الجامعات الخاصة واستغلال الطلاب المتزايد
بسبب سني الحرب والأوضاع الأمنية، انتقل مركز تجمّع منطقة غباغب للجامعات الخاصة إلى دمشق في مناطق متفرقة لعددٍ من السنين منذ 2012، أما الآن، وبعد انتهاء الحرب في قسم كبير من البلاد، وتحديداً في تلك المنطقة، بدأت كليات هذه الجامعات بالعودة إلى مناطقها الأساسية تباعاً منذ بداية الفصل الأول الدراسي من هذا العام، ويعود معها استثمارها الجائر للطلاب عبر مختلف الأدوات.
فعلى الرغم من انتهاء المخاطر الأمنية التي كانت سبباً رئيساً في هذا النقل، إلا أن هذه الجامعات لا ترى الجانب المعيشي بترديه وانحداره اليوم إلا فيما يتعلق بربحها الخاص، والذي تقلّص خلال السنين الماضية، لتعود الآن متحدّية كل هذه الأوضاع الاقتصادية الخانقة على السوريين ومن بينهم طلابها، بالعودة إلى غباغب دون تقديم أية تسهيلات لطلابها في هذا الأمر.
استثمارات على الطلاب
من جهة، وبمجرد إعلان الجامعة العربية الدولية الخاصة AIU، والجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا IUST، عن بدء عودتهما إلى غباغب، قامتا بفتح باب الاستثمارات التجارية داخل منشآتهم عبر المناقصات، من محال أغذية وأطعمة وقرطاسية ومقاصف الخ، واضعتين الطلاب تحت رحمة هذه المحال والاستثمارات بتسعير خدماتها وما تقدمانه من مواد، في منطقة لا وجود فيها لأيّ من المنافسين، لتكون صفتها احتكارية، استغلالاً للظروف والطلاب بالنتيجة...
ففي حين كانت هذه الجامعات في دمشق، اعتاد الطلاب شراء ما يلزمهم من المحال التجارية العامة في المدينة بفترة الدوام، أما الآن، فلم يعد لدى الطلاب أية خيارات سوى هذه المحال المحددة والمعدودة، ليصبح مثلاً سعر سندويشة دجاج واحدة يتراوح ما بين 1500 إلى 2000 ليرة، ومن لا يعجبه لا يشتري ويبقى جائعاً.. فلا رقابة ولا محاسبة!.
استغلال المواصلات
من جهة أخرى، وبسبب بعد المنطقة عن دمشق، التي تشكل غالبية طلاب هذه الجامعات، يضطر هؤلاء إلى التسجيل بالباصات المخصصة من قِبل هذه الجامعات، فبالإضافة إلى رسوم التسجيل السنوية الباهظة، قد وُضع رسم الاشتراك لهذه المواصلات بنحو 180 ألف ليرة للفصل الواحد، ويقول أحد الطلاب ساخراً «الباص الواحد بجيب للجامعة 8 ملايين بالفصل.. قررت أشتري أسهم بالجامعة واترك الدراسة»، علماً بأن أجزاء عدة من دمشق لا يشملها خط سير الباصات، فيضطر الطلاب رغم هذا الرسم أيضاً، إلى دفع تكاليف إضافية تنقلهم من منطقة سكنهم إلى نقطة عبور أحد هذه الباصات، كحال منطقة ركن الدين والتي يذهب الطلاب منها إلى نقطة الجسر الأبيض.. وهذا فضلاً عن حدوث حالات متكررة من تعطّل هذه الباصات، ويقول أحد الطلاب «مالنا دافعين 180 ألف لحتى نتشنطط ونحط فوقهم أجار تكسي!».
سوء الخدمات
أما على المستوى الخدمي، فيعاني الطلاب من سوء التدفئة وقلّة مقاعد الجلوس، يقول أحدهم «يعني الواحد ما بيعرف شو بدو يحكي.. الكراسي مكسورة وسنادات مخلوعة والمكيفات على توكل»، بالإضافة إلى عدم وجود إضاءة في عدد من قاعات وغرف الجامعات هناك، مما دفع أحد الطلاب إلى طرح فكرة «نعمل لمّة أنا والطلاب ونجيب نيونات وستارترات وبروجكترات لكليتنا وخلصت.. رح يخلص الفصل ولسا أضوية ما عنا».
أي إن القائمين على إدارة هذه الجامعات لم يستكملوا إعادة تأهيل البنى التحتية فيها، توفيراً أو تأجيلاً وتسويفاً، وطبعاً ذلك على حساب سير العملية التعليمية نفسها، ناهيك عن انعكاساتها على الطلاب بالنتيجة.
ضعف الكادر التدريسي
بالإضافة إلى كل ما سبق، تعاني هذه الجامعات من قلة وضعف في الكادر التدريسي، ففي الوقت الذي كان فيه لكل مادة، ولكل جزء منها، نظري أو عملي، دكتور خاص بها بحسب ما هو مفترض، أصبح من السائد اليوم أن دكتور واحد يُعطي المادة بجزأيها النظري والعملي، فضلاً عن إعطائة مواد أخرى ببعض الحالات، لتغطية النقص، مما يقلل من كفاءة المادة المعطاة بسبب الضغط بطبيعة الحال.
لكن ورغم كل هذه الأمور، بادرت الAIU مثلاً بفتح قسمٍ جديدٍ للفنون المسرحية، وتُقبل على افتتاح قسم للفنون السينمائية، في الوقت الذي تعاني فيه خدماتها وباصاتها وكادرها التدريسي من سوء وأعطال ونقص و..
الغاية الربح
في الحقيقة، لا تُعنى هذه الجامعات الخاصة بأوضاع طلابها إلا بحدود الدعاية والترويج لنفسها بالمقارنة مع الجامعات العامة وظروفها، حيث هذه الأخيرة تزداد سوءاً مع مرور الوقت لصالح الخصخصة تلك، أكان على مستوى الطلاب أم الكادر التدريسي، أم الجانب العلمي والفني والتخصصي، ليبقى جُل ما يعنيهم هو مدى الربح من جيوب الطلاب واستنزافهم مع ذويهم لأقصى الحدود الممكنة، بدءاً من التسجيل السنوي، وليس انتهاءً بلباس التخرُّج الذي توضع عليه غرامة في حال تأخير تسليمه من قبل الطلاب، علماً بأن رسم تأمين الثوب قُبيل إعطائه للطالب هو 25 ألفاً..
والحسابة بتحسب..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 943