستثمرين بهذا الملف، وهو أمر ليس بجديد.
فإن ملف اللاجئين السوريين عموماً سيبقى موضع الاستثمار السياسي والأمني من قبل كل القوى الفاعلة والمؤثرة والمستفيدة منه، دولاً ومنظمات ووسائل إعلام، بغض النظر عن كونه ملفاً ذا طابع إنساني أولاً وآخراً، وذلك إلى حين الوصول للحل السياسي الناجز والشامل، الذي سيضع هذا الملف، وغيره من ملفات الكارثة الإنسانية التي يعيشها السوريون قاطبة، موضع الحل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 961