الحمضيات والمهرجانات
سمير علي سمير علي

الحمضيات والمهرجانات

ما زال نمط التعالي الرسمي على الكارثة التي تلحق بمزارعي الحمضيات كل موسم هو السائد، مع الكثير من الوعود الخلبية التي تُحصد نتائحها على شكل خسارات متتالية يتكبدها الفلاحون.

آخر ما حرر بشأن الحمضيات رسمياً هو انطلاق ما سمي بـ«مهرجان الحمضيات» والذي أقيم في المتحف الوطني في اللاذقية بتاريخ 12/12/2019، بالتعاون مع وزارة الزراعة وغرفتي التجارة والصناعة في اللاذقية وطرطوس، وقد شكل بحسب وكالة سانا «تظاهرة اقتصادية وتجارية مهمة باعتباره منصَّةً للتعريف بالحمضيات السورية التي تتمتع بمواصفات متميزة».

مزيد من الوعود والقيود

كأن المهرجانات والكرنفالات السيّارة هي ما تنقص الفلاحين، وهي التي ستحل مشاكلهم المزمنة مع فائض الإنتاج السنوي في ظل الاستمرار بنفس أنماط التسويق، المحلّي والخارجي.
فقد تضمن المهرجان، بحسب سانا، «عرضاً لكل أنواع الحمضيات وأصنافها بهدف الترويج لهذا المنتج والتعريف به من أجل تسويقه داخلياً وخارجياً، إضافة إلى فعاليات أخرى منها كرنفال سيّار في أرجاء شوارع المدينة».
وعن جديد الوعود خلال مجريات «المهرجان» فقد كان على لسان مدير عام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات، والذي كشف «أنه خلال الأيام القليلة القادمة ستكون هناك مناقشة لآلية جديدة قدمتها الهيئة لدعم إنتاج وتسويق الحمضيات ستنعكس إيجابياً على المزارع والشركات التصديرية».
أي مزيد من النقاش والتدارس، الذي يبدأ، ولا أحد يعلم متى ينتهي، فقد سبق وأن تم التدارس لأكثر من مرة وعلى مدى سنين طويلة ماضية، وعلى كافة المستويات الرسمية، لكن دون جدوى حتى الآن!.
وقد كان لافتاً مشاركة شركة «غلوبال غاب» الإيطالية، وهي بحسب سانا «تمنح شهادات الزراعة العضوية للمنتج الطبيعي»، والهدف من مشاركتها بحسب أحد مفتشيها «تعريف المزارعين ومراكز الفرز والتوضيب بالشركة التي تم ترخيصها في سورية والتعريف بشهاداتها التي تمنحها، والتي تعتبر جواز عبور للمنتج السوري إلى العالمية».
وكأنَّ المزارعين تنقصهم جهة متحكمة جديدة بآليات التسويق الداخلي والخارجي، وهذه المرة شركة أجنبية، والتي تم اعتبار شهادتها «جواز عبور» أيضاً!، أي ربما لن تكون إلّا قيداً جديداً على مُزارع الحمضيات، باعتبار الشهادة الممنوحة مرتبطة بالكثير من الشروط.

واقع رقمي قديم جديد

عن المعلومات التي رشحت خلال المهرجان، فقد وضح مدير زراعة اللاذقية: «أنَّ الحمضيات تشكل مصدر دخل رئيس لأكثر من 45 ألف أسرة في المحافظة، حيث يقدر إنتاج اللاذقية لهذا العام 800 ألف طن».
على المقلب الآخر، وفي حديث رسمي لمدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي نقل عبر إحدى الصحف شبه الرسمية بتاريخ 19/12/2019، قال فيه: «إن الإنتاج السنوي من الحمضيات يتجاوز المليون طن، ولا يتجاوز الاستهلاك المحلي منه النصف، فيما يكون مصير الكميات المتبقية الهدر والتلف».. مبيناً: «إمكانية الاستفادة من الإنتاج في تحقيق عائدات قد تصل إلى مليارات، في حال تم استغلال الموضوع بشكل حيوي وجرى توسيع دائرة التصدير لأكثر من دولة» موضحاً: «إن كلفة إنتاج كيلو الحمضيات على الشجرة 35 ليرة فقط، وتعتبر أقل كلفة عالمياً، بينما تذهب التكاليف الكبيرة إلى أجور النقل والتوضيب والعبوات واليد العاملة بالقطاف وأجور المشاغل ورسوم الشحن والتخليص وغيرها».

الخسائر مستمرة ومعمل العصائر مُغيب

موسم القطاف بدأ، وقد شارف على نهاياته، بالمقابل فإن أشكال التسويق ما زالت على ماهي عليه، حيث يحصد الفلاح الخسائر بنتيجتها، أما الحديث عن وعود التسويق المستقبلية فهي رهن من الناحية العملية بشهادة الشركات الأجنبية التي دخلت على خطوط التسويق بشكل رسمي مؤخراً، علماً أنّ غايتها الأولى والأخيرة هي جني الأرباح من حمضياتنا وعلى حساب فلاحينا وإنتاجنا، أما الغائب عن المهرجان، كما عن كل التوجيهات والتوجهات الرسمية، فهو الحديث عن معامل العصائر وصولاً إلى تنفيذها ووضعها بالاستثمار، على الرغم من إدراك الجميع ألّا حل لمشكلة فائض الحمضيات السنوي إلا من خلالها، ووحدها من يمكن الاعتماد عليها لتحقيق المليارات من العائدات التي تم التنويه عنها.
ولعل الحديث عن الكلف الواردة أعلاه يعتبر أحد مؤشرات الغبن والاستغلال الذي يتعرض له مزارعو الحمضيات، وما سيلحق بهم بنتيجة هذا الموسم من أضرار إضافية تماماً كما كل موسم، ومن المتوقع أن نشهد المزيد من قطع أشجار الحمضيات بنهايته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
945
آخر تعديل على الإثنين, 23 كانون1/ديسمبر 2019 13:52